نهاية "ألجكس" وإصلاح التجارة الخارجية في الجزائر.. هل هي خُطوة كافية؟
19 أبريل 2025
في خُطوة تهدف إلى إعادة رسم ملامح المشهد التجاري في البلاد، أقدم الرئيس عبد المجيد تبون على تفكيك منظومة "ألجكس" التي طالما وُصفت بـ "البيروقراطية وعرقلة التصدير.
الخبير الاقتصادي الهواري تيغريسي: "ألجكس" منذ تأسيسها كانت مجرد غطاء بيروقراطي هشّ وعائقًا أمام دعم التصدير، ولم تواكب التطورات العالمية
وأعلن عن ميلاد وشيك لهيئتين جديدتين تسيران وفق منطق اقتصادي حديث، إحداهما لتسيير عمليات التصدير، والثانية لتنظيم الاستيراد، على أن تكونا جاهزتين قبل نهاية شهر أيار/ ماي المقبل.
هذا القرار يفتح الباب أمام عدة تساؤلات: هل تنجح الهيئتان الجديدتان في تجاوز إرث الماضي الثقيل عن الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية "ألجكس"، منذ تأسيسها سنة 2004، وقيادة التجارة الخارجية نحو خدمة الاقتصاد الوطني؟ وهل تكون هذه "الضربة القاضية" كافية لإنهاء الفوضى المستشرية ونزيف العملة الصعبة؟
خُطوة تبعتها مباشرة إقالة وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات محمد بوخاري، وتعويضه بالمستشار الرئاسي كمال رزيق، في ما بدا أنه إعادة هيكلة شاملة لأدوات الدولة في ضبط حركة المبادلات.
وبمجرد تنصيبه، باشر رزيق عمله بعقد اجتماع عاجل مع وزير التجارة الداخلية الطيب زيتوني، لبحث ملفات الاستيراد الحساسة، قبل أن يفاجأ المستوردون بتوقيف مؤقت لمنصة الاستيراد الإلكترونية، في خطوة قرأها كثيرون على أنها تمهيد لإطلاق منظومة جديدة، أكثر صرامة وشفافية.
هل هي نهاية عهد الوكالة "البيروقراطية"؟
كيف ستتفاعل الأسواق مع المعادلة الجديدة؟ وكيف تتمّ عملية إعادة ضبط بوصلة التبادل التجاري نحو خدمة الاقتصاد الوطني لا استنزافه"؟
منذ تأسيسها سنة 2004، لم تكن الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية "ألجكس" سوى غطاء بيروقراطي هشّ، تآكل مع الزمن، وتحول إلى عبء على الاقتصاد بدل أن يكون أداة لدعم التصدير" كما يقول الخبير الاقتصادي الهواري تيغريسي في تصريح لـ"الترا جزائر"، منتقداً بشدة أداء الوكالة المنتهية مهامها بقرار رئاسي.
ألجكس لم تكن يوما في مستوى التطلعات إذ لم تواكب التحولات العالمية في التجارة
يُضيف تيغريسي: "ألجكس لم تكن يوما في مستوى التطلعات، لقد شاخت قبل أن تُولد، لم تواكب التحولات العالمية في التجارة، ولم تطور أدواتها ولا رؤيتها، كانت تدرس ملف استيراد أو تصدير واحد كل أسبوع أو أكثر، وكأنها في عطلة دائمة، هذا البطء القاتل جعلها غير صالحة في عصر السرعة والتنافسية".
ويُشير إلى أنّ "الوكالة غرقت في وحل الرشوة والمحسوبية، حيث تورط عدد من إطاراتها في قضايا فساد كشفت عنها تقارير قضائية، بل أكثر من ذلك، ساهمت بشكل مباشر في إفلاس عدد من المستوردين بسبب عراقيل إدارية متعمدة، وحرمانهم من التراخيص أو تأخيرها لأشهر دون مبرر".
توقعات بإعادة الهيكلة الشاملةويكشف الخبير ذاته والذي تابع خلال الأشهر الماضية الملف عن كثب أنّ "ألجكس تلقت أكبر عدد من الشكاوى من نواب البرلمان، وارتبط اسمها دائما بالفوضى وسوء التسيير، عرقلت عمليات التصدير بدل دعمها.
كما اهتمت -حسبه- بملفات الاستيراد دون استراتيجية واضحة، حتى أصبحت أداة لتعطيل السوق بدل تحريكها".
كما كانت محلّ تذمر شديد من متعاملين اقتصاديين، خصوصا في مجالات حساسة مثل استيراد قطع الغيار والمركبات، حيث أكد العديد منهم أنّ الوكالة تسببت في تعطيل قسمتهم التي وافقت عليها الحكومة، وتسببت لهم في خسائر مالية ضخمة، بسبب تعمد تأخير دراسة الملفات، أو تجاهلها.
ويذكر تيغريسي أنّ "رئيس الجمهورية سبق وأن أنذر الوكالة عدة مرات، حتى خلال اجتماعات مجلس الوزراء، حين شدد على ضرورة ضبط سوق الاستيراد ومنع الفوضى، مع دراسة حقيقية لاحتياجات السوق في مختلف المواد، لكن الوكالة استمرت في تجاهل تلك التوجيهات، ورفضت تطوير أساليبها أو تغيير ذهنيتها المتحجرة".
ويختم بالقول: "إن قرار حلها كان ضروريا، لكن نجاح الوكالات الجديدة لن يتحقق إن لم تستأصل العقلية البيروقراطية القديمة من جذورها".
تساؤلات ..فاعلية الإجراءات الجديدة
يؤكد الخبير الاقتصادي كمال ديب على أنّ مجرد تغيير الأسماء والهياكل لن يكون كافيًا لتحقيق النجاح المنشود، بل إنّ الأمر يتطلب تطبيقًا حقيقيًا لهذه الشروط وتغييرًا عميقًا في الممارسات.
كما يشدد على أهمية استغلال الفرصة المتاحة مع إدراك أنّ الوقت عامل حاسم في هذا المسعى.
الخبير كمال ديب على أنّ مجرد تغيير الأسماء والهياكل لن يكون كافيًا لتحقيق النجاح المنشود،
ويقول في تصريح لـ"الترا جزائر": "المرحلة المقبلة تقتضي بناء مؤسسات ديناميكية تدار بعقلية النتائج لا بعقلية التقارير الورقية.
وأضاف في السياق أنّ أول إجراء يجب اتخاذه هو رقمنة كل المعاملات، واعتماد شباك موحد رقمي يربط المصدرين والمستوردين مباشرة بالهيئة، دون الحاجة للتنقل أو الدخول في متاهات البيروقراطية".
مصير "فوضى" التجارة
يضيف ديب: "يجب أن تكون هناك آجال محددة لدراسة الملفات لا تتجاوز 72 ساعة، وأي تأخير يجب أن يكون مبررا ومعلنا، كما أن منح الرخص يجب أن يتم وفق معايير شفافة قابلة للتتبع والرقابة، مع آلية للطعن يمكن اللجوء إليها إلكترونيا".
ويرى الخبير أنّ الهيئتين الجديدتين لا يمكن أن تنجحا إذا لم يتم تطهيرهما من كل الامتدادات القديمة لذهنية "ألجكس"، قائلا: "يجب إعادة تشكيل الطواقم البشرية على أساس الكفاءة والنزاهة، وليس على أساس الولاءات والمحسوبية، الموظف غير المنتج يجب أن يستبدل بكفاءات شابة تواكب التحديات العالمية".
وفي السياق يقترح إنشاء مجلس متابعة مستقل يتكون من ممثلين عن المصدرين والمستوردين والقطاع الخاص، تكون مهمته مراقبة أداء الهيئتين واقتراح التحسينات بشكل دوري، ويضيف: "الفاعلية اليوم لا تعني السرعة فقط، بل الذكاء في الاستجابة للسوق، وتوقع احتياجاته، وتوفير الدعم اللوجستي للمصدرين على مستوى النقل، التسويق، والتمويل".
وشدد على أنّ "الفرصة متاحة أمام الجزائر لتصحيح مسار التجارة الخارجية، لكن الزمن لا يرحم، والأسواق لا تنتظر".
الكلمات المفتاحية

