"يتكلم بلسان الموساد".. هجوم حادٌّ على المؤرخ محمد الأمين بلغيث بعد ربطه الأمازيغية بالفرنسية والصهيونية
2 مايو 2025
لم يلبث المؤرخ محمد الأمين بلغيث، بعد فترة من التواري، أن فجّر الجدل من جديد، بحديثه عن أطروحاته التي ينكر فيها البعد الأمازيغي للجزائر ويستدعي فيها فرضيات تاريخية تشير إلى الهوية العربية للبربر الذين يسكنون هذه الأرض من آلاف السنين.
المؤرخ اشتهر بأطروحاته المثيرة للجدل حول الهوية وتاريخ الثورة
وفي حوار له بثته قناة "سكاي نيوز عربية"، نفى بلغيث صاحب المواقف الجدلية المتكررة، وجود الأمازيغية بوصفها هوية أو ثقافة، معتبراً أنها "مشروع أيديولوجي صهيوني فرنسي بامتياز". وأبرز أن سكان شمال أفريقيا هم "بربر عرب قدماء" وأن أصولهم فينيقية كنعانية، وأن "قضية الأمازيغية" ليست إلا أداة لتقويض وحدة دول المغرب العربي، على حد قوله.
وكعادة هذه التصريحات التي تلعب على وتر الهوية الحساس، توالت ردود الفعل الغاضبة من عدة شخصيات فكرية وحقوقية وإعلامية، اعتبرت أن ما قاله بلغيث ليس مجرد رأي شخصي، بل دعوة مبطنة لتقسيم المجتمع الجزائري وضرب تماسكه الهوياتي.
وقد يكون ما فجّر النقاش أكثر، هوية قائلها المعروف بتصريحاته الصادمة في كل مرة، فقد سبق له أن قال بأن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر هو من أعطى إشارة انطلاق الثورة الجزائرية، وهو ما خلّف ردود فعل واسعة، بالنظر لعدم وجود أي شواهد على ذلك، ناهيك أنه طعن في أهم مبدأ قامت عليه الثورة الجزائرية وهو الحفاظ على استقلاليتها من تدخلات الخارج.
سرديات "الماك"
وفي تدوينة له، ذهب الكاتب والمستشار الثقافي السابق احميدة العياشي، إلى حد وصف بلغيث بأنه "يتكلم بلسان الموساد"، مشيرًا إلى أن تصريحاته ليست زلّة بل "كلمات مسمومة مدروسة" تستهدف إعادة فتح ملفات الفتنة العرقية.
وربط العياشي بين خطاب بلغيث وسرديات "الماك" الانفصالية، متهماً إياه بلعب دور ناطق غير رسمي لمشاريع مشبوهة، ومذكّراً بتاريخه مع الجماعات الإسلامية في الثمانينيات، حيث اعتبر أن بلغيث مرّ بتحول جذري من خطاب توفيقي إلى طرح إقصائي.
وبلغة علمية مسنودة بالمراجع، هاجم الباحث مصطفى صامت بشدة الطرح الذي تبنّاه بلغيث، واتهمه بالجهل الفاضح بتاريخ المنطقة، معتبرا أنه يكرّر مزاعم خرافية عن أصول "البربر" وعروبتهم مستندًا إلى روايات أسطورية مثل تلك المرتبطة بإفريقش الحميري، بينما تثبت الأدلة التاريخية والأثرية أن مصطلح "أمازيغ" يعود إلى ما قبل الميلاد، وقد ورد بأشكال متعددة في كتابات مؤرخين يونانيين ورومان أمثال هيرودوت وبليني وبطليموس وأميانوس وبروكوبيوس.
ونبّه صامت إلى خطورة استعمال مصطلح "بربر" الذي يحمل حمولة استعمارية سلبية تعني "الهمجية"، مقابل التسمية الذاتية "أمازيغ" التي حافظت على حضورها في مناطق الطوارق والجنوب وحتى في المصادر الإسلامية القديمة.
واقتحم النقابي الطبيب لياس مرابط، من جانبه، النقاش، معتبرا أن ما ورد على لسان بلغيث خادشٌ للوحدة الوطنية، خصوصًا في توقيت مشحون بعد تحريك فرنسا لورقة "الماك" (تنظيم انفصالي) على أراضيها.
وحمّل مرابط الإعلام المسؤولية عن تضخيم الخطاب الانقسامي، وذكّر بأن عناصر الهوية الوطنية محددة في الدستور ولا يمكن التشكيك فيها باسم حرية التعبير، ودعا إلى تغليب صوت العقل والوحدة الوطنية على أي طروحات يمكن أن تستغلها القوى المعادية.
"جريمة فكرية"
من جانبه، وصف الصحفي لخضر رزاوي ما قاله بلغيث بـ"الجريمة الفكرية المكتملة الأركان"، وذكّر بحالات سابقة مشابهة مثل ما قاله الكاتب بوعلام صنصال.
