20-أبريل-2022
هواري بن قادة (الصورة: يوتيوب)

ما تزال يوميات الأمريكيّين مبرمجةً على عمليّات إطلاق نار مفاجئة من طرف أشخاص يملكون أسلحة ناريّة؛ في ظلّ عجز سياسيّين وحقوقيّين عن إلغاء حق المواطن الأمريكيّ في أن يحمل ويحوز سلاحًا ناريًّا، منذ عام 1789؛ وقد طالت بعض تلك الهجمات فضاءاتٍ تربويّة وصحّيّة وتجاريّة مخلّفةً عشرات القتلى. 

حاول الشاب الجزائري إنقاذ امرأة حامل بجسده فأصيب برصاصة في ركبته ونقل مباشرة إلى المستشفى

كان آخر هذه الهجمات في محّطة مترو بروكلين بنيويورك؛ حيث قام شخص موصوف من جهاز الشّرطة بالمسبوق بجرائم خطيرة يدعى فرانك جيمس بإطلاق النّار مع قنبلة دخانيّة في إحدى عربات المترو؛ وخلّف الحادث 16 إصابة. 

حدث أن كان الشّابّ ذو الأصول الجزائريّة هوّاري بن قادة؛ 27 عامًا، متواجدًا في العربة، فانبرى عفويًّا لحماية امرأة حامل بجسده، ممّا جعله يصاب برصاصة في ركبته، وينقل مباشرة إلى المستشفى. 

بات هوّاري بن قادة محلّ تناول وإشادة من طرف وسائل الإعلام وروّاد مواقع التّواصل الاجتماعيّ في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، منها جريدة "نيويورك تايمز" التّي خصّصت له حيّزًا مثيرًا، فوصف بالبطل والمهاجر المفيد والإنسان الخرافيّ، وتولّت منظّمات إنسانيّة في نيويورك جمع تبرّعات ماليّة له. 

ولأنّ هذا "المهاجر المفيد" مسلم قادم من شمال أفريقيا والشّرق الأوسط البقعتين اللّتين تزوّدان الفضاء الأمريكيّ تاريخيًّا بكثير من المهاجرين؛ فقد استغلّ حقوقيّون الفرصة، وراحوا يذكّرون بضرورة إلغاء الإجراءات المتشدّدة المانعة لقدوم مهاجرين جدد والعاملة على التّخلّي عن بعض المهاجرين السّابقين؛ وُرث بعضها عن عهدة الرّئيس ترامب،  قائلين إنّ ربط المهاجر بما يؤذي الأمريكيّين حكم مسبق تعسّفي. والدّليل حسبهم أنّ مطلق النّار مواطن أمريكيّ أصليّ بينما من ضحّى بنفسه دفاعًا عن السّيّدة الأمريكيّة الحامل هو مهاجر مسلم من الجزائر. 

وبقدر ما حظي هوّاري بن قادة بإعجاب وثناء الأمريكيّين، حظي بذلك أيضًا من طرف الجزائريّين في مواقع التّواصل الاجتماعيّ. 

يقول الإعلاميّ حمزة دبّاح إنّ هذا الفعل البطوليّ حصل من هواري بينما كان الجميع يهرب من القطار وسط تدافع كبير للنّجاة من الرصاص والغازات الخانقة. "وشكّل إضافةً عالية القيمة لمصلحة تعزيز الصّورة الإيجابيّة عن المسلمين داخل المجتمع الأمريكيّ. وقد زاد في خصوصيّة ورمزيّة الإحالة للقيم الإسلاميّة ولقوّة الحسّ الإنسانيّ بالنّسبة للمسلمين ولشدّة قيمة الشّجاعة بالنّسبة للجزائريّين؛ كون البطل هواري كان صائمًا لتزامن الواقعة مع شهر رمضان المبارك". 

من جهته؛ يقول النّاشط الثّقافيّ والطّالب الجامعيّ محمّد بوقرّة إنّ الامتنان الذّي يشعر به الإنسان الغربيّ تجاه من يضحّي بنفسه من أجله عميق جدًّا؛ "فهو يشعره بعمق الرّابطة الإنسانيّة؛ وهو ما أكّده سلوك الشّابّ الجزائريّ الذّي رفع عاليًا رؤوس المسلمين عمومًا والجزائريّين خصوصًا، خاصّةً أنّ ذلك تزامن مع إعلان العالم الجزائريّ بلقاسم حبّة أكثرَ العلماء اختراعًا في العالم". 

يؤكّد كثير من المهاجرين الجزائريّين استعداد المهاجر الجزائريّ للعطاء في الفضاء الذّي يهاجر إليه

ويؤكّد كثير من المهاجرين الجزائريّين؛ من خلال الإنجازات العلميّة والفنّيّة والرّياضيّة للبعض؛ والبطولات الإنسانيّة لآخربن، تميّز المهاجر الجزائريّ واستعداده للعطاء في الفضاء الذّي يهاجر إليه، بما يسمح بتحسين صورته في دوائر الهجرة المختلفة؛ في ظلّ إقبال غير مسبوق عليها من طرف الشّباب الجزائريّين، خلال السّنتين الأخيرتين.