30-ديسمبر-2022
سياح أجانب في الصحراء الجزائرية

سياح أجانب في الصحراء الجزائرية (فيسبوك/الترا جزائر)

قبيل ساعات أيام من احتفالات ليلة رأس السنة 2023، أصدرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية بيانًا تؤكد من خلاله "تمكين الأجانب الراغبين في القيام برحلات سياحية بجنوب البلاد، عن طريق وكالات السياحة والأسفار الوطنية المعتمدة الاستفادة من تأشيرة التسوية مباشرة عند وصولهم إلى المنافذ الحدودية، لاسيما بالولايات الجنوبية عبر المطارات والمعابر البرية، عوضًا عن إجراء ترتيبات التأشيرة العادية".

 

ممثل وكالات السياحة: التأشيرة الجزائرية تعد الأصعب عالميًا من حيث إجراءات المنح ومدة التسليم

 

وبذلك أنهت الداخلية الجزائرية كابوسًا كان يرافق وكلاء السياحة الذين سجلوا طلبات عالية من أجانب فرنسيين وألمان وإيطاليين لتمضية احتفالات رأس السنة الجديدة بالصحراء، لكنهم لم يحركوا ساكنًا، بسبب عجزهم عن ضمان التأشيرة لزبائنهم، رغم إعداد برنامج شيق يتضمن "سفاري" وسهرات خاصة ورياضات صحراوية وفلكلور.

وفي هذا الشأن، أكدت وزارة الداخلية، أن الوكالات السياحية المعتمدة، "ستقوم بإدراج كل المعطيات المتعلقة ببرنامج الزيارة السياحية والمشاركين فيها من السياح الأجانب، وذلك عبر أرضية رقمية يتم الولوج إليها بمديريات السياحة والصناعة التقليدية للولايات المعنية"، حيث أوضح بيان ذات الهيئة، أن "السياح الأجانب المعنيون يستفيدون من وثيقة تسلم لهم، عن طريق وكالاتهم السياحية تسمح لهم بالركوب عبر الطائرات التابعة لمختلف شركات الطيران بالمطارات القادمين منها".

السياح

وإذ ثمنت وكالات السياحة والأسفار مثل هذا القرار،ووصفته بالخطوة الهامة لتمكين آلاف السياح الأجانب من ولوج صحراء الجزائر في آخر لحظة، حيث سيتمكن الكثيرون من حضور احتفالات ليلة 2023 بجانت والأهقار وغيرها، إلا أن الوكالات طالبت أيضًا بإجراءات جديدة، لا تحمل طابعًا مناسباتيًا، وإنما تستهدف مباشرة التخفيف في ملف التأشيرة الذي يظل الصداع الأكبر في رأس السياح الأجانب الراغبين في اكتشاف جمال صحراء الجزائر وباقي ولايات الوطن.

24 وجهة تستقطب الأجانب 

مما لا شكّ فيه أن الصحراء الجزائرية تحظى باهتمام واسع للراغبين في السياحة الشتوية، سواءً من داخل الوطن أو خارجه، وتحقق أرقاما تصل إلى 10 آلاف سائح في فترة احتفالات ليلة رأس السنة من كل عام، وفقًا للأرقام التي يكشف عنها وكلاء السياحة والأسفار.

ويقول رئيس الجمعية الوطنية لوكلاء السفر محمد أمين برجم في تصريح لـ "الترا جزائر" إن برمجة رحلات نظامية بين باريس وجانت ساهم إلى حد كبير في رفع عدد الطلبات للسفر نحو المناطق السياحية الصحراوية، خاصّة وأن الوجهات السياحية في الصحراء زادت تنوعًا بدخول 10 ولايات مستحدثة في قائمة الولايات المطلوبة من قبل الأجانب.

أما بخصوص الجنسيات الأكثر رغبة في زيارة الصحراء خلال عطلة نهاية السنة وبداية السنة الجديدة، يقول المتحدث، إن الأمر يتعلق بفرنسا التي تتصدر القائمة، خاصة وأن نسبة كبيرة من طالبي السياحة الصحرارية الجزائرية، هم مزدوجو الجنسية وذوو الأصول الجزائرية، تليها ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا، إلى جانب بعض الجنسيات من أوروبا الشرقية، حيث أنه من المعروف اهتمام السياح الأجانب بصحراء الجزائر، أكثر من الجزائريين أنفسهم، كما أن أغلبهم يفضلون قضاء عطلة نهاية السنة بمخيمات هذه المناطق، التي تتضمن حسب الوكلاء 24 وجهة صحراوية متنوعة.

وتتمتع هذه الوجهات بمقومات تجعل من الصحراء الوجهة الأولى في منطقة البحر الأبيض المتوسط جذبًا للسياح الأجانب الباحثين عن السياحة الشتوية.

