سياسة

هذه تفاصيل أحكام مشروع قانون الأوقاف الجديد

11 أبريل 2025
يستعد البرلمان لمناقشة مشروع قانون الأوقاف الجديد
يستعد البرلمان لمناقشة مشروع قانون الأوقاف الجديد (صورة: أرشيف)
جمال فنينيش
جمال فنينيش صحافي من الجزائر

يستعدّ البرلمان خلال الأيام المقبلة لمناقشة مشروع قانون الأوقاف، الذي يتضمّن تعديلات جوهرية على الإطار التشريعي المنظم لإدارة الأملاك الوقفية، بهدف حمايتها من الضياع وتعزيز مردوديتها.

يرتكز المشروع الجديد على وضع نظام أكثر فاعلية لإدارة الأوقاف

وأوضحت الحكومة في عرض أسباب المرفق بمشروع القانون أنّ "الأسلوب الحالي لتسيير الأوقاف أثبت محدوديته"، مما يستدعي إدراج أحكام جديدة لتطوير طرق إدارتها، تعزيز حمايتها، واسترجاع الممتلكات الوقفية غير المستغلة، إلى جانب تحسين العائدات المالية منها.

ويرتكز المشروع الجديد على وضع نظام أكثر فاعلية لإدارة الأوقاف، مدعوم بوصاية مؤسسية قوية تضمن التوجيه والمتابعة، مع تعزيز الشخصية المعنوية للوقف، وتطوير آليات العمل الخيري والتضامني والتكافلي.

كما يسعى القانون إلى بعث ديناميكية وقفية جديدة من خلال تشجيع الاستثمار في الأملاك الوقفية وتطويرها، بما يضمن احترام إرادة الواقفين، ويعزز مبادئ الحرية والشفافية والمساواة في التسيير.

بين التنمية والطابع الخيري

تضع الحكومة هدفا لها من أجل تحقيق تناغم فعّال بين الطابع الخيري للوقف وأبعاده الاستثمارية والتنموية، من خلال العمل على زيادة مداخيل الأوقاف بما يساهم في دعم ميزانية الدولة، مع الالتزام بالمحافظة على أصل الوقف وتمكينه من تحقيق مقاصده، وفقًا لشروط الواقف ونيته. 

يضم مشروع القانون  123 مادة تهدف إلى تسوية الوضعية القانونية للأملاك الوقفية  وحصرها وتوثيقها وحمايتها

يأتي هذا التوجه في إطار احترام مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكامها، والسعي إلى تطوير العقود والصيغ الاستثمارية الحديثة المجيزة شرعًا، بما يحقق أهداف التنمية الاجتماعية، دون الاقتصار على الأساليب التقليدية المعهودة.

تطمح الحكومة من خلال مشروع قانون يضم 123 مادة إلى تسوية الوضعية القانونية للأملاك الوقفية، عبر تعزيز آليات حصرها وتوثيقها وحمايتها. 

كما يتضمن المشروع إسناد مهمة الإشراف على الأملاك الوقفية إلى هيئة جديدة تُسمى 'السلطة المكلفة بالأوقاف'، والتي يُتوقع أن تعوّض الديوان الوطني للوقف والزكاة.

ويشمل المشروع كذلك إدراج أحكام جزائية جديدة تتناسب مع طبيعة الأملاك الوقفية، وتوسيع الوعاء الوقفي من خلال ما جاء في المادة العاشرة المعدّلة، حيث تم التنصيص على إمكانية إدراج الأملاك العقارية الوقفية المكتشفة بناءً على وثائق رسمية أو عقود عرفية أو شهادات صادرة عن أشخاص عدول من أهل المنطقة التي يقع فيها العقار.

كما يشمل التوسيع الأملاك التي ضُمّت إلى الدولة أو إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين، والتي تبيّن لاحقًا أنها أوقاف، وذلك بناءً على وسائل الإثبات التي حدّدها القانون.

