27-مايو-2022
نبيل بن طالب

نبيل بن طالب (الصورة: Getty)

يعدُّ من أفضل اللاعبين الشباب الذين حملوا ألوان المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم خلال السنوات الخمس الأخيرة. لا يزال في مقتبل العمر، ورغم أنّه فقَدَ البوصلة في وقت مضى وسعى جاهدًا لتدارك ما فاته وإيجاد معالِمه، إنه بن طالب، "النبيل المزاجي"، كما يُلقّب.

دافع مدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي عن مواطنه نبيل بن طالب، الذي تعرّض لتصريحات عنصرية من نجم ألمانيا السابق ستيفن فرويند حين قال إن سوء انضباط اللاعب مع فريقه يعود لأصوله الجزائرية

ولِد نبيل بن طالب في الـ 24 من تشرين الثاني/نوفمبر سنة 1994 بمدينة ليل الواقعة بالشمال الفرنسي، من أبوين جزائريين ينحدران تحديدًا من ولاية مستغانم غرب البلاد، معروف عن صاحب الـ 28 سنة، الهدوء والتواضع، فهو بعيد كل البعد عن مواقع التواصل الاجتماعي، مفضلًا الحياة الاجتماعية البسيطة وتقاسمها مع الأهل والأصدقاء على أرض الواقع، لكن ما يُعاب عليه هو مزاجيته ونرفزته التي دفع ثمنها غاليًا خلال مشواره الكروي في فترة سابقة.

 مدينة ليل.. البداية        

بدأ نبيل سنة 2004، في تعلّم الخوارزميات البسيطة لكرة القدم بالمركز التدريبي لـ "ليل" الفرنسي، قبل أن يصل سن العاشرة، بعد خمس سنوات أي 2009 انتقل إلى فريق "إيكسيليسوار موسكرن" البلجيكي، ليكمل مع الفئات العمرية في نفس الفريق رحلته التحضيرية حتى عام 2010.

بعدها عاد إلى فرنسا وإلى نادي دنكيرك بالضبط، حيث لعب لفريق تحت الـ 17 سنة موسم 2010/2011، وبعد هذا الموسم الغني للاعب الناشئ، خاض عدة تجارب في العديد من الأندية دون أن يحظى بالقبول، حتى استقر به الحال مع نادي توتنهام الإنجليزي الذي احتضنه مع فرق الفئات العمرية من عام 2011 حتى 2013.

وجاءت بعدها ترقيته إلى الفريق الأول لتوتنهام، بعد أن قدّم مستويات لافتة تنم عن لاعب موهوب، فأعطاه المدرب تيم شيرود حينها، الثقة بالمشاركة في أكثر من 20 مباراة دون تسجيل أي هدف.

 أبواب "الخضر"       

الأرقام التي كانت بحوزة "الأنيق" بن طالب، سمحت له بأن يلتحق بصفوف المنتخب الوطني الأول، قبل ذلك نجح اللاعب في لعب 46 لقاء مع توتنهام بين 2013/2017، بعد انتقاله إلى ألمانيا على شكل إعارة بصم مستقبل وسط ميدان "الخضر" آنذاك على 32 مواجهة رفقة فريقه "شالكه 04".

في 2014، حسم نبيل بن طالب في قرار لعبه للجزائر أم فرنسا، ووقع اختياره اللعب لصالح منتخب بلاد والديه الجزائر، كان ذلك قبل انطلاق نهائيات كأس العالم بالبرازيل.

نبيل بن طالب

وتأكد اختيار لاعب وسط توتنهام "هوتسبير" الدفاع عن ألوان الجزائر بعدما كشف المدرب وحيد حليلوزيتش عن استدعاء قائمة من اللاعبين ضمت 28 لاعبا تحسبا لخوض مباراة ودية ضد سلوفينيا استعدادًا لنهائيات المونديال، متخليًا بذلك عن فكرة تمثيل منتخب "الديكة" التي لعب لمنتخبها في فئة أقل من 19 سنة.

