06-أبريل-2020

شارع زيغود يوسف وسط العاصمة (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

مع مرور أيّام جائحة كورونا، أصبح اليوتوبر المغربي المثير للجدل يونس بني ملال، يحقّق شهرة كبيرة في الجزائر، بسبب الفيديو الذي نشره عشية دخول السنة الميلادية الجديدة، ويقول فيه: "2020 سنة سعيدة.. لا لا لا.. باغي نتزوج فطيمة".

يبقى قانون المالية مؤجّلًا بسبب تذبذب سوق النفط التي نزلت إلى أدنى مستوى منذ سنين طويلة

وبكثير من السخرية، قال معلّقون إن ما قاله "يونس" كان بمثابة نذير شؤم، لأنه وبالنظر إلى التطوّرات المتلاحقة فإن سنة 2020 لا تمّت للسعادة بشيء. واضطر اليوتوبر إلى نشر فيديو جديد في المكان نفسه، وبلغة خزينة ونظرة منكسرة، يقول فيه "2020 سنة تعيسة.. لا لا لا.. ما تتزوّج فطيمة".

اقرأ/ي أيضًا: لجنة متابعة كورونا.. احذروا تناول "كلوروكين" تلقائيًا

ويبدو أن حال الحكومة الجزائرية لا يختلف عن حال يونس بني ملال، فقبيل دخول السنة الجديدة، اعتمدت سابقتها ميزانية سنوية بتقديرات "متفائلة"، وتوقّعت سعر البرميل الواحد من النفط بقيمة 50 دولار، قبل أن تضطر إلى الذهاب إلى "قانون مالية تصحيحي" أكثر تشاؤمًا وفق المعطيات الجديدة، ويبقى ذلك القانون مؤجلًا بسبب تذبذب سوق النفط التي نزلت إلى أدنى مستوى منذ سنين طويلة، قبل أن يعود الأمل في ارتفاعها.

ولأنّ الاقتصاد الجزائري مبنيٌّ أساسًا على سعر البرميل الواحد من النفط، وفي انتظار استقرار أسواق النفط، يبقى قانون المالية التصحيحي مؤجلًا، ومعه تتقّلب مشاعر الجميع بين تفاؤل وتشاؤم بشأن سنة جاءت فلكيًا "كبيسة"، وهي كبيسة بالفعل، ولا أحد يتوقّع تقلباتها، مع انتشار الجائحة التي غيٍّرت حياة الناس ومصائرهم وتهدد بزوال إمبراطوريات عالمية وأنظمة اجتماعية واقتصادية، ظلّت صامدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

ولأنّ وزارة الصحّة أصبحت "أهم" وزارة حاليًا في الحكومة، فلم تنتظر الدولة قانون المالية التصحيحي لزيادة ميزانيتها، حيث أمر الرئيس عبد المجيد تبّون بتحويل الملايير من النفقات الاحتياطية إلى ميزانيتها، وأمر بإعطاء منح معتبرة لعمّال الصحة جرّاء العمل الكبير الذي يقومون به، في وقت أحيل كثير من العمّال في القطاعات الأخرى إلى عطلة إجبارية.

وعندما كان يونس بني ملال متفائلًا بالسنة الجديدة، كان الوضع في الجزائر منقسمًا بين متفائل بـ "عهد جديد" منبثق من انتخابات رئاسية، ومتشائم كان يرى في استمرار الحراك الشعبي حلًا لا بد منه، من أجل الذهاب إلى تغيير حقيقي، وكان النقاش مثارًا حول استمرار الحراك من عدمه، وهل يستمر طويلًا.

وعندما انتشرت جائحة الكورونا، جاء التوقف "الطبيعي" للحراك بطريقة لم يكن يتوقّعها أحد، مثلما لم يتوقّع أحدٌ هذا المسار الذي تأخذه الأحداث في هذه السنة التي لا تشبه سنة أخرى في تاريخ البشرية.

سنة انقلبت فيها المفاهيم، وتغّيرت الأوضاع، فلا أحد توقّع فيها غلق المدارس والجامعات والمساجد والملاعب الرياضية، وأصبح "المواطن الصالح"، هو الذي لا يخرج من بيته إلى في وقت الضرورة، وبالمقابل أصبح فيها العامل في كثير من القطاعات بمثابة "الشخص المشبوه"، الذي يهدّد المجتمع في صحّته واستقراره.

كلّ شيء في تحوّل مستمرّ، ومجال الاحتمالات مفتوح على كثير من السيناريوهات، إلى درجة أصبح فيه "الأمل الرياضي" يكاد ينعدم، فلا أحد يضمن حياته ليعرف ما ستؤول إليه الأحداث في الأشهر القادمة، بل في الأيام القليلة القادمة، فربما ذهبنا نحو الكارثة، وربّما جاء الفرج المفاجئ، ومعه يعود يونس ليعيد من جديد صرخته "2020 سنة سعيدة.. لا لا لا.. باغي نتزوج فطيمة". 

أصبح العامل في كثير من القطاعات بمثابة الشخص المشبوه، الذي يهدّد المجتمع في صحّته واستقراره

لقد حدث كل هذا خلال الربع الأوّل من السنة، التي باتت الأطول من بين كل السنوات، ويبدو أن التكهّن بما سيكون عليه الأمر خلال بقية السنة يحتاج إلى علماء في المستقبليات والاستشراف، كان مجال عملهم يمتد إلى سنين طويلة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حاملًا لفيروس كورونا.. الجزائر تُخفي إيطاليًا وتُعلن حالة الطوارئ

أزمة فيروس كورونا.. الجزائريون يكتشفون خدمة التوصيل إلى المنازل