ولم يغفل المشروع أيضًا عن الأملاك الوقفية المكتشفة خارج التراب الوطني، حيث تم النص على إمكانية إدراجها ضمن الوعاء الوقفي الوطني."

سجّل وطني للملاك الوقفية 

تمّ إدراج فصل كامل ضمن مشروع القانون، هو الفصل التاسع، يُعنى بحصر وتسوية واسترجاع الأملاك الوقفية أو تعويضها عند الاقتضاء. وتنص المادة 57، على سبيل المثال، على إلزام الهيئات والإدارات العمومية التي تحوز وثائق أو مستندات أو مخططات ذات صلة، بالتنسيق والتعاون مع السلطة المكلفة بالأوقاف، في إطار عمليات البحث عن الأملاك الوقفية وتسويتها وحصرها.

نص المشروع على إدماج وتسجيل كل الأوعية العقارية التي خصصتها الدولة لبناء المساجد والمدارس القرآنية ضمن الوقف المشترك

وتتولّى هذه الّسلطة إجراء جرد عام للأملاك الوقفية، سواء المنقولة أو العقارية، وإنشاء سجل وطني خاص لهذا الغرض، إلى جانب سجل وطني يضبط قائمة المستفيدين من هذه الأملاك.

وفي المُقابل، يتمّ تسجيل الأملاك الوقفية، سواء كانت عامة أو خاصة خيرية، ضمن 'الوقف المشترك' في السجل العقاري المستحدث لدى مصالح مسح الأراضي والحفظ العقاري. 

كما نص المشروع على إدماج وتسجيل كل الأوعية العقارية التي خصصتها الدولة لبناء المساجد والمدارس القرآنية، وإنجاز المشاريع العامة الدينية والخيرية والاستثمارية والبنى التحتية.

كما تضمّن المشروع حكمًا يؤسس لإطار تشريعي واضح لاسترجاع وتسوية الوضعية القانونية للعقارات التي تحوزها الدولة، إذا تبيّن لاحقًا أنها من الأملاك الوقفية العامة.

وقد ضبط المشروع أيضًا الإجراءات المتعلقة بتحويل ملكية الأملاك الوقفية الواقعة داخل المحيط العمراني، مع التنصيص على ضرورة تعويضها في حال ضياعها أو استغلالها للمنفعة العامة، كحالات توسعة المساجد ومرافقها، أو شق الطرق، أو إقامة السدود والبنى التحتية.

استحداث سلطة لإدارة الأوقاف

أسند التشريع الجديد للسلطة المكلفة بالأوقاف مهمة إدارة الأملاك الوقفية العامة وتسييرها واستغلالها واستثمارها وتنميتها، بما يعزز دور الوقف كأداة فاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد تم توسيع مجالات استغلال العقارات الوقفية لتشمل التهيئة والتعمير، الترقية العقارية، الفلاحة، التجارة، والإنتاج والخدمات، بما في ذلك قطاعات التعليم، الصحة، السياحة، والمؤسسات المالية والنقدية.

كما منح التشريع للسلطة ذاتها صلاحية إنشاء صناديق وقفية مخصصة لمختلف أوجه البر والأعمال الخيرية، إلى جانب إمكانية تقديم قروض حسنة من ريع الوقف لفائدة المستحقين، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاندماج الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وزارة الشؤون الدينية والأوقاف

ضبطية قضائية لمفتشي الأوقاف

 في إطار الثّورة التشريعية الهادفة إلى تعزيز حماية الأملاك الوقفية، منح التشريع الجديد لمفتشي إدارة الأملاك الوقفية وموظفي سلك وكلاء الأوقاف صفة الضبطية القضائية، إلى جانب حقهم في الاستعانة بالقوة العمومية أثناء أداء مهامهم، واللجوء إلى السلطة القضائية المختصة إقليميًا عند الضرورة.

