09-يونيو-2022

(صورة أرشيفية/الشروق أونلاين)

تحوّلت إيطاليا إلى وجهة جديدة لعديد المسؤولين الجزائريين المتجهين إلى فضاء شنغن بعد فرض فرنسا لعقوبات ضد قطاع من النخبة الحاكمة فيها ومسؤوليات الشركات التابعة للدولة، ردًا على وقف السلطات الجزائرية تسلم آلاف من المقيمين بطريقة غير قانونية كانت صدرت في حقّهم أوامر بترحيلهم منم الأراضي الفرنسية.

أشار عدد من نواب البرلمان في حديث إلى "التر جزائر" إلى أنهم غيروا وجهتهم إلى إيطاليا وبلجيكا للحصول تأشيرات دخول للفضاء الأوروبي

وبعد انتظار دام أكثر من ثلاثة أشهر لرد القنصلية الفرنسية بالجزائر دون نتيجة، قامت مصالح المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري) بسحب الطلبات واسترجاع عشرات جوازات سفر نواب وعائلاتهم، وتحويلها إلى قنصليات بلدان أوربية رغم أنها لا تمنح إلا تأشيرات قصيرة المدى لا تتجاوز ستة أشهر مقارنة بفرنسا التي توفر تشيرات إقامة طويلة تصل إلى خمسة سنوات.

شكّل عدم تجاوب مصالح التأشيرات الفرنسية مع الطلبات صدمة للبرلمانيين المنتخبين قبل عام، وهو يرون أن صفة النائب لا تتيح لصاحبها في الواقع مزايا كثيرة، باستثناء أجرة محترمة مقارنة بما يحصل عليه الأجراء العاديون. لكن رئيس اللجنة محمد هاني هوّن في تصريح مقتضب لـ "الترا الجزائر " من أهمية هذه القرارات وقال "نترقب انفراجًا في الفترة المقبلة ".

الصحافيون ورجال الأعمال

ولم يتوقّف تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى فرنسا وحدها بل امتد إلى إسبانيا على إثر الأزمة الدبلوماسية الي اندلعت في آذار/مارس الماضي والتي بلغت تبادل الإهانات بين المسؤولين في البلدين.

وذهب أصحاب مهن حرة وصحفايون بدورهم "ضحية هذه الإجراءات، حيث باءت محاولة صحافيين للحصول على تأشيرة دخول لفرنسا بالفشل مرتين على التوالي دون تقديم مبرّرات عكس ماكان يجري في السابق.

وأشار عدد من نواب البرلمان في حديث إلى "التر جزائر" إلى أنهم غيروا وجهتهم إلى إيطاليا وبلجيكا للحصول تأشيرات دخول للفضاء الأوروبي بمن فيه فرنسا، تبعًا للقيود التي وضعتها الحكومة الفرنسية في مجال تراخيص الدخول إلى ترابها.

وعلى العكس مما يجري مع فرنسا وإسبانيا تعيش الجزائر وروما فترة "شهر عسل"ملثما تظهره التصريحات التي تصدر عن مسؤولي البلدين وكثافة الزيارات أحدها زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد لروما، ثم استقبال وفد برلماني إيطالي هام يضم في صفوفه وزيرا خارجية وعدل سابقين.

ولا يستهدف قرار المنع إلا قطاعًا من المسؤولين وعائلاتهم، باعتبار أن عددًا من النخبة السياسية ورجال الاعمال يحوزون فعلًا على وثائق إقامة أو عقارات سكنية في فرنسا وإسبانيا وكندا على وجه الخصوص، حصلوا عليها في فترة أزمة الرهن العقاري الذي ضرب عدة بلدان غربية ومنها جبهة الجزيرة الأيبيرية وفرنسا بين 2007 و2007 .

وفي أيلول/سبتمبر 2019 نشرت جريدة لو دوفوار التي تصدر في إقليم كيبك مثلًا تقرير تحذر فيه من تدفق أموال جزائرية إلى الإقليم وتوظيفها في سوق العقار مما ساهم في ارتفاع الأسعار فيه، لافتة إلى في الفترة بين كانون الثاني/جانفي وتموز/جويلية 2019 وصل حجم الأموال المحولة من الجزائر إلى كندا 78 مليون دولار. وشهدت إسبانيا وفرنسا في في العقدين الأخيرين تدفقًا للأموال الجزائرية استثمرت في شراء عقارات هناك.

الفيزا مقابل "الحراقة "

في 28 أيلول/سبتمبر 2021 أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابريال عطال، أن بلاده قرّرت تشديد شروط منح تأشيرات الدخول إلى مواطني المغرب والجزائر بـ 50 بالمئة و30 بالمئة تونس، وذلك لرفض هذه الدول إصدار تصاريح قنصلية لإعادة رعايا الدول الثلاثة المقيمين بطريقة قانونية متهمًا حكومات البلدان الثلاثة بأنها "تبطئ فعالية" عمليات الترحيل من الأراضي الفرنسية عند صدور قرارات في هذا الصدد، وتابع "حصل حوار ثم وُجهت تهديدات. اليوم ننفذ التهديد".

