07-مارس-2023

(الصورة: دويتش فيله)

باشرت الجهات القضائية في الجزائر تحقيقات بشأن ظاهرة وخز الأطفال بالإبر في الشارع من قبل مجهولين أغلبهم نساء في عدة ولايات، وهو ما أحدث هلعًا وسط المتمدرسين والأولياء على حدٍّ سواء، وسط تساؤلات إن كان ما يحدث بالجزائر له صلة بما حدث في دول أوروبية أم لا.

دارت تأويلات كثيرة على المنصات الإلكترونية حول هذه الظاهرة الجديدة تربطها في الغالب بالسحر والشعوذة

وتعيد هذه الظاهرة إن تأكّدت صحتها بالحجم الذي يتم الحديث عنه على مواقع التواصل الاجتماعي النقاش حول مدى تأمين المؤسّسات التربوية، وحماية الأطفال في رحلتهم اليومية من البيت إلى الأقسام.

ودارت تأويلات كثيرة على المنصات الإلكترونية حول هذه الظاهرة الجديدة، تربطها في الغالب بالسحر والشعوذة، وهو ما ذهبت إليه التقارير الرسمية، حين أكدت أن إحدى الموقوفات اشتهرت بممارسة الشعوذة والعرافة.

عدة حالات

أعلنت النيابة العامة لمحكمة بوفاريك بولاية البلدية اثنين هذا الأسبوع تلقيها شكويين، الأولى مسجلة بتاريخ 26 شباط/فيفري الماضي على المستوى الحضري الرابع طريق الشبلي من طرف ولي بخصوص تعرض ابنته القاصر البالغة من العمر ثماني سنوات تدرس بالسنة الثانية ابتدائي، إلى وخز بالإبرة على مستوى كف يدها اليسرى من طرف امرأة مجهولة  كانت ترتدي جلبابًا وتضع نقابًا، وذلك أمام مدرسة بلوش الوناس ببوفاريك.

وأفادت نيابة الجمهورية أن الشكوى الثانية مسجلة على مستوى الأمن الحضري الرابع لبئر توتة بالعاصمة بتاريخ الثاني من آذار/مارس الجاري، ومقيدة من قبل أب تعرضت ابنته التلميذ البالغة من العمر ثماني سنوات إلى وخز بالإبرة  على مستوى اليد والكتف بتاريخ 21 شباط/فيفري الماضي  من طرف امرأة بالمواصفات المذكورة سلفًا.

وأفاد بيان المحكمة أنه في انتظار استكمال التحقيق وإيقاف الفاعلين، يرجى من الأولياء تحسيس أبنائهم بضرورة عدم السماح لأي شخص غريب بالتقرب منهم وعلى كل شخص إبلاغ الجهات المختصة فورًا بأيّة حالة مشابهة حتى يتسنى لمصالح الضبطية القضائية التدخل فورًا.

والأسبوع الفارط، أعلن وكيل الجمهورية لدى محكمة العطاف بولاية عين الدفلى إيداع امرأتين مشتبه فيهما بمحاولة اختطاف تلميذة ببلدية الماين، مع حجز مواد تُستخدَم في السحر، كالشعر وإبر خاصة، وذلك أثناء محاولة خطف هذه التلميذة.

وإضافة إلى الحالات الثلاثة المعلن عنها من طرف جهات، قضائية تعج مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة بروايات مختلفة بشأن تعرض تلاميذ للوخز بالإبر من قبل نساء مجهولات، لكن هذه الحالات لم يتم التأكد من صحتها لحد الآن.

لا تأكيد

رغم الضجة التي أظهرتها  الأنباء المتعلقة بوخز التلاميذ بالإبر على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ لم يتلق لحد الآن أية شكوى بشأن هذه الاعتداءات التي تستهدف التلاميذ وفق تصريح نائب رئيس الاتحاد محمد مباركية لـ"الترا جزائر".