ويخوّل لهم القانون تحرير محاضر في حال تسجيل مخالفات أو اعتداءات على الأملاك الوقفية، تُحال إلى وكيل الجمهورية المختص إقليميًا، وكذا إلى السّلطة المكلفة بالأوقاف، وذلك في أجل أقصاه 72 ساعة من تاريخ المعاينة.

كما نصّ التشريع على حماية خاصة للمبلّغين عن أفعال التعدي على الأملاك الوقفية، حيث يُعفى المبلّغ حسن النية من أية مسؤولية إدارية أو مدنية أو جزائية، حتى وإن لم تسفر التحقيقات عن نتائج ملموسة. 

عقوبات مشددة 

أقرّ التشريع الجديد إطارًا جزائيًا مستقلاً لقمع ظاهرة الاعتداءات على الأملاك الوقفية، بعيدًا عن الإحالة التقليدية إلى قانون العقوبات العام، حيث تم إدراج أحكام مشددة تطال كل من يثبت تورطه في تجاوزات أو اعتداءات على الوقف، بمختلف أنواعه.

فقد نصّ القانون على معاقبة كل من استولى دون وجه حق، عن طريق الغش، أو بالقوة، أو بالتهديد، أو بأية وسيلة أخرى، على ملكٍ وقفي عقاري، بالحبس من سنتين (2) إلى خمس سنوات (5)، وغرامة مالية تتراوح بين 200.000 دج و500.000 دج. أما إذا تعلّق الأمر بملك وقفي منقول، أيًّا كانت طبيعته، فيُعاقب الفاعل بالحبس من ستة (6) أشهر إلى سنتين (2)، وبغرامة من 50.000 دج إلى 200.000 دج.

كما يُعاقب بالحبس من ثلاثة (3) أشهر إلى سنة واحدة (1)، وغرامة من 25.000 دج إلى 100.000 دج، كل من قام عمدًا بإخفاء عقد أو شهادة أو أي محرّر يُثبت الوقف أو الوصية بالوقف، وتُشدد العقوبة إلى الحبس من سنة (1) إلى ثلاث سنوات (3)، وغرامة تصل إلى 300.000 دج، إذا نتج عن هذا الإخفاء استفادة شخصية أو لفائدة الغير، مع إلزام الجاني بتسليم الوثائق أو المحررات المخفية.

ويُعاقب بالحبس من سنتين (2) إلى خمس سنوات (5) وغرامة مالية تتراوح بين 200.000 دج و500.000 دج، كل من:

  • استغل عمدًا ملكًا وقفيًا بطريقة مستترة أو تدليسية.
  • أحدث تغييرًا في طبيعة ملك وقفي دون وجه حق مع علمه بطبيعته القانونية.
  • شيّد منشآت أو أحدث غرسًا على أرض وقفية دون الرخص القانونية.
  • تصرّف في ملك وقفي بالبيع أو التنازل أو الهبة أو الرهن أو غير ذلك من صور التصرف، مع علمه بطبيعة الملك الوقفي.

ولحماية مفتشي الأوقاف أثناء أدائهم لمهامهم الرقابية، فرض القانون عقوبة بالحبس من ستة (6) أشهر إلى ثلاث سنوات (3)، وغرامة من 50.000 دج إلى 300.000 دج، لكل من يمنع أو يعيق أعمال الرقابة أو يدلي بمعلومات كاذبة أو مضللة.

كما شدّد التشريع العقوبات المتعلقة بجرائم خطيرة كغسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذا كانت الأموال الوقفية طرفًا فيها أو ناتجة عنها، وفرض عقوبة كذلك على كل من علم بوقوع جريمة منصوص عليها في هذا القانون ولم يُبلغ عنها السلطات المختصة. وتُضاعف العقوبات إذا كان مرتكب الجريمة موظفًا عموميًا.