واعتبر أن صمت الدولة على ما سماه "خزعبلات" بلغيث يشجع على التمادي في ضرب الثوابت، وطالب بمحاسبة قانونية عاجلة لكل من يحرض على الكراهية ويفتح أبواب الفتنة باسم التحليل الأكاديمي، محذّراً من تحوّل هذه الانزلاقات إلى عدوى تهدد الوعي العام.
أما الناشط الحقوقي زكي حناش، فطالب بإخضاع تصريحات بلغيث للمساءلة الأكاديمية أولًا، قبل التسرع في تجريمها أو الدفاع عنها سياسيًا، مشددا على أن الجامعة يجب أن تتحرك لمساءلة بلغيث كمؤرخ، والتأكد من صحة أطروحاته ومدى انسجامها مع مناهج البحث العلمي والتاريخي، مع الإشارة إلى إلى أن ترك مثل هذه التصريحات دون رد علمي مؤسس يعطي انطباعًا بأن المؤسسات البحثية تبارك الطروحات الإقصائية.
وفي الوقت نفسه، طالب حناش بعدم التساهل مع خطاب الكراهية حين يتجاوز عتبة الحرية الأكاديمية إلى دائرة التحريض على التمييز وضرب الوحدة الوطنية، داعيًا السلطات القضائية إلى التدخل عند الضرورة.
فرضية الأصول الفينيقية
وفي خضم الجدل الواسع الذي امتلأت به صفحات مواقع التواصل، برزت أصوات مدافعة عنه، رافضة لحملة الانتقادات التي طالت بلغيث، ورافضة كذلك لأي متابعة قضائية بحقه، معتبرة أن ما صدر عنه يدخل ضمن حرية البحث الأكاديمي والنقاش التاريخي.
من هؤلاء، النائب البرلماني عبد السلام بشاغا الذي عبّر عن "تضامنه الكامل" مع الدكتور بلغيث، داعياً إلى تجنب ما سماه "المعارك الوهمية التي يُراد جرّنا إليها باسم المظلومية". واعتبر أن تصريحات بلغيث – وإن بدت متشنجة – لم تُقصِ مكوناً من مكونات المجتمع، بل جاءت كمحاولة لإعادة تقييم المصطلحات المتداولة في السياق التاريخي.
وأوضح بشاغا في تدوينة له أن مصطلحي "أمازيغ" و"أمازيغية" لم يكونا متداولين في الأدبيات التاريخية القديمة، وأن مصطلح "البربر" هو السائد تاريخياً، مشيراً إلى أن "الأمازيغية" كمفهوم سياسي برز في سياق الاستعمار الفرنسي ومحاولته لتفتيت الوحدة الوطنية.
كما أشار إلى أن فرضية الأصول الفينيقية أو العربية للبربر ليست فكرة بلغيث الخاصة، بل هي أطروحة أنثروبولوجية تناولها مؤرخون كبار من أمثال ابن خلدون وحتى الدكتور عثمان سعدي.
"بصمة الفرنكوفونية"
بدوره، دافع إبراهيم بوحديبة عن الدكتور بلغيث بوصفه "مناضل بعلمه وكلمته ومواقفه"، مشيراً إلى أن المقابلة المثيرة للجدل قديمة وليست تصريحاً جديداً.
وأضاف أن بلغيث "بربري نموشي من تبسة" ولا ينكر أصله أو انتماءه البربري، بل يرفض توظيف الأمازيغية كأداة سياسية ضد الوحدة الوطنية، ويرى أنها صنيعة استعمارية وظّفتها فرنسا والصهيونية لتفتيت المجتمع الجزائري.
أما عمر مناس، فاعتبر أن الدعوات لاعتقال بلغيث صادرة عن "دعاة الفرنكفونية"، الذين – بحسبه – يسمحون لأنفسهم بانتقاد العروبة واعتبارها أيديولوجيا استعمارية، لكنهم لا يقبلون بأي نقد موجه للأمازيغية.
وأضاف أن مقولة "الأمازيغية أيديولوجيا استعمارية والبربر أصلهم عرب" ليست اختراعاً جديداً، بل رأي يتقاسمه "العقلاء والباحثون الجادون" في عموم بلدان المغرب العربي.
جدل مستجد
ويعيد هذا الجدل للأذهان، نقاشات برزت بقوة بين 2018 و2022 على مواقع التواصل، كانت تدافع عن طرح يقول بأن الأصول الأولى للجزائريين ليست أمازيغية بل فينيقية عربية، ما يعني حسب أصحاب هذا الرأي أن الهوية العربية للجزائر ليست وافدة بل أصيلة.
ولا يجد هذا الطرح أي صدى في التوجه الرسمي الذي يؤكد أن عناصر الهوية الوطنية هي الإسلام والعربية والأمازيغية، وفق ما يقوله دستور البلاد.
الكلمات المفتاحية