 من "البريميرليغ" إلى"البوندسليغا"

 ذكرت مجلة "كيكر" الألمانية أن فريق شالكه دفع مبلغ 19 مليون أورو لفريق توتنهام الإنجليزي لشراء عقد لاعبه نبيل بن طالب. تألق الدولي الجزائري في الدوري الألماني ومسابقة الدوري الأوروبي جعل نادي شالكه يقدم على هذه الخطوة، في عقد يمتد لأربع سنوات.

وأثنى زملاء بن طالب كثيرًا على صانع ألعابهم الجديد، حيث قال عنه المهاجم ماكس ماير "إنه مهم للغاية بالنسبة للفريق. ونحن محظوظون بوجوده معنا".

وهو ما أكده أيضًا الدولي النمساوي أليساندرو شوبف بقوله: "نبيل قوي جداً من الناحية التقنية وله نظرة ثاقبة للملعب نستفيد منها جميعًا. علاوة على ذلك فهو حاضر في خط الهجوم ويساعدنا أيضًا في الدفاع عندما تكون الكرة عند الفريق الخصم".

أسوأ سبع صفقات في العالم؟

في تقدير موقع "أش أي تي سي" الإنجليزي، هناك سبع صفقات كروية في التاريخ تعتبر من بين الأسوأ، والتي وصفها بـ"المدّمرة" للأندية التي استقدمت هؤلاء الأسماء، مدرجًا ضمن هذا التصنيف لاعبًا  دوليًا جزائريًا، الأمر يتعلق بنبيل بن طالب، نجم نادي توتنهام الإنجليزي وشالك الألماني السابق، والذي عرف مشواره الكروي الكثير من المشاكل والمتاعب جرّاء سلوكه وعدم انضباطه، خاصة في ألمانيا.

ما جاء في التقرير: "أثبت اللاعبان سيباستيان رودي وبريل إمبولو، أن نادي شالك ارتكب أخطاءً مكلفة، لكن نبيل بن طالب كان من أكبر الأخطاء عندما يتعلق الأمر بالضرر المادي الذي تسبب فيه، رغم أنه لاعب موهوب بشكلٍ لا يمكن إنكاره".

وتضمّن التقرير كذلك أنّ  "بن طالب بدأ مسيرته في توتنهام، حيث لعب 66 مباراة في ثلاثة مواسم قبل أن يقرر المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو بيعه".

كما أفاد المصدر ذاته أنه بعد موسم  أول رائع لعبه (بن طالب) على سبيل الإعارة، دفع شالك 19 مليون أورو للتعاقد مع بن طالب أي بما يقرب من 100 ألف أورو أسبوعيًا".

نبيل

كما كشف موقع "أش أي تي سي" أن شالك قام بالتخلص من هذا الأجر الضخم عندما انتقل بن طالب على سبيل الإعارة إلى نيوكاسل لمدة ستة أشهر في عام 2020.

وأوضح: "عاد بن طالب خلال المواجهات الأخيرة في موسم هبوط شالك إلى الدرجة الثانية (موسم 2020-2021 لأول مرة بعد 30 عامًا)، ولعب 10 مباريات".

وقبل الختام خلص التقرير إلى أن "بن طالب لم يفعل شيئًا على الإطلاق لمساعدتهم في محنتهم"، واستطرد أن "شالك اتخذ عديد القرارات المالية المتهوّرة، لكن التوقيع لنبيل بن طالب براتب ضخم ومقابل 19 مليون أورو كان أسوأها، لأنه تسبب له في مشاكل أكثر مما التي ساهم في حلها قبل مغادرته مجانًا".

تذبذب في المشاركة مع "الخضر"

 بعد رحيل المدرب البوسني وحيد حليلوزيتش، عن المنتخب الجزائري، تذبذت مشاركة بن طالب مع "المحاربين"، بين الإبعاد بسبب الإصابة، تراجع المستوى والخيارات الفنية للاعب.