إحالات كثيرة على التنظيم 

 لجأت الحكومة في إطار مشروع القانون إلى إحالة 14 مادة من مجموع مواده الـ 123، بما في ذلك بعض الأحكام المفتاحية، على التنظيم التنفيذي، ما أثار تحفظات لدى عدد من أعضاء البرلمان، خاصة في ظل ضيق الوقت الممنوح لدراسة المشروع.

وقد تم تفعيل آلية الاستعجال التي تفرض الفصل في المشروع خلال آجال قصيرة جدًا، وهو ما قد يُحد من قدرة النواب على مناقشة النصوص بعمق، وطرح تعديلات جوهرية، خاصة ما يتعلق بالمواد المُحالة على التنظيم، والتي تحمل في طيّاتها تفاصيل تنفيذية محورية.

 

الكلمات المفتاحية

مجلس الأمة ( صورة: أرشيف)

مجلس الأمة وسُلطة التعديل.. كيف تُعيد الغُرفة الثانية صياغة القوانين؟

جاء مِيلاد مجلس الأمة في الجزائر سنة 1996  في سياق سياسي وأمني بالغ الحساسية، حيث لم يكن مجرّد استكمال لبنية البرلمان الجزائري، بل نتاجًا مباشراً لتحولات عميقة فرضتها ظروف تلك المرحلة.


برونو روتايو، وزير الداخلية الفرنسي (مونت كارلو)

برونو روتايو رئيسًا لحزب "الجمهوريين" على أكتاف "الملف الجزائري".. واحتمالات ترشحه للرئاسة الفرنسية تتعزز

في مشهد سياسي فرنسي سريع التغير، شهدت باريس انتخاب برونو روتايو وزير الداخلية الحالي وصاحب النظرة المتشددة ضد الجزائر، رئيساً لحزب "الجمهوريين"، بنسبة 74.31 بالمائة من الأصوات، في انتصار ساحق على منافسه لوران فوكيي.


(الصورة: فيسبوك)

مرشحٌ وحيد.. عزوز ناصري في طريقه لخلافة صالح قوجيل على رأس مجلس الأمة

أعلن رئيس كتلة الثلث الرئاسي بمجلس الأمة، ساعد عروس، ترشيح عزوز ناصري لمنصب رئيس مجلس الأمة.


مجلس الأمة

خليفة صالح قوجيل على رأس مجلس الأمة.. أسماء تنتظر "الضوء الأخضر"

على بُعد أقل من 72 ساعة من موعد انتخاب خليفة رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، المقرَّر يوم الاثنين الـ19 من الشهر الجاري، في جلسة علنية عامّة ستعرف تنصيب الأعضاء الجُدد لمجلس الأمة بعنوان التجديد النصفي لسنة 2025، يتواصل الغموض حول هوية خامس رئيس للهيئة التشريعية منذ تأسيسها سنة 1996.

كيليا نمور_0.jpg
رياضة

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير

أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

الصحفي رؤوف حرز الله
أخبار

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء

أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.


دومينيك دوفيلبان, رئيس الحكومة الفرنسية سابقا
أخبار

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني

انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

طلبة الجامعي
أخبار

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟

تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.

الأكثر قراءة

1
رياضة

مولودية الجزائر تنفرد بالصدارة وتقترب من التتويج بلقب البطولة


2
أخبار

هل خسرت رونو 120 مليون أورو في الجزائر؟ وزير الصناعة الأسبق يكشف معطيات جديدة


3
أخبار

النيجر ستستقبل 4 آلاف مهاجر رُحّلوا من الجزائر دعمًا لبرنامج "الإعادة إلى الوطن"


4
أخبار

تصعيدٌ مستمر بين البلدين.. الجزائر ترد على فرنسا بشأن فرض التأشيرات على حاملي الجوازات الدبلوماسية


5
اقتصاد

مشروع قانون المناجم في طريقه للتمرير.. مخاوف المعارضة تتوسع من "رهن الثروات الوطنية" و"التبعية للخارج"