21-مارس-2020

هشام بوداوي, لاعب نادي نيس الفرنسي (يوتيوب)

لكل لاعبٍ حكاية مع الاحتراف في عالم كرة القدم. فراقُ الأهل والابتعاد عن الأقارب والأصدقاء قرارٌ صعبُ ثمنه باهض، لكن النجاحات قد تُنسي ويلات الغُربة، خصوصًا للاعبٍ في مقتبل العمر كسب ثقة مدرّب المنتخب الأوّل فأصبح، جزءًا لا يتجزأ من كتيبة محاربين توّجّت بلقب قاريّ روى عطش سنواتٍ من الانتظار، إنّه هشام بوداوي غزال صحراء الساورة.

لأوّل مرّة يفتح ابن الجنوب سجّل حياته، ليتحدّث عن مسيرته منذ انضمامه لفريق الجنوب الفرنسي

من صحراء الجزائر إلى ساحل نيس

ولد في الثالث والعشرين من أيلول/سبتمبر 1999، بالجنوب الغربي الجزائري، بالتحديد بولاية بشار (700 كلم إلى العاصمة)، وهو الشقيق الأصغر لخمس ذكورٍ وثلاث إناث. تربّى هشام في حيّ شعبيّ كغيره من أقرانه، عشِق الساحرة المستديرة مثلما تسحر الصحراء زُوّارها، وداعب الكرة منذ نعومة أظافره، ولم يكن وحده من يُمارس كرة القدم في عائلته، بل كان يقتدي بأخيه الأكبر، الذي حمِل ألوان فرقٍ كانت تنشط في القسم الأوّل والثاني بالبطولة الجزائرية، غير أن الإصابة جعلت شقيقه يتوقّف عن ممارستها وهو الآن مشروع مدرّب.

اقرأ/ي أيضًا: صحافي يعتدي لفظيًا على لاعب "الخضر" هشام بوداوي

 

لأوّل مرّة يفتح ابن الجنوب سجّل حياته، ليتحدّث عن مسيرته منذ انضمامه لفريق الجنوب الفرنسي قائلًا لموقع الفريق الفرنسي عبر اليوتوب: "هناك في صحراء الجزائر، الكلّ لا يزال محافظًا على العادات والتقاليد، لهذا أبدو هادئًا وخجولًا، لكن في الميدان عكس ذلك فأنا أقاتل من أجل الفوز".

وأضاف "في سنّ الحادية عشرة تركت عائلتي وغادرت باتجاه الجزائر، وبالتحديد نحو أكاديمية بارادو. هي الآن واحد من أنجح الفرق المحلية الناشطة في الرابطة المحترفة الأولى".

وتابع في السياق، "مع نادي برادو، تعلّمت أبجديات كرة القدم، وحتى اللغة الفرنسية وذلك بفضل المدرّبين الفرنسيين الذين كانوا يعملون بالأكاديمية".

وجهًا لوجه

في سنّ السابعة عشرة، بصم الفتى الأسمر، على أوّل مشاركة له رفقة فريقه نادي بارادو، بمواجهته لواحد من أعرق وأكبر الفرق في الجزائر وهو اتحاد العاصمة، ويسرد في هذا الصدد عن أول لقاء له قائلًا: "وجدت نفسي وجهًا لوجه أمام فريقٍ بحجم اتحاد الجزائر، لعبت آنذاك سبعين دقيقة..، كنت خائفا جدًا حينها"، وتابع هشام بوداوي: "قمت بتمريرة حاسمة ولم أستوعب كيف فعلت ذلك، لكن مع مرور الوقت تأقلمت وأخذت ثقةً أكبر ومن ثمّ انطلق المشوار".

دعوة بلماضي.. الحلم

آداء هشام بوداوي الهادئ رفقة فريق "الباك" (أكاديمية بارادو)، فتح له أبواب المنتخب الوطني وتوّج مع الخضر بنهائيات أمم إفريقيا، إذ يروي: كنت نائمًا في غرفتي ثم جاء أخي وأيقظني وقال لي حرفيًا: "مبروك أنت مع الأربع والعشرين لاعبًا، الذين سيخضون كان القاهرة".

وأردف حديثه ضاحكًا: "سرعان ما عدت إلى النوم ظننته حلمًا.. لكن بعدما استيقظت مجدّدًا وجدت العديد من رسائل الأصدقاء والزملاء على الأنستغرام".

وعن خوضه لأوّل تجربة له مع الخُضر، عاد هشام بوداوي إلى لحظات تتويجه مع المنتخب الوطني بنهائيات أمم إفريقيا 2019، التي احتضنتها مصر مؤخرًا، وراح يسرد لحظات التظاهرة إلى غاية إطلاق الحكم لصافرة النهاية، معلنًا تتويج المحاربين بثاني لقب قاري، بعد غياب طويل امتدّ إلى تسع وعشرين سنة.

وقال مدافع نيس: "الفوز بكأس أمم إفريقيا ليس أمرًا عاديًا على الإطلاق"، ففي نهاية اللقاء لا تدري ماذا ستفعل خصوصًا وسط الفرحة العارمة داخل وخارج الملعب.. وفي الجزائر وحتى في كل بقاع العالم..، حقيقة الأمر مذهل".

دفء الغربة

نادي "نيس" الفرنسي، يعدّ أول محطة احترافية لهشام بوداوي، فسفره وبعده عن الأهل هذه المرّة لم يكن من بشار إلى الجزائر (700 كلم)، وإنما من قارة إلى قارّة، فيؤكد بوداوي أنه "قبل مجيئي إلى النادي الفرنسي، كنت أتابعه لأنّ صديقي يوسف عطّال، كان يحمل ألوانه وأخذت الفكرة عن مدينة نيس عن طريقه".

وتابع هشام: "أجواء نيس بالنسبة لي عاديّة وتأقلمي كان سريعًا، ويوسف كان صديقي منذ الأكاديمية، فصداقتنا تمتدّ لسنوات طويلة، فبدونه ربما لم أكن لأستطيع التأقلم سريعًا في أول تجربة احترافية لي".

يسترجع الذراع الأيمن لدفاع بلماضي، لحظة قبوله في النادي الفرنسي، فيسرد في الحوار قائلًا: "قبل انضمامي لفريق نيس بصفة رسمية، بعث لي يوسف برسالة قصيرة يقول فيها: تعال غرفتك جاهزة (يبتسم).. فقلت له أنا قادم"، ليواصل "ما شجّعني أكثر، أكرر هو تواجد يوسف عطال الذي سهل طريقي ووضعني في أحسن الظروف، ولم أشعر بفراق الأهل والأحبة".

هشام بوداوي: علاقتي بمدرب الفريق باترييك فييرا جدّ رائعة لأنه ساعدني منذ البداية

كما عرّج على علاقته بمدرب الفريق باترييك فييرا "علاقتي به جد رائعة؛ لأنه ساعدني في البداية وقال لي حرفيًا لا تقلق هشام ستعمل وستأتيك فرصة اللعب وستنجح".

ليكمل: "اليوم أنا أتطلّع لأحسّن إمكانياتي، لأني في بداية الطريق وسأعمل جاهدًا للوصول إلى هدفي الذي جئت من أجله".

 

اقرأ/ي أيضًا:

محاربو الصحراء وأسود التيرانغا.. تاريخ المواجهات

صوّت برأيك.. من أفضل لاعب في كأس أمم أفريقيا 2019؟