21-مايو-2022
وزير الخارجية الجزائري رفقة الأمين العام للأمم المتحدة (الصورة: واج)

وزير الخارجية الجزائري رفقة الأمين العام للأمم المتحدة (الصورة: واج)

تُواصل الدبلوماسية الجزائرية حشد التأييد لمساعي نيل عضوية المجلس الدولي كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي للفترة 2024-2025، عن المنطقة الأفريقية، وأرسلت لهذا الغرض موفدين لها إلى عدّة بلدان.

نبيل سوامي: رفض الجزائر المشاركة في العقوبات الاقتصادية على روسيا سيجلب لها مزيدًا من العداء من الغرب 

وقاد سكريتير عام وزارة الخارجية رشيد شكيب قايد، مهمّة في النصف الأول من أيار/ماي الجاري إلى ثلاث دول في أميركا اللاتنية لجسّ نبض ثلاث دول هي البيرو، كولومبيا والمكسيك حول ملف ترشّح الجزائر. وأدرجت الجولة تحت مظلّة تعزيز روابط الصداقة والتضامن التقليدية القائمة بين الجزائر وهذه البلدان، ولتقييم التعاون الثنائي ودراسة السبل والوسائل الكفيلة بإنعاشه في جميع المجالات.

والتقى الموفد الجزائري قايد، مسؤولين في وزارات خارجية الدول الثلاث وممثلين عن برلماناتها، وأشارت مصادر إعلامية مكسيكية إلى أن "مكسيكو حصلت على دعم جزائري لملفها  لنيل مقعد غير دائم في المجلس، مما يرجح إمكانية حصول الجانب الجزائري على صفقة لمقايضة الأصوات."

وحصلت الجزائر الخميس 19 أيار/ماي الجاري، على دعم  لخططها لنيل مقعد في مجلس الأمن، من المملكة العربية السعودية، حيث أعلن في الصدد، وزير خارجية المملكة السعودية، فيصل بن فرحان، بالجزائر العاصمة، عن مساندة الرياض لمساعي الجزائر لعضوية المجلس الدولي.

وصرح بن فرحان أن "الرياض تدعم تطلع الجزائر استلام مقعد في مجلس الأمن الدولي"، مؤكدًا  ثقة القيادة السعودية في أن الجزائر ستكون "فاعلًا أساسيًا في دعم واستقرار الأمن الإقليمي والدولي"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية عنه.

الأزمة الروسية الأوكرانية

وبحسب محمد ضيف، الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية، فإن الدعم السعودي يعزز الموقف الجزائري في عضوية المجلس الدولي للفترة الممتدة من 2024 -2025  بعد 20 عامًا من آخر عضوية  في هيئة القرار الأممية المُشكّلة من 15 عضوًا منهم 5 دائمين.

وقال ضيف الذي شغل عضوية المجلس الدستوري  في تصريح لـ"الترا جزائر"، أن "الجزائر تحظى بالدعم التام للاتحاد الأفريقي والجامعة العربية  ممّ يعزز حظوظها".

وهنا نبّه محدّثنا إلى أن، "موقف الجزائر من الصراع الروسي الأوكراني لا يمثّل عائقًا أمام هذه الخطط"، وقال مفسّرًا: "بالعكس تمامًا، الجزائر بقت على مسافة واحدة من طرفي النزاع رغم علاقاتها المتميزة مع روسيا الفدرالية".

وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور عبد القادر عبد اللاوي رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان بين عامي 2017 و 2018   لـ "الترا جزائر" أن احتفاظ الجزائر بعلاقات متكافئة  مع جميع الدول وبالأخص دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ، يشفع لها أن تتبوأ من جديد منصب عضو غير دائم في هذه المؤسسة الأممية، على حدّ قوله.

وأردف المتحدّث: "تحوز الجزائر على دعم الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي الذي صادق مجلسه التنفيذي خلال دورته 38 على دعم ملفها لشغل هذا المعقد، الذي شغلته الجزائر باقتدار لفترات متواترة زمنيًا (1968/1969-1988/1989 ثم 2004/2005)".

من جهته، توقع الدكتور فاروق تيفور، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، انتصار الجزائر في  عملية التصويت على منصب عضو غير دائم بمجلس الأمن الدولي في حال مضت في خططها، معلقًا على سؤال بخصوص احتمال  الاصطدام بـ"فيتو" غربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، مشيرًا  إلى أنه "إذا قرّرت الجزائر خوض سباق عضوية مجلس الأمن فإن حظوظها ستكون وفيرة لأنها عرفت بدراسة موقع القدم دوليًا قبل وضعها".

