25-ديسمبر-2024
عثمان عريوات

مشهد من فيلم "سنوات الإشهار"

تخيل أنّ يظل فيلمك حبيس الأدراج لأكثر من عقدين من الزمن؟ وأنّ هذا الفيلم شغل الرأي العام لأكثر من سنة وفي النهاية لم يعرض للجمهور؟، تخيل أيضًا أنّ هذا الفيلم أعطى مسؤلون وعودًا لعرضه ولكن بقيت مجرد تصريحات إعلامية؟.

تزامنا مع نهاية السنة الحالية 2024، ارتأت "التراجزائر"  أن تعود لحيثيات وأسباب تأخر عرض الفيلم الطويل "سنوات الإشهار" الذي بدأ تصويره في العام 2002 أي قبل أكثر من 20 سنة

وتخيّل أنّ هذا السؤال ما يزال مطروحًا ولا إجابة واضحة عنه؟.. هذا ما يحدث مع فيلم "سنوات الإشهار" الذي يؤدي بطولته الفنان الكوميدي عثمان عريوات.

تزامنا مع نهاية السنة الحالية 2024، ارتأت "التراجزائر"  أن تعود لحيثيات وأسباب تأخر عرض الفيلم الطويل "سنوات الإشهار" الذي بدأ تصويره في العام 2002 أي قبل أكثر من 20 سنة، وهو آخر أعمال الفنان عثمان عريوات بطل روائع "كرنفال في دشرة" و"بوعمامة" و"الطاكسي المخفي".. وغيرها.

"سنوات الإشهار".. سنوات من المنع

"سنوات الإشهار" الفيلم الذي تم تجميده ومنعه من العرض لنحو عشريتين كاملتين، قبل أن تسمح السلطات في سبتمبر 2020 برفع الحظر عنه وعرضه وخروجه إلى القاعات بعد الاتفاق عبر وزارة الثقافة مع صاحب الفيلم عثمان عريوات والذين توصلا إلى اتفاق أولي يقضي باستكماله وإنهائه وسط آمال علقها الجزائريون الذين ينتظرون نجمهم الأول منذ أن رسخ في أذهانهم وذاكرتهم أفلامه "كرنفال في دشرة"، "بوعمامة".. وغيرها، فتمنوا العودة لمحبوب الجماهير عريوات الذي يوصف بعملاق الكوميديا في الجزائر، لكن هيهات يبدو أنّ الآمال تبقى معلقة إلى حين.

من الأسباب التي عطّلت صدور الفيلم بحسب متابعين للشأن الثقافي والفني في البلاد،  مضمونه الجريئ والمنتقد للسلطات فيما يتعلق بفترة التسعينيات من القرن الماضي، وبالتالي طلب من عريوات حذفها دقائق من العمل، وهو ما صرّح به وزير الثقافة الأسبق عزالدين ميهوبي الذي قال في تصريحات إعلامية إنّ "الاتفاق  حدث مع عثمان عريوات على السماح بعرض الفيلم بعد حذف زهاء 45 دقيقة من زمن العمل."

من الأسباب التي عطّلت صدور الفيلم بحسب متابعين للشأن الثقافي والفني في البلاد،  مضمونه الجريئ والمنتقد للسلطات فيما يتعلق بفترة التسعينيات من القرن الماضي

وفي عام 2020 أعلن التلفزيون الجزائري أنّ الباب مفتوح أمام عثمان عريوات بعد بقائه في الظل والتهميش لسنوات طويلة ويمنحه الضوء الأخضر لعرض فيلمه "سنوات الإشهار" المثير للجدل.

وبعدها بعامين وتحديدا في جويلية 2022، تداولت صفحات ومواقع إخبارية جزائرية منشورا على "إنستغرام" نسب لصاحب الفيلم عثمان عريوات، كشف عبره عن الإفراج القريب لفيلمه "سنوات الإشهار"، لكن لم يقدّم تفاصيل أخرى، فيما ذكرت مصادر أنّ العمل الذي ينتظره الجمهور بشغف سيرى النور بعد تستكمل بعض اللمسات الأخيرة عليه.