السياح

التأشيرة تنغص فرحة السياح

ورغم الإجراءات المتخذة خلال الساعات الأخيرة من طرف وزارة الداخلية، يقول ممثل وكالات السياحة، لتمكين الأجانب المتعاقدين مع الوكالات من الظفر بالتأشيرة فوريًا في المطارات، تبقى هذه الوثيقة تمثل حجرة عثرة في وجه السياح الأجانب الراغبين في التوافد نحو الصحراء، خاصة وأن التأشيرة الجزائرية تعد الأصعب عالميًا من حيث إجراءات المنح ومدة التسليم.

وفي هذا السياق، يقول خبير في شؤون السياحة وصاحب ووكالة سياحة وأسفار شريف مناصرة لـ "الترا جزائر" إنهم كوكلاء، لطالما طالبوا بتخفيف الإجراءات الخاصة بمنح التأشيرة بما يضمن حماية المصلحة الوطنية، بعيدًا عن فتح الأبواب على مصارعيها أمام الراغبين في دخول الجنوب، وإنما بالقدر الذي يسمح بتشجيع السياحة الصحراوية الشتوية.

ويضيف المتحدث: "تلقينا وعودًا من الوزير الأول خلال آخر لقاء جمع الوكلاء ومديريات السياحة في المعرض الوطني المقام قبل شهرين لتشجيع السياحة باستحداث التأشيرة الإلكترونية، وسعداء بتطبيقها اليوم كي تساهم في تشجيع السياحة الصحراوية".

من جهته يقول رئيس نقابة وكلاء السفر محمد لمين برجم: "تلقينا مراسلة من بعض مديريات السياحة في الولايات تطالب الوكلاء بالاسراع في إرسال قائمة الأجانب الراغبين في قضاء عطلة نهاية السنة بالجنوب لإصدار التأشيرة، ورغم كل هذه المساعي إلا أن مشكل الفيزا بات يؤرّق السياح بالجنوب، خاصة وأن إصدراها يتطلب وقتًا أكثر من أربعة إلى خمسة أشهر تقريبًا، مقارنة مع المدة التي يتستغرقها الجزائري الراغب في السفر لأوروبا لتسوية وثائقه".

ويعتبر المتحدث أن التأشيرة تحولت إلى إحدى المنغصات المفسدة للبرامج السياحية، رغم تفهم الوكالات حرص السلطات على الحفاظ على الأمن، لكن يجب _ حسبه _ إعادة النظر في مسالة شروط وكيفيات منحها.

سياح

مقترحات للنهوض بالسياحة الصحراوية

ويقترح عضو المنتدى الوطني لوكالات السياحة والأسفار، منير مساعدية في حديث ل"الترا جزائر"  منح تسهيلات أكبر مستقبلا للسياح الأجانب في مجال التأشيرة، حيث يمكن أن يرفع مثل هكذا إجراء _ يقول المتحدث _ عدد السياح إلى رقم قياسي في ظرف وجيز.

كما يطالب مساعدية برفع طاقة الاستيعاب على مستوى الفنادق والنزل والمخيمات، للتمكن من تكييف عدد الأسرة المهيئة للاستقبال، مع نسبة الطلبات العالية جدًا، ومضاعفة عدد الرحلات وتخفيض أسعارها، مشيدًا بقرار الحكومة القاضي بخفض أسعار تذاكر الجوية الجزائرية، إلى 50 بالمائة خلال هذه الفترة.

وطالب مساعدية بالمقابل، ببرمجة رحلات خلال فترة النهار وليس رحلات ليلية فقط، لتتناسب مع برامج السياح، ويدعو المتحدث أيضًا إلى استحداث أقطاب سياحية بولايات الجنوب ومدارس للسياحة والفندقة وتكوين سكان المنطقة، ورفع نسبة التوظيف في القطاع، وأيضًا منح تسهيلات أكبر للمتعاملين في السياحة، وتحفيزات في تسديد الضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعي، بحكم أن نسبة كبيرة من الوكالات السياحية لا تزال متضررة من مرحلة الحجر الصحي التي أعقبت تفشي وباء كورونا وجزء كبير منها لم يسترجع عافيته المالية بعد.

تبقى الصحراء الجزائرية الخيار الأول للباحثين عن المتعة والترفيه والإثارة في احتفالات ليلة رأس السنة

وفي النهاية، ورغم صعوبة الظروف أحيانًا، تبقى الصحراء الجزائرية الخيار الأول للباحثين عن المتعة والترفيه والإثارة في احتفالات ليلة رأس السنة، فهل ستحقق مطلع العام 2023، رقمًا قياسيًا يعكس الجهود المبذولة لتكون عند مستوى الحدث؟