نهاية الموسِم الجامعي.. الذكاء الاصطناعي يُغيِّر قواعد بُحوث الطلبة
9 مايو 2025
مع اقتراب نِهاية الموسم الجامعي في الجزائر، وبدء مناقشات مذكرات التخرج وأطروحات الدكتوراه، يعود الجدل حول استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الأوساط الجامعية، لا سيما فيما يخص قضايا الأمانة العلمية والسرقة الفكرية.
تُشدّد الجامعات على أهمية احترام معايير الأمانة العلمية، حيث تفرِض نِسب اقتباس مُحدّدة في الأطروحات ما بين 10% و30% كحدّ أقصى
وبالرغم من أنّ الذكاء الاصطناعي يُعد أداة قوية لتحسين جودة الأعمال الأكاديمية، إلا أن استخدامه غير الواعي قد يتحول إلى فخ خطير يهدد مصداقية البحث الجامعي.
في هذا السياق، تشدد الجامعات الجزائرية على أهمية احترام معايير الأمانة العلمية، حيث تفرض نسب اقتباس محدّدة في الأطروحات ما بين 10% و30% كحد أقصى، مع ضرورة التوثيق الصارم لكل مصدر. ويتمّ التنبيه على أن تجاوز هذه النسب دون إنتاج علمي أصيل من الباحث، يُعدّ مؤشراً على احتمال وجود سرقة علمية.
ويُؤكد الأساتذة المشرفون ومجالس التكوين على ضرورة احترام هذه الحدود، مع الاعتماد على أسلوب علمي أصيل يُعبّر عن فهم الباحث وإنتاجه الشخصي، مع توثيق دقيق لأي مصدر يتم الاستعانة به.
من أداة مساعدة إلى مصدر اتّهام
هدى طالبة دكتوراه في البيولوجيا، تعمل على موضوع دقيق يتعلّق بالنباتات الطبية والعطرية في جامعة البليدة. بعد أشهر من العمل المخبري والتحليل، قررت كتابة مقال علمي مستخرج من أحد فصول أطروحتها، وتهيئته للنشر في مجلة دولية. استعانت بأداة ذكاء اصطناعي شهيرة بين الطلبة تُعرف بـ QuillBot لتحسين الصياغة وتلخيص بعض الفقرات.
أستاذ الطاقات المُتجددة عبد القادر العافر لـ" الترا جزائر": الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن برامج متطورة بقاعدة بيانات ضخمة و دخول أدواته إلى الوسط الأكاديمي يفرض تحديات
ظهر المقال العلمي في نسخته النّهائية احترافيًا، لكن المفاجأة جاءت من المجلة الدولية التي رفضته بسبب نسبة اقتباس تجاوزت 40%.
كما تمّ إرفاق تقرير كشف أنّ أجزاء كبيرة من النص مأخوذة حرفياً من مصادر منشورة، رغم أنّ هدى لم تقم بالنسخ بنفسها.
بعد مراجعة دقيقة، أدركت هذه الباحثة أنّ الذكاء الاصطناعي استخدم تعابير جاهزة من مقالات علمية سابقة دون الإشارة إلى المصادر، ما تسبّب في تصنيف المقال ضمن الأعمال المشتبه بها في السرقة العلمية.
تحديات
حول تداعيات استعمال أدوات الذكاء الاصطناعي في إنجاز الأبحاث العلمية، قال الدكتور العافر عبد القادر أستاذ في الطاقات المتجددة والمناخ الحيوي بجامعة البليدة (وسط)،في تصريح لـ "الترا جزائر" إنّ الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن برامج متطورة بقاعدة بيانات ضخمة تُتيح له الإجابة على جميع التساؤلات الموجه له بلغة لوغاريتمية معينة.
وأضاف أنّ دخول أدوات الذكاء الاصطناعي إلى الوسط الأكاديمي في الجزائر ظاهرة حديثة ومتسارعة، تفرض تحديات وفرصاً في آن واحد.
تُمثل هذه الأدوات وسيلة فعالة لتحسين جودة الكتابة الأكاديمية، تسهيل تحليل البيانات، ومساعدة الطلبة في تنظيم أفكارهم وصياغة محتوياتهم بشكل أكثر احترافية، من جهة.