واستدرك، مؤكّدًا: "إن العالم يعيش اليوم تحوّلات عميقة تمس مؤسسات الشرعية الدولية التي تأسّست بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ونشهد تحضيرًا قلقًا ومتوترًا لنظام دولي قد يكون مختلفًا عن النظام القديم على المستوى المالي والاقتصادي والأمني والمنظوماتي والحرب الدائرة في أوكرانيا هي عنوان لهذا التحول".

ليكمل: "ما قد تنبثق عنه بعض التحالفات الاستراتيجية الإقليمية والدولية، الأمر الذي  سيؤثر بلا شك في تجديد مجلس الأمن بالنسبة للتمثيل العربي".

وتابع أستاذ العلوم السياسية، "أرى أن الجزائر ستكون موفورة الحظ إذا قرّرت الترشح مع تسجيل أن المؤسّسات الدولية ما تزال إلى اليوم محكومة بمقاربة الغرب وعلى رأسه أميركا التي لها مع الجزائر حوار استراتيجي عميق قد تتجاوز به رؤية الحياد الإيجابي من الحرب الروسية الأوكرانية".

مهمة صعبة

بالعودة إلى كرونولوجيا مسار هذا الملف، عبّرت الجزائر في سنوات سابقة عن نيتها في خوض سباق عضوية مجلس الأمن، لكنها تراجعت ودعمت ترشّح دول أخرى حليفة، وفي الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وفي افتتاح أشغال مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية، عبّر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن رغبته في خوض بلاده المنافسة على عضوية مجلس الأمن الدولي، "من أجل المساهمة في الجهود الرامية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين"، وفقه.

هنا، يرى المحلل السياسي، نبيل سوامي، إن "مهمة الجزائر لتحقيق مراميها معقّدة على أكثر من صعيد"، وقال  لـ "الترا جزائر": "ستجد نفسها حتمًا (الجزائر) في مواجهة تحالف غربي يعارض عضويتها في المجلس، زيادة عن منافسين إقليميين".

وأضاف محدّث "الترا جزائر" أنّ "علاقات الجزائر مع العديد من الشركاء الغربيين ليست في أحسن حال في الفترة الأخيرة"، مستدلًا بـ "تأزم الخلافات مع دول مثل إسبانيا بسبب الغاز وملف الصحراء  ومع فرنسا القوة الاستعمارية السابقة لها"، وشرح قائلاً: "هي الآن في مواجهة كتلة من 27 دولة مؤثّرة تملك شبكة من التحالفات بما يجعلها قوة "فيتو" يعرقل عضويتها المحتملة في المجلس الأممي".

ولفت المتحدّث إلى أن "رفضها المشاركة في العقوبات الاقتصادية على روسيا إثر غزو أوكرانيا في 24 شباط/فيفري 2022 ومقاومتها للضغوط التي مورست عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لرفع حجم تدفق الغاز نحو القارة الأوروبية، سيجلب لها مزيدًا من العداء من الغرب".

وأشار في الصدد إلى "الغرب بقيادة الولايات المتحدة قد لا يرغب في صعود دولة  تحرص على استقلالية مواقفها السياسية وتنزع لعدم الانخراط في عمليات الاستقطاب الحالية في الساحة الدولية".

وتصنف الجزائر في التقارير التي تُعدّها كتابة الدولة حول اتجاهات التصويت في مجلس الأمن والجمعية العامة  بأنّها "من الدول التي وقفت ضدّ أو لم تصوّت لصالح القرارات واللوائح التي تقترحها واشنطن وحلفاؤها".

وبالنسبة للموقف السعودي ، أشار  المحلل السياسي إلى أنه "رغم أهميته فإنه لا يعبّر عن موقف دول الخليج ولا الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي".

فاروق تيفور: إذا قرّرت الجزائر خوض سباق عضوية مجلس الأمن فإن حظوظها ستكون وفيرة لأنها عرفت بدراسة موقع القدم دوليًا قبل وضعها

وطرح سوامي مأزق الجزائر في القارة الأفريقية، فإلى جانب خضوع دول بالقارة السمراء لوصاية الدول الغربية، حسب قوله، تجابِه انتقادات لطريقة معاملة المهاجرين المقيمين بطريقة غير قانونية  على أراضيها من لدن صحافة هذه الدول.وخلُص للقول "إن خوض الجزائر للمنافسة جاء في ظروف غير مناسبة، وليس لها ما تربحه في عضوية مجلس الأمن الذي يخضع لإرادة الدول القويّة".