28-نوفمبر-2019

مغني الراب الجزائري "سولكينغ" (فيسبوك/الترا جزائر)

لم تحظ أغنية "بيبي ألو" لنجم الراب الجزائري عبد الرؤف دراجي المعروف فنيًا بـ"سولكينغ" سوى بـ 16 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب، بعد أسبوعين من إصدارها، وهو ما لم يتعوّد عليها مغنّي الراب الذي كانت أغانيه تلقى مشاهدات قياسية تفوق بكثير هذا الرقم وفي ظرفٍ وجيز من طرحها.

توقّع كثيرون أن تلقى أغنية "بيبي ألو" نجاحًا يفوق الذي حقّقته أغانيه السابقة

بالنظر إلى الأحداث الأخيرة التي عرفها مشوار "سولكينغ"، يتبادر إلى الجميع سؤال مضمونه، هل يعود هذا التراجع في الإقبال على الاستماع لأغاني ابن حي سطاوالي غرب الجزائر العاصمة، إلى حادث التدافع الأليم الذي أدّى إلى سقوط قتلى الصيف الماضي، أم أنها مجرّد كبوّة للمغنّي الأكثر شهرة في العامين الأخيرين.

اقرأ/ي أيضًا: حفل سولكينغ.. حالة طوارئ في العاصمة

"سولكينغ" على يوتيوب

 لم تستطع أغنية "بيبي ألو" التي طرحها "سولكينغ" مطلع الشهر الجاري، أن تتجاوز الأرقام التي حقّقتها أعماله السابقة، فبالنسبة لنجم يملك 4.95 مليون مشترك في قناته على يوتيوب و1.4 مليون متابع على فايسبوك لا يعدّ ما حقّقته الأغنية الأخيرة نجاحًا باهرًا، خاصّة وأن بعض أغانيه السابقة تجاوزت رقم 200 مليون مشاهدة بالنسبة، ومن بينها أغنية "داليدا".

بناءً على هذه التجربة الغنائية، توقّع كثيرون أن تلقى أغنية "بيبي ألو" نجاحًا يفوق الذي حقّقته أغانيه السابقة، غير أن الأمور سارت على نحو مخيّب للنجم الثلاثيني الذي يبدو أن نهاية هذا العام ستكون سيئة في مشواره الفنّي، مع أنّه في مطلع هذه السنة، حقّقت أغنيته "ليبارتي" مشاهدة عالية على يوتيوب تجاوزت 174 مليون مشاهدة منذ إطلاقها.

 هنا، يعتقد الصحافي  حسان مرابط المهتم بالشأن الثقافي الجزائري أن عدم تحقيق الأغنية مشاهدة مثل سابقاتها مردّه أن "سولكينغ" أخفق في اختيار توقيت طرح هذه الأغنية الجديدة، تزامنًا مع الأوضاع السياسية المتوتّرة في الجزائر، واهتمام الجزائرين بالقضايا التي تخرج عن نطاق السياسية وعن الوضع الذي تعيشه البلاد.

وأوضح حسان مرابط لـ"الترا الجزائر" أن "نجاح أغنية "ليبرتي" يعود لنزولها خلال الجمعات الأولى للحراك الشعبي، لذلك كان صداها فوق المتوقّع. إنها أغنية سياسية بامتياز، كما شاركت في الأغنية فرقة أولاد البهجة التي يتابعها جمهور عريض وجلّ أغانيها سياسية".

بعد الفاجعة

لا أحد يُنكر أن حادث التدافع الذي حدث خلال حفل "سولكينغ" في 22 آب/أوت الماضي وخلف خمسة قتلى قد كان له وقعٌ سلبيٌّ على شعبية المغني الشاب، إذ لم يتردّد الكثير من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي على تحميله جزءًا من مسؤولية ما حدث، رغم عدم علمه أثناء الحفل، بما كان يحدث وقتها خارج "ملعب 20 أوت" ببلدية بلوزداد وسط العاصمة الجزائر.

