19-يونيو-2019

مسيرة الطلاب الجزائريين في العاصمة (أ.ف.ب)

دعت ندوة المجتمع المدني المنعقدة السبت الماضي، إلى حوار مفتوح على جميع الفاعلين لإيجاد مخرج للأزمة التي تعيشها البلاد، يكون عبر  مقترح المرحلة الانتقالية الذي لا يلقى قبولًا لدى بعض الأطراف، وفي مقدّمتهم المؤسّسة العسكرية، التي أكّدت على ضرورة إجراء انتخابات مسبقة واستبعاد مشروع المرحلة الانتقالية.

وزارة الداخلية الجزائرية تأخّرت في منح ترخيص لندوة المجتمع المدني بقصر المعارض

جمعت ندوة المجتمع المدني، 72 تنظيمًا، من بينهم نقابات وجمعيات مدنية بمقر نقابة "كنابست" في العاصمة، وتقرّر إجراء هذه الندوة في هذا المقرّ، بعد عدم تلقيهم أيّ ردّ من إدارة قصر المعارض لتنظيم اللقاء هناك، والسبب؛ هو تأخّر وصول ترخيص وزارة الداخلية إلى غاية صبيحة يوم انعقاد الندوة.

اقرأ/ي أيضًا: مبادرات المجتمع المدني.. مقترحات لحلّ الأزمة في الجزائر

انفتاح على الجميع

تتضمّن وثيقة المبادرة التي طرحها المشاركون في ندوة السبت الماضي، دعوة جميع الأطراف إلى المساهمة في الخروج من الأزمة التي تعرفها البلاد.

واقترحت هذه المبادرة، "فتح حوار شامل مع فعاليات الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية وناشطين من الحراك، بخصوص الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وتقديم تصوّر لحل الأزمة يُتوّج بندوة وطنية".

لكن دعوة المجتمع المدني هذه، قد تصطدم كغيرها من المبادرات السابقة، بحراك شعبي رافض لتعيين ممثلين عنه وناطقين باسمه، ما يجعل مشروع تنظيم الندوة الوطنية الجامعة مؤجلًا إلى حين، ومفتقدًا للتوافق والإجماع في حال استمرّ رأي مطالب الحراك على حالها.

يرى الياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحّة العمومية المشاركة، في حديث إلى "الترا جزائر"، أنه بات واجبًا على الشارع الاتفاق على مقترح جامع للخروج من الأزمة، معتبرًا أن الجميع مطالب بتحمّل مسؤوليته ونقل هذه المطلب إلى الواقع.

ودعا مرابط إلى  "الخروج من حمّى تخوين كل من يخالفنا الرأي، لأنّ الأزمة الحالية تتطلّب إيجاد حلّ، وعدم الوقوع في فخّ الأطراف التي تُريد أن يبقى الوضع يراوح مكانة دون تقدم لافت، فمن غير المعقول أن يتوقّف النضال عند الخروج إلى الشارع والتظاهر فقط".

من جهته، يعلّق نور الدين بكيس، أستاذ علم الاجتماع السياسي نور الدين بكيس في حديث إلى "الترا جزائر"، أنه لم يتفاجأ بعدم إحراز الحراك الشعبي أيّ تقدّ حتى الآن، مشيرًا أنه "كان ظاهرًا منذ الأسابيع الأولى أنه يرفض تطوّر المطالب إلى أشكال أخرى، إنمّا قوّته تتلخّص في آليات التعطيل، وهو وضع كاف ليبقى صامدًا ضدّ مشاريع النظام".

مرحلة انتقالية

ربطت وثيقة المجتمع المدني، تنفيذ برنامجها بتنصيب شخصية وطنية أو هيئة رئاسية  تُشرف على مرحلة انتقالية للعودة إلى المسار الانتخابي، لمدّة تتراوح بين ستة أشهر وسنة على أقصى تقدير.

غير أن مقترح المرحلة الانتقالية، يواجهه معارضة شديدة، وأوّل المبرّرات هي أن الانتظار لستة أشهر أو سنة، مقترح لا يختلف كثيرًا عن مشروع التمديد الذي طرحه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قبل تخلّه عن مشروع الولاية الخامسة مجبرًا.

من جهتها، لا تتحمّس المؤسسة العسكرية إلى المبادرات التي تتضمّن فترات انتقالية، ويبدو أنها الطرف الأكثر تأثيرًا اليوم في سير الأحداث تناغمًا مع ضغط الحراك في الشارع.

رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، دعا في وقت سابق إلى "أن يؤمن الجميع بأهميّة المضي قدمًا نحو حوار مُثمر، يُخرج بلادنا من هذه الفترة المعقّدة نسبيًا، نحو بلوغ إجراء انتخابات رئاسية في أسرع وقت ممكن، بعيدًا عن الفترات الانتقالية التي لا تؤتمن عواقبها".

يختلف مع هذا الطرح، النقابي الياس مرابط إذ يعتبر أن  المرحلة الانتقالية صارت واقعًا لا يمكن تجاهله، موضحًا أن البلاد دخلت هذه الفترة منذ استقالة الرئيس السابق وإلغاء انتخابات 4 جويلية/ يوليو المقبل، واستحالة تنظيم انتخابات في الظرف الحالي، خاصّة في فترة الدخول الاجتماعي في سبتمبر/ أيلول المقبل".

ورقة ضغط

أمّا أستاذ علم الاجتماع السياسي نور الدين بكيس، فيقلّل من أهمية هذه المبادرة التي قد لا تلقى استجابة واسعة، ليس بسبب إمكانية رفض الحراك لها وتضمّنها مقترح المرحلة الانتقالية، ولكن حسب المتحدّث؛ لعدم امتلاكها ورقة ضغط في المشهد السياسي الجزائري، على حّد قوله.

في هذا السياق، يقول بكيس"هذه المبادرة قادمة من تنظيمات ذات طابع مهني لا تملك وزنًا سياسيًا، وبالتالي لن تستطيع أن تشكّل ورقة ضغط على المؤسّسة العسكرية أو السياسية، خاصّة وأنها تضمّ بين عناصرها جمعيات لا تأثير لها وطنيًا".

ويعتقد المتحدّث، أن حل الأزمة سيكون مستوحى من الاقتراحات التي تطرحها مؤسسة الجيش، إذ كان لها دورًا أساسيًا فيما تحقّق حتّى اليوم، خاصّة وأن ما تعيشه الجزائر اليوم "ليس ثورة أو انتفاضة وإنمّا أقرب للمطالب الإصلاحية".

تبقى حلول الأزمة في الجزائر مرتبطة بالاقترحات التي تطرحها المؤسّسة العسكرية

في انتظار ما ستكون عليه ردود الأفعال حول توصيات ندوة المجتمع المدني، يؤكّد أصحاب المبادرة، أنهم سيواصلون محاولاتهم لتقديم مخرج للأزمة التي تعيشها البلاد، والتي ستتضح بعد اللقاء التقييمي الذي سيعقد بحر هذا الأسبوع، قبل الإعلان عن الخطوات المقبلة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الحراك الشعبي في الجزائر.. سياسيّون على دكّة الاحتياط

تأجيل الانتخابات في الجزائر.. أحزابٌ "معارضة" تفقد توازنها!