22-مايو-2022
الحركى

(الصورة: toute la culture)

شهدت مسابقة "أسبوعا المخرجين" المرافقة للمسابقة الرسمية لمهرجان "كان" السينمائي، عرض فيلم "الحركى" للمخرج الفرنسي فيليب فوكون، والذي يتناول ما حدث أشهرًا قليلة قبل اتفاقيات إيفيان.

المخرج الفرنسي فوكون: موضوع الحركى أثّر كثيرًا في حياتي وتاريخه يلاحقني أينما ذهبت

ونسج فوكون أحداث فيلمه التي تم تصويره بالكامل في المغرب، من قصة شبان جزائريين في إحدى القرى، دفعت بهم ظروف متعددة إلى صفوف الجيش الفرنسي لمحاربة إخوانهم الذين كانوا يقاتلون الاستعمار من أجل الاستقلال وكانت أول هذه الظروف هي الحاجة وضيق العيش.

وأدى الممثل الجزائري محمد أمين موفق دور "صالح"، الذي دفعت به ظروف الفقر لحمل السلاح إلى جانب المستعمر، ولم يندم يوما على ذلك، لكن اقتراب موعد انتهاء الاستعمار حوّل حياته اليومية، على غرار زملائه من أبناء جلدته المجنّدين في قوات الاستعمار الفرنسي، إلى  قلق كبير بسبب خوفهم على مستقبلهم في حال استقلال الجزائر.

وتنطلق حبكة العمل السينمائي مع بداية ستينيات القرن الماضي، حيث وجد هؤلاء الحركى أنفسهم في خطر حقيقي بعد أن دخلت فرنسا في مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني، توجت بتوقيع وقف لإطلاق النار، ما كان يعني اقتراب موعد خروج المستعمر الفرنسي من الجزائر، بينما كان التهديد يطاردهم من كل جانب، لا سيما وأن "كل أبناء الدوار يعرفون من يخدم الجيش الفرنسي"، كما تقول زوجة صالح في الفيلم.

وقال المخرج الفرنسي المولود في مدينة وجدة على الحدود المغربية الجزائرية (عاش جزءًا من طفولته في الجزائر، أين كان والده مجنّدا في الجيش الفرنسي)، في تصريحات صحافية، أنه اختار موضوع الحركى كموضوع لفيلم ثاني بعد فيلمه الأول "الخيانة" لأنه "ولد أثناء حرب الجزائر، وعاش والده تلك الفترة، وأثرت كثيرا في حياته".

وأضاف: "كغيري ورثت ذاكرة مؤلمة، لم نتمكن لغاية اليوم من فهم تلك القصص التي حدثت في تلك الحقبة المفصلية من التاريخ". وعلّق: "تاريخ الحركى شيء يُلاحقني أينما ذهبت".

ويعتقد المخرج الفرنسي أن "السينما تمنحنا فرصة إحياء الشخصيات التي صنعت قصص التاريخ"، مشيرا إلى أنه "لم يكن يريد فتح جرح كبير لفترة دامية، بقدر ما حاول، عرض وجهة نظر في قالب فني، قد يزكيها البعض ويعارضها البعض الآخر".

وواصل بالقول: "من الضروري أن نسترجع هذه القصص وننظر إلى الحقيقة مباشرة رغم أنّ التعقيدات التاريخية تجعل الأحكام السهلة مستحيلة".

واعترف ماكرون، في ولايته الأولى، أن فرنسا فشلت في أداء واجباتها تجاه الحركيين وزوجاتهم وأولادهم، فيما صوّت مجلس الشيوخ الفرنسي على قانون لطلب "الاعتذار" من الحركيين، العام الفارط.

وتعتبر قضية الحركى حساسة جدًا في الجزائر، إذ رفضت البلاد منذ الاستقلال السماح لهم بزيارة مسقط رأسهم، بسبب الجراح العميقة التي تتسببوا فيها لأبناء بلدهم بانحيازهم إلى جانب المستعمر خلال الثورة التحريرية.

وعانى الحركى الذين استطاعوا مغادرة الجزائر إلى فرنسا، من سوء معاملة وعنصرية من جانب الفرنسيين، وبعضهم سكن في محتشدات لا تليق بعيش الآدميين.