مشروع قانون المناجم في طريقه للتمرير.. مخاوف المعارضة تتوسع من "رهن الثروات الوطنية" و"التبعية للخارج"
تصاعد الجدل السياسي في الجزائر حول مشروع قانون المناجم الجديد، وسط تزايد مطالب المعارضة بسحبه وفتح نقاش وطني موسع حوله، في مقابل دفاع حكومي مستميت يؤكد أن القانون يهدف إلى تطوير قطاع حيوي ظل لسنوات دون استغلال أمثل.

ثروة من القُمامة.. جمع البلاستيك وجه آخر للاقتصاد الدائري
في أطراف المُدن وزوايا الشوارع، يتحرّكون بصمت، يجمعون ما يرمى في القمامة من بلاستيك، ويُحوّلونه إلى مورد. إنّهم جامعو البلاستيك، "أبطال الظلّ"ّ الذين يُسهمون يومياً في حماية البيئة من التلوث، وبين أكياس النّفايات وعبوات المياه الفارغة، تبدأ قصصهم.

فرنسا تفقد 20 بالمائة من حصتها السوقية في الجزائر.. ورونو وهران تتحسر على ضياع 120 مليون يورو
تشهد العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا مرحلة غير مسبوقة من التوتر، انعكست بشكل واضح على التبادل التجاري بين البلدين، حيث بدأت باريس تشعر فعليا بفقدان حصصها السوقية في الجزائر.

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير
أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟
تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.