22 عامًا على زلزال بومرداس.. شراكة جزائرية يابانية لمواجهة الكوارث

تُشكّل الشراكة الجزائرية اليابانية في مجال الوقاية من الكوارث الطبيعية خطوة مهمّة نحو تعزيز قدرات البلاد على مواجهة المخاطر الزلزالية، تزامنًا مع الذكرى الثانية والعشرين لكارثة زلزال 21 أيار / مايو 2003 الذي شهدته ولايتي بومرداس والعاصمة، وخلَّف وراءه العديد من الآثار المدمرة على الأرواح والممتلكات.

دراسة تهدف إلى تحسين النموذج المعتمد لتحسين النّموذج الجزائري لتقييم مقاومة المباني القديمة للزلازل  

وبينما لا تزال صور الدمار والألم محفورة في ذاكرة السكان، تأتي هذه الشراكة لتُجسِّد التعاون الدولي بين الجزائر واليابان الذي يُراهن على نقل المعرفة والتكنولوجيا للحد من آثار الكوارث في المستقبل.

وتُواصل وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية جهودها المستمرة في تحسين استعداد البلاد لمواجهة الخطر الزلزالي. 

ويظلّ التعاون الدولي ذو أهمية بالغة، حيث تعكف الوزارة على تعزيز شراكتها مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، التي تشارك في مشاريع تهدف إلى تقوية القدرات الوطنية في مجال التصدي للزلازل.

هذه الجهود تُعدُّ خطوة هامة نحو تطوير نموذج جزائري محسن لتقييم الزلازل، وتعزيز آليات الوقاية، بما يساهم في حماية الأرواح والممتلكات في المستقبل، في وقت تتزامن فيه هذه الأعمال مع ذكرى محورية تذكرنا بضرورة الاستمرار في العمل على تعزيز الاستعدادات لمواجهة المخاطر الطبيعية.

أكدت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، اليوم الأحد، في بيان لها، استمرار جهود التنسيق مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، خصوصًا في إطار التصدي لخطر الزلازل.

وأوضح المصدر ذاته أنه في إطار هذه الجهود المستمرة، تم في نهاية الأسبوع الماضي إجراء عملية تشخيص لمبنى تجريبي بهدف تحديد خصائصه الهيكلية وتقييم مدى تعرضه للتأثيرات الزلزالية.

وفي هذا السياق، يعمل فريق من الخبراء اليابانيين المتواجدين في الجزائر على إجراء سلسلة من التحقيقات الفنية في موقع المشروع، بالتعاون مع نظرائهم الجزائريين، وبمشاركة المؤسسات الوطنية المتخصصة في هذا المجال، مثل المندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى، ومركز أبحاث علم الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء، والمركز الوطني للبحث التطبيقي في هندسة مقاومة الزلازل، إضافة إلى المركز الوطني للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء، والهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء.

وأشار البيان إلى أن الأعمال التجريبية التي أشرف عليها خبراء الوكالة اليابانية للتعاون الدولي تشكل مرحلة مهمة في تطوير هذا المشروع التجريبي، الذي يمكن أن يُعتبر نموذجًا يُحتذى به في عمليات مماثلة على المستوى الوطني.

وتم عرض طريقتي التقييم الزلزالي اليابانية والجزائرية ودراسة سبل تعزيزها. وقد أسهم ذلك في تحسين النموذج الجزائري لتقييم الزلازل للمباني القديمة، كما دعم بتطوير نظام تقني وعلمي خاص بتقوية المباني ضد الزلازل، مما يساهم في تعزيز آليات الوقاية من الكوارث.

وتجدُر الإشارة إلى أنّ المشروع بين الجزائر واليابان انطلق في عام 2024 ويستمرّ لمدة عامين، يهدف إلى "بناء القدرات الوطنية في مجال التشخيص الزلزالي وإعادة تأهيل المباني القديمة"، وذلك في إطار التعاون العلمي والتقني بين الجزائر واليابان، بدعم من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي.

أرقام من تحت الأنقاض 

شهدت عدة كوارث زلزالية، من أبرزها زلزال عام 2003، بلغت شدته 6.8 درجات على سلم ريختر، إذ يُعد من أعنف الزلازل في تاريخ البلاد بعد زلزال الشلف سنة 1980 (قوته 7.3 درجات، وأسفر عن 3500 قتيل، و130 ألف مشرّد).

أسفر عن وفاة أكثر من 2,266 شخصًا وإصابة نحو 10,261 آخرين، وتشريد نحو 170 ألف مواطن، إضافةً إلى انهيار آلاف السكنات وتضرر منشآت حيوية، بما فيها المدارس والمستشفيات في مناطق زموري، بومرداس، قورصو، الثنية، والجزائر العاصمة. 

وقد بلغت نسبة الضرر في بعض المدن 100%، مما صعّب جهود الإنقاذ والإيواء في البداية.

تغيير في العمران والتهيئة

من تداعيات الزلزال، تصنيف ولاية بومرداس (شرق العاصمة) "منطقة زلزالية من الدرجة الثالثة" بدل الثانية، مما تطلّب إعادة تكييف كل مشاريع البناء والتعمير الجارية والمستقبلية، مع مراجعة شاملة لمخططات التهيئة والتعمير.

ووفقًا لخبراء المركز الوطني للبحوث التطبيقية وهندسة مقاومة الزلازل، فقد ارتفعت القشرة الأرضية على طول الساحل بـ40 سم، دون أن يتراجع البحر كما اعتقد البعض.