لماذا لم يبصر فيلم عريوات النور؟

ويرجع الممثل الجزائري سيد علي رباحي سبب تأخر وتعطل مشروع "سنوات الإشهار" إلى ظروف عديدة ساهمت كلها في عرقلة إبصار هذا الفيلم النور.

ويقول رباحي في حديث لـ"التراجزائر" إنّ من بين تلك الأسباب هي الأسباب التنفيذية والتقنية، ويوضح أكثر في معرض حديثه أنّ الفيلم واجهته صعوبات على صعيد التمويل، حيث كلّف أموالا ضخمة.

ويضيف: " بحسب مصادري كانت هناك شروط صارمة للحصول على تراخيص وتصاريح لفيلم "سنوات الإشهار" انطلاقا من الموضوع الحساس الذي يعالجه وهو سياسي يتعلق بفترة التسعينيات من القرن الماضي."

ووفق رباحي فإنّ "إيجاد حل وأرضية اتفاق يكون بتعديل السيناريو ليتوافق مع المتطلبات السياسية والواقع."

ويأمل المتحدث في أن يتم تجاوز هذه العقبات ويخرج الفيلم إلى النور في أقرب وقت، ويعرض في القريب العاجل لكونه يروي فترة من تاريخ الجزائر، كما أنّه عمل سينمائي يعزز ريبرتوار الفن الجزائري والهوية الثقافية والفنية للشعب الجزائري"، كما يتمنى أن يكون عرضه بمثابة صفحة جديدة وبابا جديدا للسينما الجزائرية.

اتفاقات ماروثونية.. لكن

من جهته، الناقد جمال محمدي يرى أنّ "الأسباب الحقيقية والفعلية التي أدّت إلى منع فيلم "سنوات الإشهارّ كل هذه المدة الطويلة والتي تقارب 22 عاما غير معروفة بدقة، باستثناء المبررات التي قدمتها الجهات التي حظرت عرض الفيلم حتى ولو كان إنتاجه مائة بالمائة."

ويشير محمدي في تصريح لـ"التراجزائر" إلى أنّ "هذا الفيلم عرف تعثرات كثيرة بسبب التمويل، ثم في المرحلة النهائية أثناء عملية المونتاج تحفظت بعض الدوائر الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة على بعض المشاهد."

الناقد جمال محمدي لـ "الترا جزائر":  في المرحلة النهائية أثناء عملية المونتاج تحفظت بعض الدوائر الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة على بعض المشاهد

ويعتبر المتحدث أنّه "بالرغم أن المنتج وصاحب الدور الرئيس في هذا العمل عثمان عريوات كان قد صرح أنه توصل إلى اتفاق مع وزارة الثقافة أي على أساس أنّ الفيلم يعرض  السنة الفارطة وهذا لم يحدث وبقي المنع يطاله إلى غاية اليوم."

وانتقد محمدي طبيعة تعامل الجهات الموضوع، حيث يقول:" خلال 22 عاما بين أخذ ورد، لا نجد لحد الآن تصريحات رسمية تحدد طبيعة المنع وما هي المشاهد التي كانت سببا حقيقيا في منعه".

 ويتابع قوله: " مع أنهم يعزونها أنها مشاهد تمس المؤسسة العسكرية أو شيء من هذا لكن لم نسمع ولم نقرأ تصريحات من المعني والجهات الرسمية تقول إنها هي الأسباب التي منعت عرض الفيلم طوال هذه المدة."

ويلفت صاحب "الطاهر حناش عصفور شمال إفريقيا" إلى أنّ الجهات الرسمية في وقت سابق صرّحت بأنها توصلت إلى حلّ مع عثمان عريوات وتحدثت عن إرسال الفيلم إلى إيطاليا لإعادة الحجم أو تعديل الصيغة التي يعرض بها على الشاشات، غير أنه منذ ذلك الحين لا يوجد جديد بشأن هذا العمل الذي أسال الكثير من الحبر وأثار جدلا واسعا ولم ينتج ولم يشاهد بصورته النهائية لحد الساعة."

ويبقى فيلم "سنوات الإشهار" أو "العرش" وهي تسميته الأولى، محل جدل ومجمدا إلى حين، يتساءل الجمهور الجزائري ومتابعون للشأن السينمائي عن موعد عرضه؟، والأيام كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال الذي يطرح منذ أكثر من 20 عاما.