موسم جزّ صوف الغنم في الجزائر.. تقليدٌ شعبيٌ متوارث
13 مايو 2025
حركة دؤوبة منذ ساعات الفجر في منزل العم سعيد، بولاية البويرة، شرقي العاصمة، الأمر يشبه عرسًا، قهقهات وأصوات تنبعث من قاعة الضيوف، وسيارات تركن أمام مدخل المنزل، فيما تنهمك زوجته في إعداد القهوة والشاي وفطائر "الخفاف" الشهيّة لإكرام الوافدين.
ينظر الفلاحون ومربّو الماشية إلى عملية جزّ صوف الغنم تمامًا كبناء منزل، أو تعبيد طريق فلاحية، أو حملة نظافة، حيث لا تتمّ العملية إلا عبر العادة الشعبية المعروفة بـ "التويزة"
ضيوف اليوم، لم يأتوا لحضور عرس أو وليمة، بل هم متطوعون أتوا لمساعدة العم سعيد في طقس موسمي معتاد، فقد حلّ موسم جزّ صوف الغنم مع بداية شهر ماي، حيث تبدأ درجات الحرارة في الارتفاع، ويستوجب لأصحاب قطعان الغنم أن يجزوا صوفها من أجل حمايتها من بعض الأمراض.
عادة شعبية
يصف فروحات المداني، وهو عون إدارة في ولاية النعامة في الجنوب الغربي للجزائر، والمعروفة بتربية الماشية، قائلًا: " تنتشر تربية الأغنام بأعداد كبيرة في المنيعة في المناطق الصحراوية ، وهى تحتاج لعناية خاصة، من بينها جز صوف الأغنام كل عام قبل بداية الصيف، لتخفيف الحرارة ومساعدتها لكي تسمن".

ويضيف: "تكتسب هذه العملية طابعًا خاصًا ومميزًا يتوارثه سكان الصحراء، ويعتبرونه من أيام الفرح والاحتفال، الذي يحرص عليه كبار وصغار المربين، رغم عدم استفادتهم ماديًا من كميات الصوف المنتجة، حيث تباع بأسعار بخسة للتجار لصعوبة تسويقه، فى الوقت الذي يقوم البعض باستغلال الصوف منزليًا في تصنيع الأغطية يدويا، بعد تحويل الصوف لخيوط".
في العادة، يبدأ موسم جز صوف الأغنام بالمنيعة وغيرها، نهاية شهر أفريل من كل عام ويستمر حتى بداية فصل الصيف
في العادة، يبدأ موسم جز صوف الأغنام بالمنيعة وغيرها، نهاية شهر أفريل من كل عام ويستمر حتى بداية فصل الصيف، وهي عملية ضرورية حيث يخفِّـف عنها حرارة شمس الصيف، كما يساعدها لتسمن، وتصاحبها طقوس تراثية خاصة تتوارثها الأجيال عن الأجداد.
هناك، يحرص البدو على ممارسة الطقوس التراثية خلال عملية "الجز"، رغم الحداثة والمتغيرات والتطورات التي أتت على كثير من الموروثات، ويقوم بعض كبار مربى الأغنام في هذه المناسبة باحتفالية تصنع فيها المأكولات التقليدية كالرفيس، وتنحر لهم الذبائح.
تويزة
ينظر الفلاحون ومربّو الماشية إلى عملية جزّ صوف الغنم تمامًا كبناء منزل، أو تعبيد طريق فلاحية، أو حملة نظافة، حيث لا تتمّ العملية إلا عبر العادة الشعبية المعروفة بـ "التويزة" حيث يلتقون في منزل أحدهم ويقومون بجزّ أغنام قطيعه ثم ينصرفون إلى قطيع مغاير، حتى يتم جزّ كل أغنام تلك المنطقة.

يتحدث العم سعيد عن العملية لـ "الترا جزائر" واصفًا إياها بأنها "ذات هدف صحّي للأغنام قبل كل شيء، حيث يحميها من كل الأمراض التي قد تنجم عن ارتفاع حرارة جسمها في فصل الصيف، لذلك تعتبر عملية الجزّ بمثابة تنفيس عليها".
ويفضّل وفقه، أن تتم العملية" قبل اشتداد درجة الحرارة في بداية شهر ماي، كما يفضل تهيئة الأغنام قبل الجز بغسلها لتنظيفها والتخلص من الأوساخ والفضلات التي قد تكون عالقة في الصوف".
في الأونة الأخيرة، واكبت عملية "الجزّ" التطور التكنولوجي الذي تشهده كل المهن، حيث ظهرت الألات الكهربائية التي بات بفضلها من الممكن جزّ أكبر عدد من الأغنام في أقلّ وقت ممكن
عملية الجزّ هو طقس جماعي بامتياز، حيث تقسّم الجماعة وفق مهام يقوم بها كل فرد، فأحدهم يقوم باقتياد الشاة نحو "البطحة" فيما يتكفّل أخرون بتقييدها كي لا تتحرّك خلال جزّ صوفها، فيما يتكفّل الأخرون خصيصًا بعملية الجزّ، وغالبًا ما يكون هؤلاء من كبار السن الذين يحذقون هذه الحرفة.
تتمُ عملية الجزّ بطريقة يدوية تقليدية عن طرق مقصّ مخصّص لذلك، سواء كان ذلك عن طريق "التويزة" حيث يتعاون مربو الماشية فيما بيينهم، أو عن طريق يمتهنون هذه المهنة الموسمية بمقابل مالي معلوم، وغالبًا ما يكون وفقًا لعدد أغنام القطيع وحجمها.
لكن في الأونة الأخيرة، واكبت عملية "الجزّ" التطور التكنولوجي الذي تشهده كل المهن، حيث ظهرت الألات الكهربائية التي بات بفضلها من الممكن جزّ أكبر عدد من الأغنام في أقلّ وقت ممكن.

كما ظهرت إعلانات لبعض الأشخاص الذين يقومون بالتنقل إلى أماكن وجود قطعان الأغنام رفقة ألاتهم من أجل القيان بعملية الجز، ويكون المقابل نقدًا أو بالتحصل على الصوف لإعادة بيعه أو نسجه.
الكلمات المفتاحية

فحص "الأبيار" بالعاصمة الجزائرية.. قصور موريسكية تحتضن القادة والسفراء والقناصلة منذ مئات السنين
على بعد ثلاثة كيلومترات من مرتفعات شمال الساحل المتوسطي لمدينة الجزائر، هناك تجمع سكاني يسمى "فحص الأبيار" (جمع بئر) لأنه يجثم على آبار مياه كثيرة، أتاحت له خضرة كثيرة فكان إلى وقت قريب بوابة ريف العاصمة، وذا جاذبية للأجانب، حتى سمي "حي القناصلة".

من سلاح ضدّ الاستعمار إلى ضغط على العائلة .. هذه حكاية البكالوريا في الجزائر
في الجزائر، لا تُعدّ شهادة البكالوريا مجرّد امتحان تعليمي يُنهي مرحلة ويفتح أبواب مرحلة أخرى، بل تحوّلت إلى رمز مركزي في الوعي الجمعي، يحمل أبعادًا تتجاوز الفصل الدراسي والدرجات النهائية.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.

العلاقات الجزائرية الإيرانية .. شراكة في مرآة الجغرافيا والسياسة
مرّت العلاقات الجزائرية الإيرانية بمحطات متباينة، شملت فترات من التقارب والتعاون، وأخرى اتسمت بالتوتر والفُتور، وصلت أحيانًا إلى حدّ القطيعة.

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟
دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر
عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه
يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.