وبحسب ما صرح به وزير الداخلية الفرنسية جيرارد درامانيان أمام البرلمان في مطلع تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، فقد أصدرت السلطات الفرنسية 7731 قرار ترحيل في حق رعايا جزائريين في الفترة ما بين كانون الثاني/جانفي وتموز/جويلية 2021، أوقف منهم 597 شخصًا، لكن السلطات القنصلية الجزائرية لم تصدر إلا على 31 تصريحًا لإعادتهم إلى أراضيها.
وبحسب مصادر من نواب الهجرة في المجلس الشعبي الوطني فإن السلطات في فرنسا ثم إسبانيا التي سارت على خطاها مؤخرًا، اشترطت تجاوب السلطات الجزائرية بصفة مستعجلة مع أوامر الترحيل، وأمام عدم تجاوب الجهات القنصلية اتخذت الإجراءات العقابية بحرمان قطاع كبير من المسؤولين والرسميين الجزائريين وأعضاء البرلمان وعائلاتهم من التأشيرات السياحة والدراسية، مما عطل التحاق طلبة بجامعات فرنسية زاد الإقبال عليها في العقود الأخيرة بالجزائر.

وأفاد تقرير للجمعية الوطنية الفرنسية في كانون الثاني/جانفي 2021 فإن فرنسا مارست خفضًا ملحوظًا تأشيرات السفر للرعايا الجزائريين منذ وصول الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون في 2017، وأن معدل الرفض قارب 50 بالمئة من الطلبات، ما يظهر أن قضية إعادة "الحراقة" لم يكن الا ذريعة وأن الأزمة أعمق من ذلك. وأفاد التقرير أن عدد الذين استفادوا من تأشيرة سفر إلى فرنسا تراجع من 412 ألف تأشيرة عام 2017 إلى 274 ألف تأشيرة في 2019.

من جهتها، أفادت إذاعة "أوروبا 1"، في أيلول/سبتمبر 2021 أنه تم إصدار حوالي 63.000 تأشيرة من أصل 96.000 في فترة الأشهر الستة الأولى من عام 2020، ووافقت في الفترة ذاتها من عام 2021، على أكثر من طلبين من أصل ثلاثة طلبات قدمتها الجزائر. "لذلك طلب إيمانويل ماكرون من الخدمات القنصلية في كاي دورساي إصدار 31.500 تأشيرة بحد أقصى للأشهر الستة المقبلة، أي خفضها إلى النصف". بحسب "أوروبا 1".

وفي مقابل تقليص عدد التأشيرات للمسؤولين الجزائريين باستثناء الذين يحوزون على دعوات رسمية، يستمر منح تسهيلات لكفاءات جزائرية وخصوصًا في قطاعات الطب والتكنواوجيات للهجرة. مثلما يشير أستاذ جامعي في حديث إلى "الترا جزائر"، موضّحًا أن الحصول على تشيرة السفر إلى فرنسا لم يطرح له مشكلة .

معاملة بالمثل

في هذا السياق، أشار مسؤول دبلوماسي أوروبي بالجزائر إلى أن السلطات هنا تفرض قيود مشددة على التأشيرات على الرعايا الغربيين والفرنسيين الراغبين في دخول الأراضي الجزائرية، منبهًا في لقاء له على هامش زيارة مسؤولة مكلفة بمنطقة الساحل للقاء الخارجية رمضان لعمامرة .

و قد شكل رفض السلطات الفرنسية مواصلة العمل بالتسهيلات الممنوحة سابقًا للرعايا المسؤولين والمواطنين الجزائريين صدمة ومخاوف من توجه السلطات الفرنسية لإلغاء اتفاقية الهجرة سنة 1968 التي منحت المواطنين الجزائريين تسهيلات لدخول الأراضي الفرنسية، ومن ثم تقويض الآمال في تحقيق انفراج الوضع في قادم الأشهر .

يحمل احتفاظ الرئيس الفرنسي بوزير داخليته جيرارد درامانيان الذي يقود التيار المتشدد في الحكومة الفرنسية إشارات سيئة أخرى

ويحمل احتفاظ الرئيس الفرنسي بوزير داخليته جيرارد درامانيان الذي يقود التيار المتشدد في الحكومة الفرنسية في مجال الهجرة، والحصول على إذعان كامل من حكومات مستعمراتها السابقة وخصوصًا الجزائر بلد جده من أمه إشارات سيئة أخرى.