ومن جهة أخرى، يُثير استخدام هذه الأدوات ، خاصة في مشاريع التخرج، مخاوف حقيقية تتعلق بالأصالة العلمية والاعتماد المفرط على مصادر آلية قد تضعف مهارات الطالب البحثية على التحليل والتفكير النقدي، أو حتى الوقوع في فخ السرقة العلمية دون قصد.
وأضاف:"الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا بحد ذاته، بل يصبح كذلك عندما يُستخدم كبديل للجهد العلمي وليس كوسيلة داعمة له، المفتاح هو التأطير الأكاديمي الواعي."
وعليه، فإنّ دمج الذكاء الاصطناعي في البيئة الجامعية الجزائرية يتطلب إطاراً واضحاً يُنظم الاستخدام المشروع لهذه الأدوات، ويُحافظ في الوقت نفسه على مبادئ الأمانة العلمية والاستقلالية الفكرية للباحث.
الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا بحدّ ذاته، بل يٌصبح كذلك عندما يُستخدم كبديل للجهد العلمي وليس كوسيلة داعمة له
وعن كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل مشروع في إعداد مشروع التخرج، قال إنّ ذلك يكون من خلال توظيفه كأداة مساعدة تُعزز مراحل معينة من العمل الأكاديمي دون أن تحل محل التفكير والتحليل الشخصي. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدامه لتحسين صياغة الجمل باللغة الأجنبية، تلخيص المقالات العلمية، اقتراح عناوين أولية، أو حتى توليد أفكار بحثية مبدئية.
كما يُمكن أن يُساعد في تنظيم البيانات أو تمثيلها بصرياً. ومع ذلك، يجب أن يظل الطالب هو المُتحكم في المحتوى، مع ضرورة مراجعة كل ما يُنتجه الذكاء الاصطناعي، وتوثيق المصادر الأصلية عند الاقتباس منها، لتفادي الوقوع في أخطاء أخلاقية أو علمية.
وأشار الأستاذ إلى أنّ استعمال الذكاء الاصطناعي يُعتبر سرقة علمية أو انتحالاً عندما يعتمد الطالب على هذه الأداة في إنتاج محتوى كامل أو أجزاء جوهرية من العمل دون الإشارة إلى المصدر أو دون مساهمة فكرية حقيقية منه، كأن يُسلم نصوصاً مولّدة بالكامل على أنها من إنتاجه الشخصي.
كما يُعد انتحالاً إذا استخدم الذكاء الاصطناعي في تلخيص أو إعادة صياغة مقالات منشورة دون توثيقها، أو إذا قُدمت نتائج تحليلية أو بيانية تم إنشاؤها آلياً دون فهم أو تفسير من الطالب.
غياب الجُهد البحثي
الخطورة تكمن في أنّ هذا النوع من الاستخدام يُخفي غياب الجهد العلمي الذاتي، ويُخل بمبدأ الأمانة الأكاديمية الذي يُعد من أسس البحث العلمي.
أستاذة الإعلام الآلي فريدة بوهني لـ" الترا جزائر": استعمال الذكاء الاصطناعي يُعتبر سرقة علمية أو انتحالاً عندما يعتمِد الطالب على هذه الأداة في إنتاج مُحتوى كامل أو أجزاء جوهرية من العمل دون الإشارة إلى المصدر
وبخُصوص التعامل مع الانتحال والسرقة العلمية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، قال الدكتورإنّ المؤسسات الجامعية في الجزائر وغيرها من الدول تواجه تحديات في التعامل مع هذا الأمر، حيث لا تزال الأدوات المتاحة للكشف عن المحتوى المولد آلياً محدودة مقارنة بتلك المستخدمة لاكتشاف الانتحال التقليدي.
بينما توجد برامج للكشف عن الاقتباسات المنسوخة مثل detectia ، إلاّ أنّ هذه الأدوات غالباً ما تركز على مقارنة النصوص مع المصادر المنشورة دون القدرة على اكتشاف المحتوى المولّد بواسطة الذكاء الاصطناعي بشكل دقيق. هذا يجعل من الصعب تحديد ما إذا كان الطالب قد استخدم الذكاء الاصطناعي بطريقة غير مشروعة.