بن طالب

كما غاب عن صفوف "الأفناك" أيضًا مع المدرب كريستيان غوركييف، ميلوفان رايفاتس، جورج ليكنس، لوكاس ألكاراز، رابح ماجر، أما بالوصول إلى فترة الناخب الوطني جمال بلماضي، كان بن طالب وقتها قد دخل في فترة فراغ صعبة قال عنها مهندس تتويج "الخضر" بلقب أبطال أفريقيا في إحدى الندوات الصحفية: "نبيل بن طالب، نعرفه جيدًا، وسبب عدم استدعائه هو من أجل اكتشاف لاعبين آخرين".

 محطة "شالكه" الجحيم..

 مباشرة بعد تسلّمه الإدارة الفنية لنادي شالكه، أبعد هوب ستيفنز، لاعب خط الوسط الجزائري نبيل بن طالب من الفريق الأول وأرسله إلى فريق النادي تحت 23 عامًا، من دون تحديد فترة بقائه هناك، لكن النادي أعلن أن الباب مفتوح لعودة اللاعب إلى الفريق الأول، فما هي مشكلة بن طالب؟، تساءل موقع "دي دابليو" الألماني، نقلًا عن وسائل إعلام ألمانية عن السبب الذي دفع المدرب لإبعاد الدولي الجزائري وجعله خارج الحسابات، ورُبط ذلك بعدم الانضباط بالإضافة إلى تدني مستواه في الفترة الأخيرة.

وبسبب شكواه من الضعف وعدم القدرة، امتنع بن طالب عن المشاركة في لقاء شالكه مع نادي لايبتزيغ، ففي الحصة التدريبية الأخيرة قبيل المباراة بدا اللاعب البالغ من العمر 24 عامًا أنه لا يملك لياقة بدنية مكتملة.

ستيفنز، قال إن بن طالب جاء إليه مشتكيًا من ألم وضعف، مشيرًا إلى عدم قدرته على المشاركة في المباراة أمام لايبزيغ؛ رغم ذلك طلب ستيفنز الانضمام إلى كادر الفريق في اللقاء ثم بعدها يقرر مشاركته من عدمها، وأنه بعد فحصه من قبل طبيب الفريق، جاء الطبيب واللاعب إلى المدرب ليبلغاه إنه غير جاهز 100 بالمائة للمباراة.

ورغم طلب المدرب، لم يحضر بن طالب إلى الملعب في يوم المباراة التي انتهت بفوز الفريق الخصم بهدف نظيف، وهو السبب الذي دفع المدرب إلى إبعاده من الفريق الأول وإلحاقه بفريق تحت 23 عامًا.

ونقل موقع صحيفة "واز" أن بن طالب كان قد أُبعد أيضا لفترة من قبل المدرب السابق "دومونيكو توديسكو" بسبب عدم انضباطه خلال التدريبات، غير أنه عاد إلى مستواه بطريقة إيجابية خلال الأشهر الماضية.

هل بات بن طالبا غير مرغوب فيه؟

في كانون الثاني/جانفي 2020، أعلن نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، تعاقده مع نبيل بن طالب لاعب وسط الجزائر على سبيل الإعارة من شالكه المنافس بدوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم، حتى نهاية الموسم مع وجود خيار للانتقال بشكل نهائي.

ولم يتم الإعلان عن تفاصيل مالية لكن محطة "سكاي الألمانية"، تكهنت بأن نيوكاسل المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز دفع نحو 850 ألف جنيه إسترليني مع إمكانية دفع 8.5 مليون لضم اللاعب نهائيا.

وعبّر لاعب توتنهام هوتسبير السابق البالغ عمره 25 عامًا عن سعادته بالعودة إلى إنجلترا، وقال لموقع نيوكاسل على الأنترنت: "أردت العودة للدوري الإنجليزي الممتاز بالتأكيد. وضع المدرب ثقته بي والنادي أيضًا ووجدت الطريق ممهدًا وأعتقد أنها خطوة مثالية لي".

