عاد كريم طابو في حوار خصّ به قناة "بربر تيفي"، إلى تجربة سجنه الذي قضى فيه ما يزيد عن تسعة أشهر كاملة، معتبرا أنّ "ما حدث معي لا يمُتّ بأي علاقة للقانون".
أكبر ما كان يُشعِرني بالخوف هو أن يصلني خبر وفاة أحد والدي
ووصف منسق الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي –قيد التأسيس- ذلك بـ "قرارٍ سياسيٍّ سَخّر القضاء كوسيلة من أجل البحث عن تهمة ومنح الأمر غلافًا قضائيًا".
عائلة ثانية
استهل كريم طابو حديثه عن تسعة أشهر داخل زنزانة حرمته من حريته، بالحديث عن تفاصيل شخصية، حيث قال إنّ "أكبر ما كان يُشعِره بالخوف هو أن يصله خبر وفاة أحد والديه، كان يفكّر كثيرا في عائلته الصغيرة التي تركها دون مُعيل، لكنه أكّد أنه ربح عائلة ثانية، هي الشعب الذي كان يهتف باسمه في الساحات والشوارع وعلى مواقع التواصل".
وأردف طابو "كنت أشعر بالضيق (..) من الصعب على الإنسان تحمل البقاء في مكان تطوّقه أسوار عالية، لكن رغم تلك الأسوار إلا أن صوت المواطنين كان يصلني".
واسترسل المتحدث "كان فريق الدفاع ينقل لي صورا جميلة، كنت أجد صوري وحديث الناس عنّي في الجرائد التي تصلني (..) قضيت تسعة أشهر في السجن وهذه مدّة تعتبرا قطرة من بحر من منحوا حياتهم من أجل الوطن، أنا مجرد فرد من شعب ينادي بالحرية".
القادم أصعب
يرى كريم طابو في سياق حديثه لـ"بربر تيفي"، أن المشوار المتبقي من أجل بناء دولة الحق والقانون سيكون أصعب ممّا مضى، لكنه يأمل في أن تضع النضالات حدا لممارسات لم تبق إلا في دول قليلة.
وأوضح في سياق الكلام: "ربما تكون الجزائر من بين بلدان قليلة تضع مناضليها في السجن إلى جانب مصر والسعودية"، ويكمل "من يفكرون ومن يناضلون سلميًا بأرائهم مكانهم ليس في السجن".
واستغرب المناضل السياسي في حديثه عن وضعية السجون، بقوله: "الدولة شيّدت السجون لتضع فيه من أساء للوطن أو للمجتمع، ولمن ارتكب أخطاءً عظيمة، الرأي المخالف ليس جريمة ولا خطأً".
ويستطرد طابو في كلامه "لن نقبل أن نكون سببًا ولا طرفًا في أي مشكلة، كما لا نريد أن نكون ضحايا تعسف، لقد قاومنا ولا زلنا نُقاوم، طريقُنا واضحة جدا، وسنواصل السير على نفس النهج، لقد عاهدت نفسي وعائلتي وكلّ من هتف باسمي وقاسمني أفكاري ألّا أحيد أو أتغير بعد دخولي السجن".
دروس السجن
قد يعتبر السجن من بين أقسى التجارب التي قد يعيشها الإنسان، تجربة تجعله ناضجا أكثر، وهو نفس ما عاشه كريم طابو، الذي اعتبر أنّ لا أحد معفي من إمكانية دخول السجن، خاصة مع الظروف الحالية، "السجن لا يجعلك تخاف، بل يجعلك فطنا أكثر، متيقظا أكثر، وأقوى بكثير، ثم إن دخول السجن ظلما يجعلك لا تحيد عن طريق الحق الذي أنت فيه، فالسعي وراء الحق لا يُتعب أبدًا".
من جهة أخرى، يعترف طابو أن تجربة السجن تجعلك تعلم حقيقة مكانتك بين الناس، " أثناء تواجدي في السجن، تحوّل منزلي إلى مزارٍ لكل الجزائريين، الكثير من الأشخاص قدموا عند عائلتي وهم يحملون مؤونة لهم، أنا كنت في زنزانة صغيرة لكن أولادي وجدوا أُناسًا عاملُوهم ربّما أفضل ممّا كنت أعاملهم أنا".
وواصل طابو كلامه "السجن وحدة صناعية، تقوم بتحويل الغضب إلى طاقة إيجابية".
حتمية تاريخية
كما يعتقد الناشط السياسي أنّ "النظام فشل في جعله نموذجا لتخويف المناضلين والحدّ من عزائمهم، بل حدث العكس تماما"؛ إذ يعتبر أنه "أفضل شيء يمكنك أن تمنحه لنظام ديكتاتوري هو أن تواصل مقاومته (..) يجب أن نقاوم التخلف وسوء التنمية، نحارب الممارسات الديكتاوتورية، علينا أن نرفض العنف والتعسف في استخدام القوة، علينا أن نتكاتف لنواجه أزمة اقتصادية قادمة، علينا أن نواجه الحقيقة بأوجه مكشوفة".
ويردف طابو "لا يجب أن نفرح بالإفراج عن بعض المعتقلين، ونجعل من ذلك حدثًا يُنسينا أن مظلَمَةً حدثت أصلًا بإدخالهم السجن جُورًا، علينا أن نتفطّن لهذا الاحتيال السياسي، يسلبون منك حريتك لتشكرهم حين يُعيدونها لك (..) ما يحدث اليوم من مطالب بتغيير النظام حتمية تاريخية، ولا أحد يمكنه إسكات الجزائريين دون أن يحدث هذا التغيير المنشود".
اقرأ/ي أيضًا: أول جمعة بدون بوتفليقة.. وعيُ الحراك الشعبي بمطالبه
ويسترسل طابو في حديثه "لا يمكن أن نخلق ربيعا بوضع العصافير داخل أقفاص، لكي يحلّ الربيع يجب أن تكون كل العصافير خارج الأقفاص، لقد عايشت في السجن حياة الجزائريين الذين لا يشاهدون إلا القناة الوطنية، وقفت بعيني أمام حجم الكذب الذي يبث كل مساء، وتأثير تلك الأكاذيب على توجيه الرأي العام، هناك أيقنت أن جمال ولد عباس قد يكون محقًّا، ففي تلك القناة، تبدو الجزائر أفضل بكثير من السويد".
اقرأ/ي أيضًا:
حرية مشروطة لطابو بعد 10 أشهر من الحبس
مدافعون عن طابو يتهمون السلطة بممارسة "التعذيب الأبيض" عليه