وعن دور الأستاذ الجامعي في توعية الطلبة بحدود استخدام الذكاء الاصطناعي في المشاريع الأكاديمية، أكدت أستاذة الإعلام الآلي من جامعة الجزائر فريدة بوهني، أنّه يعتبر أساسياً لضمان الحفاظ على الأمانة العلمية والبحثية.
وأوضحت قائلة بأنّه "يجب على الأستاذ أن يُوضّح للطلاب كيفية الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل قانوني وأخلاقي"، كأن يُستخدم لتسريع بعض المهام مثل التنظيم أو الترجمة أو تحليل البيانات، مع ضرورة التحقق من أصالة النصوص المُنتجة.
وفي الإطار ذاته، كشفت في تصريح لـ" الترا جزائر" بأنّه من المهمّ معرفة خطورة الاعتماد المفرط على هذه الأدوات في توليد المحتوى أو التفسير العلمي دون إسهام شخصي.
وأضافت أنّ ذلك قد يؤدي إلى الانتحال أو تقليد الأفكار، داعية إلى ضرورة تنظيم ورشات توعوية ومحاضرات في الجامعات لفائدة الباحثين بالدرجة الأولى فضلا عن مواد تعليمية، مع توضيح أهمية توثيق المصادر والالتزام بالقيم الأكاديمية، مع التأكيد على أنّ الذكاء الاصطناعي لا يُغني عن الفهم العميق والجهد البحثي الفردي.
مشروعية الذكاء الاصطناعي
في البحث العلمي، يتفق المختصون على أنّه لا يجوز استخدام هذه الأدوات بهدف إنتاج فقرات كاملة دون تدخل فكري من الطالب، أو إعادة صياغة مقالات منشورة دون توثيقها، لأن ذلك يُعد انتحالًا صريحًا.
كما أنّ الاستخدام المشروع لأدوات الذكاء الاصطناعي يجب أن يقتصر على: تحسين صياغة الجمل بلغات أجنبية، وتلخيص النصوص الطويلة، مع اقتراح عناوين أو أفكار أولية، بالإضافة إلى تمثيل البيانات بصريًا.
أهمية توثيق المصادر والالتزام بالقيم الأكاديمية، خاصة و أنّ الذكاء الاصطناعي لا يُغني عن الفهم العميق والجُهد البحثي الفردي
بالمُحصِّلة يرى العديد من الأساتذة أنّ الذكاء الاصطناعي في حدّ ذاته ليس المشكلة، بل طريقة استخدامه، إذ يمكن أن يُشكّل ثورة حقيقية في تطوير البحث الجامعي، لكنّ غياب التأطير والرقابة قد يُحوّله إلى "أداة لشرعنة الغش والسرقة العلمية".
لذا فإنّ المطلوب اليوم هو توخي التوازن في الاستفادة من الوسائل التكنولوجية الداعمة والمقتصرة للوقت مع الحفاظ على القيم الأكاديمية الأصيلة.

فحص "الأبيار" بالعاصمة الجزائرية.. قصور موريسكية تحتضن القادة والسفراء والقناصلة منذ مئات السنين
على بعد ثلاثة كيلومترات من مرتفعات شمال الساحل المتوسطي لمدينة الجزائر، هناك تجمع سكاني يسمى "فحص الأبيار" (جمع بئر) لأنه يجثم على آبار مياه كثيرة، أتاحت له خضرة كثيرة فكان إلى وقت قريب بوابة ريف العاصمة، وذا جاذبية للأجانب، حتى سمي "حي القناصلة".

من سلاح ضدّ الاستعمار إلى ضغط على العائلة .. هذه حكاية البكالوريا في الجزائر
في الجزائر، لا تُعدّ شهادة البكالوريا مجرّد امتحان تعليمي يُنهي مرحلة ويفتح أبواب مرحلة أخرى، بل تحوّلت إلى رمز مركزي في الوعي الجمعي، يحمل أبعادًا تتجاوز الفصل الدراسي والدرجات النهائية.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.

العلاقات الجزائرية الإيرانية .. شراكة في مرآة الجغرافيا والسياسة
مرّت العلاقات الجزائرية الإيرانية بمحطات متباينة، شملت فترات من التقارب والتعاون، وأخرى اتسمت بالتوتر والفُتور، وصلت أحيانًا إلى حدّ القطيعة.

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟
دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر
عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه
يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.