رغم ظهور "سولكينغ" متأثرًا في أحد الفيديوهات، مقدّمًا تعازيه لأهالي ضحايا التدافع، إلا أنه لم يحسن التعامل على الأقلّ إعلاميًا مع هذه الحادثة، مثلما يقول حسان مرابط، الذي لا يؤيّد كثيرًا فكرة أن تكون هذه الحادثة وراء عدم تحقيق أغنيته الجديدة انتشارًا مماثلًا لما حققته بعض أغانيه السابقة.

بإسقاط أغنية "سولكينغ" على الأحداث السياسية التي تمرّ بها البلاد، لم يكن فنان الراب أيضًا موفقًا في الموضوع الذي تناولته، والمتعلّق بتضحية الوالد من أجل الابن والعائلة.

تبعات الحفل

تبعات حادثة حفل "سولكينغ" التي أطاحت بوزيرة الثقافة السابقة مريم مرداسي، لا تزال مستمرّة حتى الآن بعد دخول القضاء كلاعب أساسي في تحديد مسؤوليات من كانوا وراء مقتل خمسة أشخاص من بينهم أطفال، فالخميس الماضي التمس وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد تسليط عقوبة الحبس 3 سنوات نافذة ضدّ المدير العام السابق للديوان الوطني لحقوق المؤلّف سامي بن شيخ، الذي تتمّ محاكمته رفقة 13 آخرين متّهمين في حادث التدافع.

ونقلت الصحافة الجزائرية أن بن شيخ دافع عن نفسه خلال المحاكمة من أي مسؤولية، ورمى بها إلى ملعب وزيرة الثقافة السابقة، باعتبارها من أمرت بتنظيم هذا الحفل، حتى ولو كان الديوان الذي كان يرأسه من قام بعملية التنظيم، على حدّ قوله.

وقال بن الشيخ نقلًا عن محاميه، إنّ مريم مرداسي تفقّدت الملعب مرّتين للتأكد من جاهزيته لاحتضان حفل نجم الراب، الذي كان وقتها في صدارة الفنانين المطلوبين لإقامة حفل في الجزائر.

وأشار بن شيخ خلال المحاكمة إلى أن الوالي المنتدب للدائرة الإدارية لحسين داي وسط العاصمة الجزائر رفض أن يُقام الحفل بالملعب لعدم استكمال الأشغال فيه، مضيفًا أنه قد تم إعلام الوزيرة السابقة بذلك، واقترح عليها تأجيل الحفل أو إلغائه، غير أنها لم تكترث لهذا الطلب وطلبت منح ترخيص تنظيم الحفل بحجّة أن مصالحها ملتزمة بما اتفقت به مع "سوليكينغ".

وكشف بن شيخ أن مداخيل الحفل بلغت 30 مليون دينار جزائري (250 ألف دولار)، عادت 20 مليون (قرابة 170 ألف دولار) منها لـ "سولكينغ".

وكان "سوليكينغ" قد وعد قبل الحفل أن توجّه نصف العائدات المالية للتضامن مع جمعيات خيرية، ولا يُعلم لحد الآن إن تم ذلك أم لا، خاصّة وأن حادث التدافع غطى على أي نشاط تبع حفل نجم الراب وجمّد برنامج جولاته الفنية داخل البلاد.

مازالت حادثة التدافع تلاحق نجم  الراب "سولكينغ" وتؤثّر على انتشار أعماله 

وإلى أن يصدر الحكم النهائي في قضية سقوط قتلى في حفل "سولكينغ"، تبقى هذه الحادثة تلاحق نجم الراب الثلاثيني في جميع أعماله وحفلاته على الأقلّ خلال الفترة الحالية، خاصّة لما تقام مهرجاناته في الأماكن التي تعرف وجودًا كبيرًا للجزائريين مثل بلد إقامته الحالية فرنسا، وبالتالي فإنّ على مغنّي الراب، البحث عن الطريقة المناسبة لتجاوز هذه الأزمة، و أزمات أخرى منها انتشار أنباءٍ حول خلافه مع مدير أعماله الذي كان شريكًا في صنع نجاحاته.

 

اقرأ/ي أيضًا:

سولكينغ وعَلَم البوليساريو.. السياسة في وضعية تسلّل

سولكينغ ستايل.. مزيج بين موسيقى الراب والأنمي الياباني