31-مارس-2022

(تصوير: بلال بن سالم/Getty)

 

عين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون منذ أيام وزيرا جديدًا للنقل بعدما بقي هذا المنصب يسير لنحو أسبوعين بالنيابة من قبل وزير الأشغال العمومية، عقب الإقالة المفاجئة لوزير القطاع السابق عيسى بكاي، وهي الإقالة التي لا تعد الأولى من نوعها في هذه الوزارة التي كثيرًا ما تنهى مهام من يتولونها بطريقة "مهينة".

 ظل الوزراء المكلفون بقطاع النقل تحت الأنظار سواءً تعلق الأمر بنجاحاتهم أو إخفاقاتهم

ويشكل قطاع النقل في الجزائر كغيره من الدول أهمية اقتصادية كبرى، بالنظر إلى أنه هو أساس تنمية الاقتصاد ورفع الصادرات وتنقل الأشخاص، لذلك ظل الوزراء الذين يكلفون بهذه الحقيبة تحت الأنظار سواءً تعلق الأمر بنجاحاتهم أو إخفاقاتهم، والتي جعلت العديد منهم يقالون بكيفيات خاصة واستثنائية.

اقرأ/ي أيضًا: بكاي يدعو إلى تعميم آلية الدفع الإلكتروني في مجال النقل البري

ولا تعد إقالة الرئيس تبون لعيسى بكاي التي شدت الرأي العام الوحيدة في قطاع النقل الوحيدة في الألفية الجديدة، فعدة وزراء كان مرورهم بوزارة النقل نقطة سوداء في مشوارهم المهني، كونهم أنهيت مهامهم من  قبل رئيس البلاد بطريقة علنية واستثنائية وربما مهينة بسبب فضائح تسييرية، فيما كان مصير البعض الإحالة على العدالة.

https://www.youtube.com/watch?v=S00iP_xRgHI&feature=youtu.be

المطار يقيل مغلاوي

رغم أن الحقائب الوزارية في عهد الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة كانت توزع وفق حصص معينة لأحزاب التحالف الرئاسي التي كانت ممثلة خلال الولايتين الأولى والثانية لبوتفليقة، إلا أن ذلك لم يشفع لوزير النقل الراحل محمد مغلاوي الذي كان ينتمي إلى التجمع الوطني الديمقراطي للبقاء في منصبه والنجاة من الانتقاد الرئاسي.

ولم يكن مغلاوي يتصور وقتها أن تكون وزارة النقل التي كلف بإدارتها في 2004 سببًا في جعله وزيرًا سابقًا عام 2006، وهي الإقالة التي جاءت بعد أيام معدودات من عملية توبيخ علنية تعرض لها من قبل الرئيس الراحل بوتفليقة، وشاهدها وقتها أكثر من 30 مليون جوائري.

وبالعودة إلى تفاصيل الحادثة، فإنه بعد أسابيع من زيارة تفقدية قادت الرئيس السابق وقتها لبعض المنشآت بولاية الجزائر، منها مطار الجزائر الدولي الذي كان في تلك الفترة قيد الإنشاء، قام بوتفليقة بتعديل حكومي تضمن إنهاء مهام الوزير محمد مغلاوي.

وقال بوتفليقة وقتها لوزير النقل محمد مغلاوي في تصريح نقله التلفزيون الحكومي" لقد تأخرتم كثيرًا في أشغال إنجاز المطار وليس هذا ما كنتم تقولون في مجلس الوزراء".

واعتبرت هذه الحادثة حينها المرة الأولى التي يوبخ فيها رئيس البلاد وزيرًا أمام الملأ، في حادثة شاهدها جميع الجزائريين، ولفتت اهتمام الصحافة.

وتحدثت بعض الأطراف وقتها أن هذه الحادثة كان لها أثر سلبي على وزير النقل السابق، وساهمت في تدهور حالته الصحية ليغادر الحياة عام 2009، وهو مصنف ضمن المغضوب عليهم من قبل رئيس البلاد حتى وإن كان ينتمي حينها لحزب الإدارة التجمع الوطني الديمقراطي.