دعوة نائب لإلغاء الفلسفة من التعليم تثير استهجانا واسعا.. ومعلقون: كيف يجهل أهمية أم العلوم؟
أثار النائب البرلماني رشيد شرشار، عن حركة البناء الوطني، جدلاً واسعاً بعد دعوته إلى إلغاء مادة الفلسفة من امتحانات شهادة البكالوريا، في منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك كتب فيه: "سوف أطالب بإلغاء مادة الفلسفة في البكالوريا... ما رأيكم؟ وماذا استفدنا منها كمادة؟".

الإفراج عن صنصال مقابل إعادة الجماجم.. "سقطة" مذيعة فرنسية شهيرة تحيي جرحا غائرا في الذاكرة الجزائرية
أعادت المذيعة الفرنسية الشهيرة ذات الأصول اللبنانية ليا سلامي، من حيث لا تريد، طرح قضية جماجم المقاومين الجزائريين المحتجزة في متحف الإنسان بباريس، بعد الطريقة التي حاورت بها مؤرخا متخصصا في الجرائم الاستعمارية خلال القرن التاسع عشر.

المقابر وشبح الشعوذة.. هل هي ثورة وهمية ضدّ الخُرافات في الجزائر؟
عادت قصص الشعوذة والسحر إلى الواجهة، كأنّ رماد الجن ّوالشياطين يُعاد إيقاده من جديد. بين الطقوس القديمة، وحملات تنظيف المقابر، والبرامج التلفزيونية التي تستضيف الرقاة، تتصاعد موجة من الغموض والخرافة، فتختلط الحقيقة بالأسطورة.

"زُناة التاريخ" لرشيد بوجدرة.. جدل الطبعة المنقّحة وإشكالية تناول الإعلام
أثار صدور الطبعة المنقّحة من كتاب "زناة التاريخ" للروائي رشيد بوجدرة جدلًا واسعًا في الوسطين الثقافي والإعلامي. ليس فقط بسبب محتوى الكتاب، بل للطريقة التي روّجت بها بعض وسائل الإعلام للعمل، حيث قدمته كأنه إصدار جديد تمامًا، رغم أن طبعته الأولى تعود إلى سنة 2017.

خط بحري جديد للمسافرين بين بجاية وميناء فرنسي.. هل تنخفض الأسعار؟
دخل خط بحري جديد حيز الخدمة بين ميناء بجاية وميناء سات الفرنسي، بعد أن أشرفت الشركة الإيطالية "غراندي نافي فيلوتشي" على التدشين الرسمي له اليوم الاثنين، تزامنا مع وصول السفينة "إكسلنت" إلى ميناء بجاية وعلى متنها 257 مسافرا و181 مركبة.

6 أشخاص في قبضة العدالة بشبهة الاعتداء على السيدة المتهمة ظلما بالسحر
عرفت قضية سيدة العلمة المتهمة ظلمًا بممارسة السحر تطورات جديدة، حيث أعلن عن توقيف ستة أشخاص يُشتبه في تورطهم المباشر في حادثة الاعتداء التي تعرّضت لها، بعد تحليل محتوى الفيديوهات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وثّقت لحظة محاصرة السيدة وتوجيه اتهامات علنية لها، من دون أي دليل مادي أو قانوني.

لجنة الدفاع عن بوعلام صنصال تنتقد "تقاعس" مؤسسات الاتحاد الأوروبي في الدفاع عنه
يُكمل الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، في 16 جوان الجاري، شهره السابع خلف القضبان في سجن القليعة، حيث أعلنت لجنة دعمه عن خطوة جديدة للضغط من أجل إطلاق سراحه.

تزايد لافت لاستعمال السلاح في تهريب المخدرات.. هل نتجّه لعسكرة الجريمة؟
تأتي العملية التي أعلنت عنها وزارة الدفاع بتوقيف ثلاثة أجانب مسلحين يوم الجمعة 13 حزيران/جوان الجاري في منطقة عين أمناس الحدودية مع ليبيا، في سياق تحول واضح في سلوك الجماعات الإجرامية التي باتت تلجأ لاستعمال العنف المسلح في تنفيذ عملياتها، بعد أن كانت تعتمد لسنوات على شبكات تهريب سرية محدودة الإمكانيات.