وأوضح ستيف بروس مدرب نيوكاسل أنه تابع بن طالب، الذي ابتعد عن الفريق الأول لشالكه لأسباب انضباطية في آذار/مارس الماضي، منذ فترته مع توتنهام، وأضاف: "لعب في أعلى المستويات في آخر أربع أو خمس سنوات لكنه لا يزال متعطشًا ولديه ما يريد إثباته وسيفيدنا بقدرته على التنافس. نعرف أنه يمكنه اللعب ويعرف متطلبات اللعب في الدوري الممتاز، انتقل من إنجلترا إلى شالكه ولعب في دوري أبطال أوروبا أيضا ونحن سعداء به إنها صفقة رائعة".

ضحية عنصرية

دافع مدرب المنتخب الجزائري، جمال بلماضي، عن مواطنه، نجم شالكه، نبيل بن طالب، الذي تعرّض لتصريحات عنصرية من نجم ألمانيا السابق ستيفن فرويند، الذي صرّح أن سوء انضباط اللاعب مع فريقه يعود لأصوله الجزائرية.

وقال بلماضي في رسالته التي نشرت على موقع "فاف" إنّ "ما تعرّض له نبيل بن طالب هو عنصرية مقيتة، كما هو كراهية مثبتة كان يُخفيها هذا المحلل في نفسه، وبصفتي جزائريًا ومدربًا للمنتخب، إضافة إلى اتحاد الكرة والجماهير، لا يمكننا أن نسمح لهذا النوع من التصريحات المسيئة والفاضحة بالمرور هكذا، لأن من تعرض لنبيل تعرض للوطن كذلك".

أنجيه الفرنسي يحتضن بن طالب

 بعد رحلة شاقة وبحث عن فريق يضمن له اللعب واستعادة مستواه والعودة مجددًا لأجواء المنتخب الوطني، لم يكن بن طالب محظوظًا في الوصول إلى مبتغاه، إلى غاية أن أعلن مؤخرًا، نادي أنجيه الناشط ببطولة الدرجة الأولى الفرنسية، أن نبيل بن طالب يتدرب مع الفريق، وكتب النادي عبر صفحته الرسمية على تويتر في أول خبر خاص باللاعب: "يسعدُ، نادي أنجيه بفتح أبوابه أمام نبيل، الذي لا يوجد حاليًا دون نادٍ".

وأضاف: "يأتي اللاعب الجزائري الدولي لإعادة اكتشاف حسّه، ويقدم لنفسه إمكانية تحسين حالته البدنية لإيجاد تحدي رياضي".

بن طالب وفي هذه الفترة يعدّ قطعة ركيزة في النادي، إذ يشارك بانتظام مع الفريق منذ أن استعاد عافيته بل ساهم في تحقيق انتصارات فريقه عبر تسجيله للأهداف أو تمريراته الحاسمة.

نبيل

كما رشّح البعض بن طالب للعودة مجددًا إلى المنتخب الوطني كما عاد زميله إسحاق بلفوضيل بعد طول غياب وتبقى الكرة في مرمى المدير الفني جمال بلماضي.

لا يتذكر محبو "الخضر" أنه قام بتصريح أو هجوم معاكس ضد منتخب بلاده بالرغم من ابتعاده عن صفوفه لفترة طويلة

وهنا قد يقّر المتابع لشؤون المنتخب الوطني لكرة القدم أن لاعبًا موهوبًا بحجم نبيل بن طالب لم يكن ضحية سوى لعقليته ومزاجيته، بالرغم من أنه ليس من ذلك النوع من اللاعبين الذين يفتعلون المشاكل، حتى وإن لم يشارك في المباريات، لا يتذكر محبو "الخضر" أنه قام بتصريح أو هجوم معاكس ضد منتخب بلاده بالرغم من ابتعاده عن صفوفه لفترة طويلة، ربما هذا ما جعله يحظى بمحبة خاصة لديهم.