وأضاف مباركية أنه انطلاقًا من هذا الوضع، فإننا ندعو الجزائريين إلى عدم  الانجرار وراءالتهويل وجعل هذه الظاهرة موجودة في كل الولايات، لكن دون أن يمنعنا هذا  من الحذر، مشددًا في الوقت ذاته على ضرورة أن تؤكد هذه الأنباء أو تنفى بعيدًا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي قد تساهم في بث الهلع والخوف في نفوس التلاميذ والأولياء على حد سواء.

وبالنسبة لممثل الاتحاد الوطني لأولياء التلاميذ، فإن تفادي هذا النوع من الاعتداءات وغيرها يكون بتوفير الأمن بالمؤسسات التربوية، مشيرا إلى أن الجمعية التي ينتمي إليها كانت قد طالبت في أكثر من مرة بضرورة توفير دوريات للشرطة قرب المؤسسات التربوية بشكل يومي، وبالخصوص في فترتي الدخول والخروج، لأن وجود جهات أمنية بمحيط المؤسسات التعليمية سيردع أي شخص يحاول أن يرتكب أي جرم ضد التلاميذ.

ورفضت نقابات في التربية التعليق على هذه الظاهرة، بسبب عدم توفرها على معلومات كافية بشأنها، بالنظر إلى عدم تسجيل حالات في المحيط الذي يعمل به من سألناهم.

تخوف

وتظهر تعليقات الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي على حوادث الوخز بالإبر التي تستهدف التلاميذ أن تكون مشابهة لتلك التي شهدتها عدة دول الصيف الماضي، رغم عدم وجود مؤشرات على صلة الأحداث ببعضها البعض.

وشهدت أوروبا في حزيران/جوان الماضي ظاهرة الوخز بالإبر التي أثارت الرعب في عديد الدول في 2021، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية على سبيل المثال في حزيران/جوان الماضي تقدم ستة أشخاص بشكوى نتيجة تعرضهم لحقن خلال مهرجان الموسيقى الجامعي الدولي في مدينة بلفور الفرنسية

ووفقاً لتقرير نُشر على "Time" شهر حزيران/جوان الماضي، أفاد أكثر من 300 شخص في جميع أنحاء فرنسا بأنهم تعرضوا للوخز بالإبر في الملاهي الليلية أو الحفلات الموسيقية في الأشهر الأخيرة. ,وفي القضية أطباء ومدعون عامون، لكن لا أحد يعرف من يفعل ذلك أو لماذا، وما إذا كان الضحايا حُقنوا بالمخدرات أو أي مادة على الإطلاق.

وسجلت هذه الحوادث أيضًا في كل في كل من هولندا وبلجيكا وبريطانيا التي تشهد هذه الظاهرة منذ 2021،  حيث رصدت مئات الحالات.

ووفق شبكة "سكاي نيوز" الأميركية، فإن تقريرًا برلمانيًا بريطانيا قال إن نقصًا يشوب البيانات اللازمة للحكم على مدى خطورة الأمر، وتقرب هذه الصفة للحوادث المسجلة في الجزائر التي ما تزال  تفتقد لمعلومات كافية حول أسباب هذه الظاهرة، ومن يقفون وراءها وأهدافهم.

وما يفرق بين الحوادث المسجلة في أوروبا والجزائر، أنها استهدفت مختلف الفئات وبالخصوص الشباب في القارة العجوز، أما الحالات المسجلة بالجزائر فتستهدف التلاميذ، حسب الحالات المعلن عنها من الجهات القضائية.

بعض أعراض الوخز بالإبر في أوروبا نجم عنها غثيان ودوار يظهران بانتظام على الضحايا

وفي انتظار كشف الجهات القضائية حيثيات الحوادث المسجلة، ومدى حقيقة ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، يستوجب على الجميع الحذر والتحرك وفي مقدمتها وزارة التربية، إذ انه من غير المعقول أنه لحد الآن لا تتوفر المؤسسات التربوية على كاميرات مراقبة، مع العلم أن بعض أعراض الوخز بالإبر في أوروبا نجم عنها غثيان ودوار يظهران بانتظام على الضحايا، بالإضافة إلى ألم حاد واضطرابات بصرية وارتفاع درجات حرارة الجسم.