قدم نواب بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) مسودة قانون جديدة تقضي بإلغاء النسخة الفرنسية للجريدة الرسمية للدولة في الجزائر وإبقاء نشر القوانين فيها باللغة العربية حصرًا.
النواب اعتبروا أنّ القانون يأتي لـ "حماية للثواب الوطنية والتصدي لمحاولات مسخ الهوية وتجهيل الشعب"
وجاء في عرض أسباب المشروع الذي تلقى "الترا جزائر" نسخة منه أنّ "هذه الحماية القانونية لمقومات ثوابتنا الوطنية تجد مصوغها في تطهير منظومتنا القانونية من التلوث القانوني الناتج عن إرث السياسات الإحلالية الفرنسية المجرَّمة الرامية لمسخ الهوية والشخصية الوطنية وتجهيل الشعب الجزائري."
وأضاف بأنّ "التكاليف القانونية التي تسببها ترجمة النصوص تشريعية كانت و/أو تنظيمية من طرف مصالح الإدارات الحكومية أو مصالح الأمانة العامة التي تسهر على إصدار الجريدة الرسمية، وطبعها بشكل مزدوج، تُكلف الخزينة سنويًا أغلفة مالية إضافية باهضة، و"ضياع للوقت"، لأمر لا فائدة منه، بل تُعد هدرًا للمال العام، لفائدة الترويج للغة أجنبية داخل الوطن، وتكريس مظهر من مظاهر الاحتلال الإحلالي الفرنسي في الجزائر المستقلة."
وذكّر بأنّ "الجريدة الرسمية تمثل نقطة نهاية العملية التشريعية والتعبير عن المعطيات القانونية للجمهورية. وتعدّ مظهرًا من مظاهر السيادة السياسية".
ويرمي النصّ القانوني الذي وقّع عليه 39 نائبًا ويتضمن 23 مادة قانونية إلى "سدّ الفراغ والإغفال القانوني في هذا المجال، على غرار حجية النشر اللامادي للجريدة الرسمية عبر الوسائط الرقمية لاسيما مع سعي الدولة الجزائرية إلى الانتقال الرقمي."
كما أبرز أنّ "ذلك يصبِغُ الطبيعة السيادية على الرقمنة القانونية والتحول الرقمي إعمالاً لحق القابلية للوصول للقانون الذي يشكل مقتضى من أهم مقتضيات الأمن القانوني في ظل تكريس مرتكزات دولة الحق والقانون."
ويمنع نص المسودة "صدور الجريدة الرّسميّة للجمهوريّة الجزائرية الدّيمقراطيّة الشّعبيّة باللّغة الفرنسيّة، تحت طائلة المساءلة الجزائية".
وحملت المادة الأولى منه أنّه "يهدف هذا القانون العضوي إلى ضبط قواعد وأحكام نشر القوانين والتنظيمات في الجريدة الرسميّة للجمهوريّة الجزائرية الدّيمقراطيّة الشعبيّة وسريانها."
وفي مادّته الثانية: "دون الإخلال بأحكام المادة 4 من الدّستور ، تصدر الجريدة الرسميّة للجمهوريّة الجزائرية الدّيمقراطيّة الشعبيّة باللّغة العربية وحدهـا حصرًا. يجسّـد العمل باللّغة الرسميّة مظهرًا من مظاهر السيادة، واستعمالها من النظام العام"، على أن تنشر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، باللغة العربية، وكملحق بلغة البلد الذي أبرمت فيه، و/أو باللغة الإنجليزية على أن تكون الحجية القانونية للنّص العربي.
وعرّفت المادة الثالثة من المسودة النصوص القانونية والقوانين والتنظيمات والنشر. وفي الجزء الثاني من المادة الرابعة "تنشر النصوص القانونية، تشريعية كانت أم تنظيمية، خلال أجل 30 يومًا من تاريخ التوقيع عليها، بشكل تراتبي وفق طبيعتها القانونية وتاريخ التوقيع عليها."
وخطوة النواب بإلغاء النسخة الفرنسية للجريدة الرسمية للدولة تأتي ضمن سياق أزمة سياسية ودبلوماسية حادة بين الجزائر وباريس، تفاقمت بعد توقيف وسجن الكاتب بوعلام صنصال.
وسبق وأن تخلت وزارات ومؤسسات سيادية وإدارات رسمية على التعامل باللغة الفرنسية في المراسلات واللافتات؛ وإبراز اللغتين العربية والإنجليزية.
ومعلومٌ أنّ قانون تعميم استعمال اللغة العربية، صدر في الجزائر سنة 1991، في عهد الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد. وجُمّد العمل به بمجيء الرئيس الراحل محمد بوضياف إلى السلطة كرئيس للمجلس الأعلى للدولة من عام 1992.
وفي 1996 فعّل رئيس الجمهورية آنذاك ليامين زروال هذا القانون، لكن سرعان ما تم التخلي عنه في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.