نواب فرنسا يغادرون الجزائر.. هل نجحت الزيارة في تخفيف حدّة الأزمة؟
13 مايو 2025
غادر الوفد البرلماني الفرنسي الجزائر، اليوم، بعد زيارة استمرت عدة أيام وشملت ولايات مختلفة، في سياق إحياء الذكرى الثمانين لمجازر 8 أيار/ماي 1945، التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين المطالبين بالاستقلال.
استمرار الأزمة الدبلوماسية عقّد من مهمة النواب الفرنسيين في الجزائر
وشهدت إقامة الوفد في الجزائر، أجندة مكثفة، حيث شاركوا في الاحتفالات الرسمية التي أقيمت بالجزائر العاصمة بحضور وزيري المجاهدين ووزير الداخلية، إلى جانب تبادل النقاش مع نواب جزائريين ثم التنقل لسطيف ووهران.
وتمّت المغادرة بالنسبة لبعض أعضاء الوفد انطلاقًا من ولاية وهران، وفق ما علمت "الترا جزائر" بعد زيارة قاموا بها للقنصلية الفرنسية بالمدينة.
وضم الوفد شخصيات بارزة في المشهد السياسي الفرنسي، من أحزاب فرنسا الأبية والإيكولوجيين والحزب الاشتراكي وحزب النهضة المحسوب على الوسط والمساند للرئيس إيمانويل ماكرون. وظهر في طليعة النواب لوران لارديس، النائب الاشتراكي ورئيس مجموعة الصداقة الفرنسية-الجزائرية بالجمعية الوطنية، إلى جانب حوالي عشرين منتخباً محليا، من بينهم أعضاء في "دائرة الأمير عبد القادر"، وعلى رأسهم رفيق تمغاري، ومنتخب عن بلدية رواي-مالميزون.
ونشر السيناتور أحمد لعوج أحد المشاركين في الزيارة، تدوينة قال فيها: "في إطار زيارتنا إلى الجزائر، سعدت بلقاء القنصل العام لفرنسا بوهران وفريقه ومستشاريه القنصليين. كان وقتًا مهمًا لتبادل وجهات النظر حول الحياة اليومية لمواطنينا المقيمين في الجزائر، وتحديات الشبكة القنصلية، والدور المحوري للبرلمانيين في الحفاظ على صلة الوصل بين فرنسا ورعاياها في الخارج". وأضاف: "العمل مستمر لتعزيز الروابط بين بلدينا ومرافقة مواطنينا على أفضل وجه".
وفي ولاية سطيف، شاركت النائبة الفرنسية من أصول جزائرية صبرينة صبايحي رفقة عدد من النواب الفرنسيين في مراسم إحياء ذكرى المجازر، معتبرة أن الوقت قد حان لأن تتحمل فرنسا مسؤوليتها التاريخية وتُقرّ رسميًا بأن ما حدث في 8 أيار/ماي 1945 هو "جريمة دولة".
وقالت في تغريدة: "أحيينا اليوم الذكرى الثمانين لمجازر سطيف، قالمة وخراطة. على فرنسا أن تستأنف العمل الجاد على ملف الذاكرة وتُقدم اعترافًا حقيقيًا بهذه المجازر". وكانت صبايحي قد كشفت في حوار لها مع جريدة "الخبر" أن هذا الملف له بعد شخصي عميق في حياتها كون والديها ينحدران من سطيف، وأنها لم تتعرف على تفاصيل هذه الصفحة من التاريخ إلا في وقت متأخر بسبب ما وصفته بالتعتيم الذي مارسه النظام التعليمي الفرنسي.
أزمة غير مسبوقة
وتزامنت هذه الزيارة مع فصل جديد من الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، عقب قرار الجزائر بطرد 12 موظفًا دبلوماسيًا فرنسيًا، على خلفية اعتقال موظف قنصلي جزائري في باريس بتهم غير مبررة وفق الجزائر، ثم رد فرنسا بالمثل واستدعاء سفيرها في سابقة في العلاقات بين البلدين.
وفي هذا السياق، جاءت ردود الفعل في فرنسا حول زيارة الوفد البرلماني الفرنسي للجزائر محتشمة، فقد تجنبت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريما التعليق متحججة بأن النواب أحرار في عملهم.
عكس ذلك، أشاد وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو، بالزيارة معتبرا أن المجازر تستحق أن تخلد، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن "قنوات الحوار لا تزال مقطوعة"، ملمحًا إلى احتمال اتخاذ خطوات إضافية ضد الجزائر في حال استمرار الأزمة.
ويشير كلام الوزير إلى أن زيارة البرلمانيين الفرنسيين حملت طابعا رمزيا أكثر منه يتعلق بمحاولة فتح قنوات تواصل مع السلطات الفرنسية عن طريق الديبلوماسية البرلمانية، كما كان يأمل النواب.
الاعتراف يتأخر
وبدا أن الأزمة الحالية بين البلدين، قد عطّلت إمكانية أن تبادر السلطات الفرنسية بالاعتراف بمسؤولية الدولة عن هذه المجازر، فقد تحدثت بعض الصحف أن ماكرون لم يشأ أن يقدم لخصومه في اليمين المتطرف فرصة للانقضاض عليه ونعته بالمستسلم للجزائر، وفق ما تحدثت جريدة ليبراسيون.
وفي خطابه بمناسبة ذكرى الانتصار على النازية أمام قوس النصر، تطرق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مجازر 8 أيار/ماي 1945، لكنه اكتفى بالإشارة إلى "أعمال عنف ومجازر وقعت في الجزائر وسوريا"، دون أن يذكر صراحة مسؤولية الدولة الفرنسية عنها، وهو ما اعتبر في الجزائر، استمرارًا في نهج المراوغة وتفادي الاعتراف الرسمي، خاصة بعد رفض الإليزيه اقتراحًا من نواب فرنسيين بوضع إكليل من الزهور في موقع مون فاليريان تخليدًا لضحايا المجازر.
ويستمر الجدل داخل فرنسا حول الاعتراف بهذه الجرائم، حيث وقع 70 نائبًا فرنسيًا مؤخرًا على مقترح قرار للاعتراف بها بوصفها "جريمة دولة"، في وقت تتصاعد فيه الأصوات المطالبة بكسر الصمت الرسمي حول إرث الاستعمار في الجزائر، وسط تصاعد خطاب اليمين المتطرف الرافض لأي شكل من أشكال الاعتذار أو التعويض.
الكلمات المفتاحية

البرلمان الجزائري سلطة تشريعية بمِطرقة المُصادقة.. أين الرقابة؟
مدّد البرلمان دورته العادية لمدّة أسبوع إضافي، في خُطوة تهدف إلى استكمال التصديق على حزمة من مشاريع القوانين المهمة.

كتاب "زمن العسكر... القلاع والبوصلة".. قراءة في التحولات السياسية في الجزائر
تُعتبر العلاقة بين المؤسسة العسكرية والفضاء السياسي في الجزائر من أكثر القضايا تعقيدًا وحساسية، إذ غالبًا ما يتمّ التعاطي مع هذا الموضوع ضمن أطر تحليلية تقليدية.

العلاقات الجزائرية الروسية.. تقاطع وتباين وتعاون في الأفق
في ظلّ التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي، تتداخل العلاقات الجزائرية- الروسية ضمن شبكة معقدة من التقاطعات والتعاون.

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟
دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر
عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه
يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.