15-يونيو-2022

(الصورة: أ.ف.ب)

يُرجّح خبراء في الشأن الاقتصادي أن تتوجه حكومة أيمن عبد الرحمن إلى اعتماد مشروع قانون مالية تكميلي لعام 2022، مرجعين ذلك لأسباب وعوامل عديدة تدفعها من أجل ضبط الإيرادات، وتعديل النفقات، ووضع الإطار القانوني للزيادات في ميزانيات قطاعية.

الأكاديمي هارون عمر: على ضوء انكماش اقتصاديات العالم قد نشهد تراجعًا للطلب على النفط عالميًا

ويُقصد بالقانون المالية التكميلي أنه تشريع يصدر لغرض تغيير تقديرات الإيرادات أو خلق لإيرادات جديدة، أو الترخيص بنفقات جديدة، كما يطلق عليه بالقانون المالية المعدل.

وفي سياق الموضوع، أكد هارون عمر، أستاذ جامعي وخبير اقتصادي، على ضرورة اعتماد قانون مالية تكميلي، ليس نظرًا إلى ارتفاع أسعار النفط فقط، ولكن لمواجهة التضخم وسد العجز في الخزينة العمومية، وأضح محدث "الترا جزائر" أن الحكومة اتخذت جملة من الإجراءات على غرار تجميد الضريبة المقرّرة على أجهزة الإعلام والتكنولوجيا المستوردة، إلى جانب رفع الرسوم الجديدة على التجارة الإلكترونية والرقيمة، ونفقات قطاعية أخرى.

وفي تقدير الخبير الاقتصادي فإن السعر المرجعي المقدر في قانون المالية التكميلي القادم سيكون في حدود 60 إلى 65 دولارًا، بينما متوسّط سعر برميل النفط في حدود 100 إلى 110 دولارات.

الفائض المالي، بحسب هارون عمر، أو الفرق بين السعر المرجعي والسعر السوق سيدعّم صندوق ضبط الإيرادات، أو إمداد احتياطي الصرف الوطني بالعملة الصعبة، والذي من شأنه أن يدعم مكانة الجزائر ماليًا واقتصاديًا، على حدّ تعبيره.

تقلبات أسعار النفط

في السياق نفسه، يرى الخبير هارون عمر، إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد نوعًا من الركود الاقتصادي، وتشهد كبرى اقتصاديات العالم ارتفاع نسبة التضخّم، وبالتالي قد ينعكس الوضع سلبًا على السوق النفطية، وزاد أنه على ضوء انكماش اقتصاديات العالم قد نشهد تراجعًا للطلب على النفط عالميًا، معتبرًا أن تعزيز القدرة الائتمانية للدولة هو الاحتياط الأفضل في ظلّ تقلبات السوق النفطية.

صندوق ضبط الإيرادات

بالحدث عن سوق النفط، فإن إنشاء صندوق ضبط الإيرادات بالجزائر، تزامن مع ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، ويعتبر هذا الصندوق من بين الصناديق السيادية، ويتم تمويل صندوق ضبط الموارد من الفارق بين أسعار النفط العالمية والسعر المرجعي لقانون المالية المعتمد في البلاد.

أنشئ هذا الصندوق في الجزائر سنة 2000 تزامنًا مع مع طفرة الأسواق النفطية، وساهم وقتها في ارتفاع ميزانيات التسيير والتجهيزات والنفقات الحكومية، كما ساهمت الطفرة المالية في تلك الفترة، في تخفيض المديونية الخارجية وسد العجز في الخزينة العمومية.

احتياطي الصرف

احتياطي الصرف أو العملة هو الكميات النقدية (الودائع -السندات) من العملة الصعبة التي يحتفظ بها البنك المركزي أو الدولة لأهداف تتعلق بالسياسة المصرفية للدولة، وسجل احتياطي الجزائر من النقد الأجنبي هو 44.7 مليار دولار بنهاية أيلول/سبتمبر لسنة 2021.

ومن شأن ارتفاع مداخيل صندوق ضبط الواردات معالجة مشكلة العجز في الموازنة العامة، والتي تعني تجاوز النفقات العامة مقابل الإيرادات، وزيادة النفقات العمومية ومواجهة التضخم.

يُشار إلى أن مشروع قانون المالية لسنة 2022، توقع عجزًا ماليًا تاريخيًا قدر بـ 4100 مليار دينار، أي ما يعادل 30 مليار دولار. ووفق مشروع قانون المالية لسنة 2022 المصادق عليه بلغت الإيرادات المالية 43 مليار دولار، بينما بلغت النفقات الكلية 74 مليار دولار، وحدد السعر المرجعي بـ 45 دولارًا لبرميل النفط.

الأسواق النفطية

في الإطار نفسه، وفي ظلّ تقلبات السوق النفطية والغازية التي عرفتها الأسواق العالمية خلال الفترة الماضية، والتي انعكست بشكل إيجابي على ميزانية الدولة الجزائرية، أقرّت الحكومة الجزائرية زيادات في الكتلة الأجرية للعمال عبر زيادة النقطة الاستدلالية لأزيد من 2.7 مليون موظف، بأثر إجمالي قٌدّر بـ 220 مليار دينار إضافة إلى رفع في معاشات المتقاعدين، وكان لابدّ من تأطير كلّ هذا قانونيًا ضمن قانون مالية تكميلي، وهو ما يرجّح توجّه الحكومة إلى إصداره قبل نهاية السنة.

تضمنت الميزانية السنوية، نفقات إضافية تمثلت أساسًا في استحداث صندوق البطالة الذي أقره رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وقدّر عدد المستفيدين بحوالي مليون و100 ألف مستفيد، ما ترتب عنه ضح ميزانية إضافية في حدود 145 مليار دينار.

وفي السياق نفسه، تتكفل الخزينة العمومية بالزيادات المرتبطة بأسعار المواد الأساسية كالحبوب والمواد الأولية للزيت والسكر، فقد خصّصت الحكومة 35 مليار دينار إضافية لدعم أسعار الزيت والسكر، حيث رصدت الحكومة غلافًا ماليًا ضخًما قيمته 130 مليار سنتيم من أجل تنظيم الألعاب البحر الأبيض المتوسط.

كما خصصت الدول 5.8 مليار دينار لإحياء تظاهرة الذكرى 60 للاستقلال الجزائر، ومن بين القطاعات التي استفادت من الاعتمادات المالية وزارة المجاهدين 1.511.869.00 دج، فيما استفادت وزارة الثقافية من ميزانية 922.000.000 دج.

مواجهة التضخم

 نظرًا إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الأسواق العالمية على غرار القمح والحبوب إلى مستويات عالية، فإن قانون المالية التكميلي سَيعيد وضع الإطار التشريعي، ورسم ميزانية أثار الحرب الروسية الأوكرانية على منتجات القمح والذرة والأعلاف.

يُشدد خبراء على أن الطفرة المالية التي تَعرفها الجزائر نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في السوق المالية ظرفية ومؤقتة

إلى هنا، يُشدد خبراء على أن الطفرة المالية التي تَعرفها الجزائر نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في السوق المالية ظرفية ومؤقتة، وبَناء عليه لا بد من استثمار الفائض المالي في مشاريع ذات مردودية وفعالية بدل من زيادة النفقات التسيير ورفع ميزانيات القطاعية دون نجاعة اقتصادية.