31-أكتوبر-2020

تعديل الدستور أثار جدلًا واسعًا وسط الأحزاب السياسية في الجزائر ( الأناضول)

"لقد استلمنا المشعل يا سي عبد القادر" ، هكذا عنون عبد الرزاق مقري مقالًا ينعي فيه المرحوم عبد القادر حجّار، وبدا جليًا أن التعزية جاءت بالتزامن مع التصعيد  الكلامي الأخير للتيار الإخواني في الجزائر. تصعيدٌ  يرفض ضمنيًا دسترة اللغة الأمازيغية، ويعتبره تنازلًا لصالح التيّار العلماني، وهو ما لا ينسجم مع خطاباته السابقة، حيث كان الموقف أثناء عضوية التيّار  ضمن التحالف الرئاسي فترة حكم بوتفليقة، هو مسارعة إطارات الحزب حينها الى تبني البعد الأمازيغي ضمن الهويّة الوطنية، ولم تبد معارضة شديدة لخيارات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، سوى التحفّظ على المسائل التقنية التي تتعلّق بالحروف المعتمدة ورفض الحرف اللاتيني.

هل شعرت حركة "حمس" أن الفريق الرئاسي الحالي يحاول إبعادها لصالح حزب سياسي

لكن الواضح أن الحسابات السياسية غيرت الموقف إلى النقيض مؤخّرًا، فهل هو إحساس بطعن السلطة؟ هل شعرت الحركة أن الفريق الرئاسي الحالي يحاول إبعادها لصالح حزب سياسي آخر أقرب فكريًا وإيديولوجيًا من جماعة الإخوان؟

اقرأ/ي أيضًا: أزمة الإسلام في فرنسا أم أزمة فرنسا؟

يُعد اختيار شخصية "إسلاموية" على رأس السلطة التشريعية خارجًا عن إطار حركة "حمس" التنظيمي والأيديولوجي طعنة في الظهر، فهي تعتبر نفسها الأقرب إلى المنصب، وهذا بحكم مشاركتها في أغلب خيارات النظام السياسي، وهل أغضب التقارب بين دوائر في السلطة وحركة البناء بقيادة بن قرينة جماعة عبد الرزاق مقري؟

يأتي كل هذا في سياق الصراع حول شرعية التمثيل التنظيم الإخواني في الجزائر، وهو الملف المسكوت عنه، والصراع على المكاسب ورصيد التاريخي والفكري للإخوان، الصراع اليوم قائم بين تيار يمثله مقري و جماعة بن قرينة، كما استطاعت "حركة البناء" بقيادة بن هذا الأخير من توسيع قاعدها واستمالة فئة اجتماعية واسعة من التيار المحافظ، خاصّة في الجنوب الجزائري.

من جهتها، تعرّضت حركة "حمس" إلى انتكاسة سياسية على مستوى انسجام موقفها الرافض للدستور، حيث تم تعيين النائب السابق للحركة الهاشمي جعبوب وزيرًا للعمل والضمان الاجتماعي، دون استشارة أو موافقة مجلس الشورى للحزب، إضافة إلى انخراط الرئيس السابق أبو جرة سلطاني في أداء دور جديد في الدعاية والدفاع عن مواد الدستور الجديد، إذ اتخذ فريق أبو جرة المتكون من عبد الرحمن سعيدي ومصطفى بن بادة والهاشمي جعبوب وغيرهم، خط الراحل محفوظ نحناح، النازع إلى منهجية المطالبة والمغالبة بدل المصارعة والخصومة، وهي خطة أكسبت الحركة تجربة سياسية جديدة كونت لدى أنصارها ثقافة الدولة، بينما يرى الفريق الثاني رأى أن  الانضمام والمشاركة في السلطة كانا على حساب شعبيتها. 

يرى مراقبون إذن، أن التعيينات الأخيرة قد كشفت عن هشاشة موقف حمس سياسيًا، وضعف الانسجام والانضباط الحزبي، أو هذا ما يبدو عليه المشهد على الأقل، في ظل التحفظ والالتزام الصمت عند القيادات الإخوانية. 

من جانبه، جاء نعي عبد الرزاق مقري لعبد القادر حجار، ليرفع الستار عن استراتيجية الحزب في البحث عن تموقعات جديدة، واستقطاب وعاء انتخابي خارج إطار مناصريه وقواعده التقليدية، فجاء التأكيد على "عروبة أرض الجزائر" وتجريم استعمال اللغة الفرنسية في الإدارة العمومية، ورفع سقف المطالب بجعل الشريعة الإسلامية مصدرًا من المصادر الأساسية في التشريع.

جاءت القراءة الأيديولوجية للدستور من طرف "حركة مجتمع السلم" في سياق تجاذباتٍ هواياتية صنعها العالم الافتراضي

على العموم، جاءت القراءة الأيديولوجية للدستور من طرف "حركة مجتمع السلم" في سياق تجاذباتٍ هواياتية صنعها العالم الافتراضي وسقطت فيه الحركة، إضافة إلى استشعارٍ قوي بفقدان المركزية الإخوانية والخروج عن خط القيادي الراحل محفوظ نحناح بالانضمام إلى تيارٍ رفع مشعلًا تركه المرحوم عبد القادر حجار.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

رصيد من الاعتزاز بالفشل.. متى نؤمن بالمراجعة؟

بنجامين ستورا: ماكرون يريد تسوية ملف الذاكرة مع الجزائر