09-فبراير-2022

في أحد أجنحة معرض الجزائر الدولي للكتاب (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

بات المعرض الدّوليّ للكتاب في الجزائر، خلال السّنوات الأخيرة، أهمّ موعد متخصّص في الكتاب والمقروئيّة، رغم ما شابه من نقائص واختلالات، فهو مدرج عربيًّا وأفريقيًّا، ضمن المعارض الخمسة الأولى المستقطبة لأكبر عدد من الزوّار، فهو معرض شعبيّ بامتياز. 

يبدو أنّ قطاعًا واسعًا من النّاشرين الجزائريّين غير راضين عن الموعد الجديد

وكان المعرض الذّي نظّمت دورته الرّابعة والعشرون عام 2019، في طليعة التّظاهرات الثّقافيّة تعرّضًا للإلغاء ثمّ التّأجيل بسبب الإجراءات التّي اتّخذتها الحكومة في إطار مكافحة فيروس كورونا، خلال السّنتين الأخيرتين؛ فكان آخر موعد استقرّت عليه وزارة الثّقافة والفنون للدّورة الخامسة والعشرين هو 24  آذار/مارس الدّاخل، عوضًا عن الفاتح من نوفمبر من كلّ عام. 

اقرأ/ي أيضًا: معرض افتراضي.. وزارة الثقافة تدرس بدائل لـ "سيلا"

ويبدو أنّ قطاعًا واسعًا من النّاشرين الجزائريّين غير راضين عن الموعد الجديد؛ فبادروا، الثّلاثاء، إلى إصدار بيان طالبوا فيه الجهات الوصيّة  بتأجيله إلى "موعده الطّبيعيّ خريف 2022". 

تأتي مطالبة نخبة النّاشرين بتأجيل موعد الدّورة الجديدة من المعرض "تبعًا لمعطيات حسّاسة رصدناها منذ تمّ الإعلان عن إقامة معرض الجزائر الدّولي للكتاب (24 آذار/مارس – 3 نيسان/أفريل 2022). تطوّرت تدريجيًا في اتّجاه لا يخدم صورة الجزائر الثقافية اللّامعة والتّي يعتبر معرضها الدّولي واجهة مهمّة حضاريًّا واقتصاديًّا وقبلة دوليّة للنّاشرين الذّين يصفون دومًا معرض الجزائر بالواعد والمربح". 

وعدّد البيان الذّي وقّع عليه عشرون ناشرًا الأسباب التّي بنوا على أساسها المطالبة بالتّأجيل، منها أنّ الدّفتر الصّحيّ الذّي سيكون من شروط الدّخول إلى المعرض، "سيكون حاجزًا أمام ملايين الزّوّار الذّين سبق أن حضروا طبعاتٍ سابقةً كرّست المعرض كأهمّ معارض العالم العربيّ. لذلك نعتقد أنّ عدد الزّوّار سيكون في حدوده الدّنيا ما سيتسبّب في خسارات فادحة للنّاشرين المحلّيّين، وفي متاعب اقتصاديّة ومهنيّة للنّاشرين الأجانب الذّين يملكون تصوّرًا إيجابيًّا عن معرض الجزائر سيتذبذب مع امتناع المواطن الجزائريّ عن الإقبال على الكتاب بسبب ربط الدّخول بالدّفتر الصّحيّ"

كما يرى أصحاب البيان أنّ تنظيم المعرض في فترة غير متلائمة مع العطل البيداغوجيّة التّي تقرّها وزارة التّربية سيجعل المعرض "خارج حسابات الأسرة التّربويّة تبعًا للدّوام البيداغوجيّ ولفترة الامتحانات التّي ستمرّ بها المدرسة الجزائريّة، والمعروف أنّ جزءً مهمًّا وكبيرًا من زوّار المعرض هم من التّلاميذ وعائلاتهم ورجال ونساء التّربية الذّين يلتفّون حول الكتاب دومًا في كلّ المناسبات".

ثمّ إنّ تزامن تنظيم معرض الجزائر الدّوليّ؛ يواصل البيان، مع اقتراب موعد شهر رمضان الذّي يتجهّز له الجزائريّون اقتصاديًّا وروحيًّا، ومع الظّروف التّي تشهدها البلاد قد لا يكون في وسع المواطن البسيط أن يدرج الكتاب ضمن برنامجه تبعًا لقدرته الشّرائيّة ومتطلبات الشهر الكريم، فآخر يوم من المعرض سيكون أوّل يوم من رمضان وهذا ما سيعقّد ويثقل كاهل النّاشرين الذّين سيعبرون سلسلة من الإجراءات لمغادرة قصر المعارض.

وبما أنّ دورة آذار/مارس هي في حقيقتها دورة استدراكيّة لدورة العام الماضي، فإنّ الفارق الزّمنيّ بينها وبين الدّورة العادية في شهر نوفمبر القادم ستّة أسهر؛ "وهو ما سيجعلنا نواجه غيابًا لعدد مهمّ من النّاشرين خاصّة الأجانب الذّين لا تتحمّل برامجهم ورزنماتهم المشاركة مرّتين خلال سنة واحدة في بلد واحد". 

وخلص البيان إلى أنّه بناءً على ما سبق ذكره ومعطيات أخرى محلّ تداول، "فإنّ الاقتصاد الوطنيّ عرضة لخيبة على مستوى سوق الكتاب يتحمّلها ناشرون اختاروا هذه المهنة لإيمانهم العميق بدورها الفعّال والضّروريّ في خلق نهضة حضاريّة تجعل الجزائر في واجهة التّاريخ وحركة العالم الثّقافيّة والإنسانيّة التّي تُصنع من خلال المعرفة والثّقافة". 

ويقول مدير دار "خيال" رفيق طيبي إنّ البيان جاء في ظل حاجة المعرض بصفته مكسبًا ثقافيًّا واقتصاديًّا وطنيًّا مشتركًا إلى محاولة إنقاذه من عوامل الفشل، في مقدّمتها عامل الوقت؛ "وعلى الوصاية مراعاة هذه الخلفيّة للإنصات إلى مطلبنا بصفتنا شريكًا جوهريًّا في نجاح هذا الموعد الكبير". 

ويضيف محدّث "الترا جزائر": "علينا الخروج من منطق "المهمّ أن ننشط" إلى المنطق الذّي يفرض أن يكون النّشاط مدروسًا حتّى يكون فعّالًا ومثمرًا؛ فالعبرة من أيّ حدث ثقافيّ هي بثماره الإيجابيّة لا بحدوثه في حدّ ذاته. وإنّ أيّ مغامرة غير مدروسة ستنسف المعرض بصفته أكبر موعد ثقافيّ تعرفه البلاد". 

هل ستتعامل وزارة الثّقافة والفنون مع مطلب النّاشرين بتأجيل الموعد الذّي اقترحته لمعرض الجزائر الدّوليّ للكتاب انطلاقًا من المبرّرات الموضوعيّة التّي اقترحوها

فهل ستتعامل وزارة الثّقافة والفنون مع مطلب النّاشرين بتأجيل الموعد الذّي اقترحته لمعرض الجزائر الدّوليّ للكتاب، انطلاقًا من المبرّرات الموضوعيّة التّي اقترحوها، فتعمل على الإنصات والاستجابة، أم انطلاقًا من فهم ذلك تشويشًا منهم على أجنداتها، فتمضي في ترسيم الموعد المعلن عنه؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

علي عبد الأمير: زمن النشر الإلكتروني

عن دور النشر وكتبها المترجمة