23-أغسطس-2018

مثقفون جزائريون يطالبون بتفعيل عقوبة الإعدام في القضايا المتعلقة بسلامة الأطفال (الأناضول)

تميّزت السّنوت الخمس الأخيرة في الجزائر، بكونها أرعبت الأطفال وأسرهم على حدّ سواء، بسبب الاختطافات والاعتداءات المتكرّرة، التي كانت تنتهي بالقتل، في العادة، وتسجّل ضدّ مجهول، بما يوحي أنّ هناك تطورًا للجريمة في هذا الباب. 

تميّزت السّنوت الخمس الأخيرة في الجزائر، بكونها أرعبت الأطفال وأسرهم على حدّ سواء، بسبب الاختطافات والاعتداءات المتكرّرة

وكما يقول الخبير النفسي، بوحجر بوتشيش، فإنه "على المنظومتين الأمنية والقانونية رصد السّياقات المؤدية إليها، حتّى يتمّ وضع حدّ لها، وإلّا دخلنا إلى المستقبل بجيل مفخّخ بالخوف والتوجّس من الآخر".

اقرأ/ي أيضًا: الأسرة الجزائرية في دوامة اختطاف البراءة

"لقد خرجنا من عشرية كان القتل فيها وجبة يومية في الشّارع الجزائري"، يقول بوحجر بوتشيش، مضيفًا: "وعقدنا مصالحة وطنية مسّت الجوانب الأمنية فقط، ولم تتعدّ إلى ترميم الخرابات النّفسية والإنسانية، ما وضعنا أمام جيل متصالح مع الدّم، ووجد بعض وجوهه في الأطفال الفئة الهشّة لممارسة عدوانيتها".

هذا وقد تحوّلت بعض الاختطافات إلى قضية رأي عام في الجزائر، انخرطت فيها وسائل الإعلام التّقليدية ومواقع التّواصل الاجتماعي. لكن بمجرد ما يتمّ العثور على الطفل المختطف حيًّا كان أم ميّتًا، حتّى تنسى القضية في انتظار قضية أخرى، "فصار اهتمام النّاس متوجّهًا إلى حالة بعينها لا إلى الظّاهرة، التي ينبغي أن تصبح هاجسًا مجتمعيًا عامًّا"، يقول الممثّل نصر الدّين شرقي لـ"ألترا صوت".

ويسأل نصر الدّين شرقي: "ما الذّي يمنع من ذلك؟ هل هناك جهات معيّنة تستثمر في الاختطاف بصفته حالات معزولة، لتحقيق أهداف آنية معينة، لا بصفته ظاهرة باتت تزعج الأسرة الجزائرية؟".

استيقظ حيّ "الصّباح" في وهران الواقعة على بعد 500 كيلومتر إلى الغرب من الجزائر العاصمة، مطلع الأسبوع الجاري، على حادثة اختطاف الطفلة سلسبيل زحّاف، البالغة من العمر ثمانية أعوام، وقتلها بعد اغتصابها.

وتقول مصادر متطابقة، إنّ والدتها أرسلتها صباحًا لشراء السكّر من بقالة قريبة، ثمّ خرجت للبحث عنها بعد أن استبطأتها، فلم تعثر لها على أثر. وهو الوضع الذي أدّى بها إلى الاستنجاد بالشّرطة والسكّان، الذين عثروا عليها ملفوفة في كيس قريبًا من الحيّ.

والغريب في الأمر، إضافة لغرابة الجريمة نفسها، أنّ الجاني البالغ من العمر 17 عامًا ويقيم في الحيّ نفسه كان حريصًا على إبداء التّعاطف مع الأمّ المنكوبة والانخراط في عملية البحث، قبل أن يشكّ فيه أحدهم ويرغمه على الاعتراف.

وما أن أعلنت القنوات الفضائية عن الحادثة، حتّى اشتعلت موقع التواصل الاجتماعي بالإدانات. وحقق وسم (هاشتاغ) "#كلنا_سلسبيل" نسبة مشاركة كبيرة في الجزائر خلال وقت قليل، خاصّة بعد أن ظهرت الوالدة الثكلى تبكى ابنتها في فيديو تمّ تداوله على نطاق واسع.

كتب المصمّم زبير فارس في تدوينة على فيسبوك: "لأن تنتفضوا من أجل طفلة بريئة اغتصبت ثم قتلت بأبشع الطرق، مع تكرّر الحادثة، أفضل وأرقى من أن تنتفضوا لأجل ألف شعيرة دينية"، في إشارة منه إلى تفاعل الجزائريين مع مقال الكاتب أمين الزّاوي، الذي انتقد فيه سلوكاتهم بمناسبة عيد الأضحى.

وأبدى كثيرون انزعاجهم من تساهل الحكومة مع مرتكبي هذه الأفعال، من خلال سياسة العفو الرّئاسي في المناسبات الوطنية والدّينية، وطالبوا بتطبيق عقوبة الإعدام على كلّ من يؤذي طفلًا.

يقول الجامعي نذير طيّار: "يتفق رجل الأمن الجزائري مع المواطن البسيط على أنّ منظومتنا القانونية وسياسات العفو الدّورية تشجّع الإجرام وتحمي المجرمين". وهو الرّأي الذي ذهب إليه الأكاديمي سعيد بوطاجين بالقول: "المجتمع في خطر. عقوبة الإعدام ضرورية في سياقات، لأنّ الجريمة تتقوّى بفعل الأحكام "الطيّبة"، والعفو العام عن الوحش والغول".

ووجّه السّيناريست سيد أحمد بوشافع رسالة إلى رئيس الجمهورية ورد فيها: "سيّدي الرّئيس انظر إلى سلسبيل جيّدًا. الفتاة التي اغتصبت وقتلت من غير ذنب واحدة من كثير ساروا إلى ما سارت إليه بلا حساب ولا عقاب وكأن شيئًا لم يكن. سيّدي الرّئيس عوض أن تختم حياتك بعهدة خامسة لا رغبة للشّعب فيها، اختمها بتطبيق شرع الله وبتطبيق حكم الإعدام فيمن يتفنّن في إعدام أطفالنا عوض أن تطلق سراحهم بمناسبة أو دون بمناسبة".

 

 

تم تعليق عقوبة الإعدام في الجزائر منذ 1993، وآخر من نفذت بهم العقوبة، متشددون اتهموا بتفجير مطار هواري بومدين في 1992

يشار إلى أنّه تمّ تعليق عقوبة الإعدام في الجزائر منذ عام 1993، استجابة لضغوط المنظمات الحقوقية الدّولية، إذ كان إسلاميون اتهموا بتفجير مطار هوّاري بومدين عام 1992، هم آخر من نفّذت فيهم العقوبة. فهل تدفع الضغوط الشّعبية الحكومة إلى تفعيلها من جديد، على الأقل في القضايا المتعلّقة بسلامة الأطفال؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

نهال.. قصة اختطاف جديدة تخيف الجزائريين

في العمارة الجزائرية.. حياة مفخخة