26-مايو-2021

من فيديو دعائي لأحد المترشحين للبرلمان (الصورة: يوتيوب)

تشهد الانتخابات التشريعية المقرّرة في الـ 12 حزيران/جوان المقبل على غير العادة ترشّح عدد كبير من الشباب الآملين في الفوز بمقاعد المجلس الشعبي الوطني، لإنهاء حقبة من الممارسة البرلمانية، كرّست إقصاء الفئات العمرية الصغرى من الممارسة السياسية، وهو ما جعلهم يعملون على استعمال كل الوسائل التي من شأنها إيصالهم إلى مبنى شارع زيغود يوسف بالعاصمة، وفي مقدمتها مواقع التواصل الاجتماعي.

تبقى المنصات الرقمية الوسيلة الأهم للمترشّحين الشباب للتسويق السياسي لملفاتهم خلال الحملة الانتخابية

وفي ظلّ قلة الإمكانات رغم الدعم الذي يقدمه قانون الانتخابات الجديد، تبقى المنصات الرقمية الوسيلة الأهم للمترشّحين الشباب للتسويق السياسي لملفاتهم خلال الحملة الانتخابية، خاصة وأن استغلال الفضاء الرقمي غير مربوط بفترة الحملة الانتخابية كما يتمّ في وسائل الدعاية الانتخابية التقليدية.

اقرأ/ي أيضًا: التشريعيات: السماح للقوائم المرفوضة بسبب شرط السن بالتعويض

حملة مسبقة

سهّل وجود أغلب الشباب المترشحين لاستحقاق الـ 12 حزيران/جوان المقبل في مواقع التواصل الاجتماعي حتى قبل اتخاذهم قرار خوض هذا السباق السياسي، الاستثمار بعد قبول ملفاتهم من قبل السلطة الوطنية المستقلّة للانتخابات في العالم الافتراضي.

ورغم أن قانون الانتخابات الجديد الصادر هذا العام، يحدّد مدة الحملة الانتخابية بـ 23 يومًا، ويعاقب من لا يحترم هذه الآجال، إلا أن عدم تطرقه للحملة التي تكون على الفضاء الالكتروني ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، سمح لمختلف المترشّحين خاصّة الشباب الذين لهم اطلاع واسع بعمل هذه المنصات بالترويج لترشّحهم قبل انطلاق الحملة يوم الخميس.

واستغل المترشّحون الشباب المنتمون لأحزاب سياسية، حتى المحسوبة على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، باستغلال الفضاء الافتراضي للدعاية لترشّحها، ومحاولة تبييض صورة التشكيلة السياسية التي تنتمي لها، بإبراز المترشّحين الشباب ضمن قوائمها في محاولة لتسويق فكرة أن الحزب تغير حقا بعد حراك الـ 22 شباط/فيفري 2019.

وبسبب التخوّف من عدم التفاعل الإيجابي مع الاستحقاق القادم بسبب النظرة السلبية التي تكرست حول البرلماني والمهام المنوط بها، يحرص بعض المترشحين الشباب على شرح الوظيفة الموكلة لممثل الشعب والمبنية أساسًا على التشريع في المرتبة الأولى ثم مراقبة وتصحيح عمل الحكومة.

غير أنه ما يلام على معظم من  استغلوا الفضاء الإلكتروني للترويج لترشّحهم عدم تقديم برنامج سياسي أو وعود انتخابية، فأغلبهم اكتفى بنشر سيرته الذاتية، والتعبير من فترة لأخرى عن مواقف سياسية تخص الوضع الداخلي والخارجي.

حلّ مالي وإعلامي

بالنظر إلى الشروط الصارمة التي تضمنها قانون الانتخابات الجديد بشأن تمويل الحملة الانتخابية، والذي غلق كل باب قد يُفتح لوصول المال الفاسد للعمل السياسي، تشكّل مواقع التواصل الاجتماعي فرصة للمترشّحين الشباب لتغطية افتقارهم لبعض الإمكانات مقارنة بالمترشحين المنتمين لأحزاب أو شخصيات مالية مترشّحة، إذ أن هذه المنصّات تمكن من الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين، خاصّة الشباب أمثالهم الذين قد لا يتابعون وسائل الإعلام التقليدية حتى السمعية البصرية منها الملزمة خلال فترة الحملة ببث تدخّلات وخطابات المترشّحين وفق ما ينصّ عليه قانون الانتخابات.

وإن كانت الحملة الانتخابية للمترشّحين للتشريعيات تتم في الغالب مجانًا على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ حتّى تلك الممولة منها تبقى تكاليفها أقلّ من الحملة الميدانية التي تتطلب أموالًا لا يتوفّر عليها الشباب المترشحون، كما أنها تصل إلى عددٍ أكبر من الناخبين حتى وإن كان قد لا يطلع عليها الناخبون الذين ليست لهم علاقة بمواقع التواصل الاجتماعي.

وبما أن حظوظ المترشحين المستقلين للظهور في المداخلات التلفزيونية والإذاعية التي يوفّرها قانون الانتخابات قليلة مقارنة بالمنتمين لأحزاب سياسية، فإنّ اللجوء إلى الفضاء الإلكتروني يشكّل بديلًا للمترشّحين الشباب الذين يشارك أغلبهم في الاستحقاق المقبل ضمن قوائم حرّة.

دعم غير كاف؟

أشرف رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي الإثنين الماضي على تشكيل لجنة مختلطة بين إطارات السلطة ووزارتي الداخلية والمالية تكفلت بإعداد النص التطبيقي المتعلق بتحديد كيفيات توفير دعم الدولة للتكفل بنفقات الحملة الانتخابية للشباب المترشحين الأحرار الذين يقلّ عمرهم عن 40 سنة.

ونصّت المادة 120 من قانون الانتخابات على أنه "بغض النظر عن الأحكام الأخرى المنصوص عليها ضمن هذا القانون العضوي من أجل الترشّيحات المستقلة للشباب للمساهمة في الحياة السياسية، تتكفل الدولة في حدود 50% من نفقات الحملة الانتخابية الخاصّة بـمصاريف طبع الوثائق، والنشر والإشهار، وإيجار القاعات".

الإمكانات المحدودة لبعض المترشحين تجعل دعم الدولة غير كافٍ لمنافسة الأحزاب التقليدية

ورغم هذا الدعم الحكومي الكبير الذي  شجّع عددًا من الشباب على خوض غمار التشريعيات، إلا أن الإمكانات المحدودة لبعضهم تجعله غير كافٍ لمنافسة الأحزاب التقليدية التي تنفق الأخضر واليابس للوصول إلى قبة البرلمان للاستفادة من مزايا الحصانة والمنصب التشريعي، لذلك يبقى الاستعانة بالمزايا التيسيرية التي يوفّرها العالم الافتراضي الوسيلة الأسهل والممكنة للمترشّحين الشباب للرفع من حظوظهم في الفوز بمقعدٍ في العهدة البرلمانية الأولى بعد حراك الـ 22 شباط/فيفري 2019.