من يحتضن الشّباب في الجزائر؟
21 أكتوبر 2018
أشتغل هذه الأيّام مع شبابٍ من "جمعية نوميديا الثّقافية" في برج بوعريريج، يلتقون عشيّةً في المقهى، فيفرغ كلُّ واحدٍ منهم جيبه الفقير أصلًا، إذ فيهم الجامعيّ البطّال الذي خانه التّشغيل والجامعيّ الدّارس الذي خانته المنحة والجامعيّ الخدّام في حانوت يمصّ الدّماء ولا يملأ الأمعاء، لا ليشتروا حشيشًا أو مشروبًا روحيًّا كما يفعل قطاع واسع من أترابهم في المدينة، أو ليتعشّوا في مطعم فاخر، بل ليسدّوا حاجة من حاجات أحد مشاريع الجمعية.
ماذا لو تفتح الحكومة الجزائرية الحدود، بحيث تصبح الهجرة إلى الخارج متاحة لمن يرغب فيها، من سيبقى في البلاد؟
إنّ فيهم من يؤجّل شراء سروال أو نقّال أو تحليقة أو سفرية بسبب إنفاقه على "المقهى الثقافي" مثلًا، أحد المشاريع التي أطلقوها وأحدثوا بها حراكًا لافتًا. ويجد سعادةً غامرةً تراها محلّقةً في عينيه كأنّه تلقّى خبر حصوله على تأشيرةٍ إلى فرنسا.
اقرأ/ي أيضًا: الشباب الجزائري.. لماذا كل هذا الحصار؟
هل ندرك ما معنى أن يصبح الاستقرار في فرنسا أعتى حلمٍ لدى شبابنا، ونحن نستقبل الذّكرى الـ64 لاندلاع ثورة التّحرير؟ هل فقدنا عددًا من الشّهداء هو ضعف شعب بعض الدّول العضوة في هيئة الأمم المتّحدة لنُخرج فرنسا أم لنذهب إليها خارج السّياحة والتبادل الإنساني العادي؟
لطالما راودني هذا السّؤال: ماذا لو تفتح الحكومة الجزائرية الحدود، بحيث تصبح الهجرة إلى الخارج متاحة لمن يرغب فيها، من سيبقى في البلاد؟ قال لي صديق مشاكس: لن يبقى إلا سكّان المقابر وبعض الحيوانات الجريحة.
تضمن تعديل الدستور الأخير مادة تجعل الإبداع والنشاط الثقافي حقًا من حقوق الشباب. لكنها بقيت معطلة في الميدان لأنها معطلة في الأذهان
في المقابل، أسكن بقعةً يسكنها شباب لا يُلقي التحيّة على غير الملتحي، ويجد في تحطيم تمثالٍ عملًا ملائكيًّا، وفي الوقوف للنّشيد الوطنيّ عملًا شيطانيًّا. وهم بهذا مستعدّون لأن يُفجّروا أنفسهم في أيّة لحظةٍ داخل أيّة بقعةٍ ليحظوا بالفردوس الأعلى.
إن العقليتين موجودتان في كلّ تجمّعٍ سكنيٍّ في المحافظات الـ48. فماذا فعلت المجموعة الوطنية حكومةً ومجتمعًا مدنيًّا لاستيعاب الشّريحة الأولى حتّى تنشر خيرها، واستيعاب الشّريحة الثّانية حتّى تكفّ شرّها؟ متى نبلغ مقامًا نفكّر فيه بصفتنا مجموعةً وطنيّةً في الأمور التّي تعني مستقبل أولادنا؟ هل أنجبناهم ليضيعوا ونضيع بهم؟
لماذا لا يجد الشابّ المهيّأ لخدمة التطرّف من يأخذ بيده، حتّى داخل منابرَ يتلقّى القائمون عليها رواتبَ من الخزينة العامّة، بينما يلهث وحده الشابّ المهيّأ لخدمة الثقافة، قبل أن ييأس ويلقي المنشفة، رغم وجود هيئاتٍ وبناياتٍ صرفنا ونصرف على أن تكون في خدمته من المال ما يشكّل ميزانيةً سنويةً لإحدى الدّول الأفريقية؟
لقد تضمّن التّعديل الدّستوريّ الأخير مادّة ذهبية تجعل الإبداع والنّشاط الثّقافيّ حقًّا من حقوق الشّباب. لكنّها بقيت مادّة معطّلة في الميدان لأنّها معطّلة في الأذهان. ممّا يعني أن الحكومة زيّنت هذا الدّستور ببعض المواد التي تُظهره طلائعيًّا وفي خدمة الجيل الجديد، لكنها تركّز على المواد التي تعنيها، من قبيل جواز أن يترشّح الرّئيس لعهدات مفتوحة.
يقول المثل الشّعبي: "اللّي جاب وليد يقمطو". أي على من أنجب طفلًا عليه أن يتحمّل مسؤوليته تجاهه. علمًا أنّ القماط هنا يعني التكفّل لا التّقييد.
اقرأ/ي أيضًا:
الكلمات المفتاحية

في حضرة البكالوريا.. تُطفأ البلاد لتُضاء ورقة الامتحان
في كل عام، مع حلول امتحانات البكالوريا، تنفصل الجزائر عن العالم. لا إعلان حرب ولا كارثة طبيعية، فقط قرار رسمي يقضي بقطع الإنترنت كإجراء احترازي للحد من ظاهرة الغش وتسريب الأسئلة. هكذا، ومنذ سنوات، تحوّل الحدث التربوي الأهم في البلاد إلى ما يشبه "طوارئ رقمية".

"لم يعُد العيد كما كان".. عن تحوّلات عيد الأضحى في الجزائر
لم يعُد العيد كما كان، باتت أشبه بأغنية ترافق مناسبة العيد منذ سنوات، وهذا ليس مجرد حنين ولا رثاءً للزمن الجميل، بل ملاحظة تتكرّر كل سنة، وتزداد حدّة كلما اقترب صوت "تكبيرات العيد".

الشاب حسني.. حيٌّ يُغنّي
مازال الشاب حسني يغنّي حتى الآن. بعد ثلاثين عامًا، مازال يجلس في المقاهي بعمر السادسة والعشرين

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟
دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر
عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه
يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.