صفقة ملاعق تنهي مهام هاني

في التاسع من شهر كانون الأول/جانفي من 2021، أصدرت الرئاسة الجزائرية بيانًا جاء فيه أن الرئيس تبون أقال عددًا من المسؤولين، ومنهم وزير النقل لزهر هاني، وذلك بسبب صفقة للخطوط الجوية الجزائرية.

وأضاف البيان أن "هذا القرار جاء بعد استيراد الشركة لوازم خدمات الإطعام دون الأخذ بعين الاعتبار للظرف الاقتصادي الوطني والتوجيهات المالية الرامية لتكريس تسيير عقلاني للعملة الصعبة، وإيلاء الأولوية للإنتاج الوطني".

وقال تبون بعدها في لقاء تلفزيوني إنه أمر شخصيًا الوزير الأول بإقالة وزير النقل ومدير شركة الخطوط الجوية الجزائرية والأمين العام للشركة بسبب إطلاقهم صفقة دولية  لاقتناء ملاعق وشوكات من الخارج، في وقت تعمل فيه الحكومة على منع استيراد أي منتج مصنوع محليا.

وتعمل الجزائر منذ سنوات على كبح فاتورة الواردات حفاظًا على احتياطات النقد الأجنبي المتهاوية منذ الأزمة النفطية في عام 2014.

خطأ فادح

في العاشر  من آذار/مارس من العام الجاري، أفاد بيان للرئاسة الجزائرية بأنه "بعد استشارة الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان ،أنهى الرئيس عبد المجيد تبون، مهام وزير النقل عيسى بكاي، لارتكابه خطأً فادحًا، خلال ممارسته مهامه".

ولم تكشف الرئاسة  أو الحكومة حتى اليوم تفاصيل "الخطأ الفادح" الذي ارتكبه عيسى بكاي، كما لم يسائل نواب البرلمان الحكومة حول سبب هذه الإقالة المفاجئة.

وترجح جهات غير رسمية أن يكون سبب الإقالة هي تصريحات أطلقها بكاي تتعلق بالحالة الوبائية لكورونا في الجزائر، والتي اعتبرت أنها تدخلًا في صلاحيات خارج مهامه، بالنظر إلى أن كل ما يتعلق بالوضعية الوبائية هو من صلاحية اللجنة العليمة لمتابعة ورصد فيروس كورونا.

وجاءت إقالة بكاي غداة إعلان وزارة النقل تسيير أكثر من 100 رحلة إضافية لشركة الخطوط الجوية الجزائرية إلى الخارج في إطار العودة التدريجية إلى الوضعية التي سبقت القيود التي فرضتها جائحة كورونا.

ودخل عيسى بكاي (57 سنة) الحكومة مع أول تشكيلة وزارية للرئيس تبون في كانون الثاني/جانفي 2020 كوزير مكلف للتجارة الخارجية التي ألغيت فيما بعد، لكن الرئيس تبون أعاده إلى الحكومة بعد الانتخابات التشريعية، وكلفه بحقيبة النقل في تموز/جويلية 2021.

وإذا كان عقاب هؤلاء الوزراء مغادرة مناصبهم من الأبواب الضيقة، فإن مصير زملائهم الآخرين كان أقصى من ذلك بوصول ملفاتهم إلى أروقة العدالة كعمار غول وعبد الغني زعلان.

لتفادي أن يلقى الوزير الجديد للنقل عبد الله منجي  مصير سابقة سيكون مطالبًا بالحرص على تنفيذ المشاريع ذات الأولوية في قطاع النقل

ولتفادي أن يلقى الوزير الجديد للنقل عبد الله منجي المصير نفسه، سيكون مطالبًا بالحرص على تنفيذ المشاريع ذات الأولوية في قطاع النقل، والتي يحصرها  الخبير الاقتصادي الدكتور إسحاق خرشي في مشكل الاكتظاظ المروري في العاصمة، ومنح تراخيص للخواص في النقل الجوي، والتسيير الاقتصادي للموانئ، وتوسيع الخط و تمديد الوقت لميترو و ترامواي العاصمة، ورقمنة أنظمة الدفع لمختلف وسائل النقل، وتدعيم أسطول النقل البحري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

خوصصة النقل الجوي.. البحث عن استثمار خارج تجربتي الخليفة وحداد؟

38 مليار دينار خسائر الجوية الجزائرية بسبب كورونا