11-يونيو-2022
بيت لوران

كان منزلًا متداعيًا تلتصقُ به محلات تجارية في حي "سطورا" الشعبي، بوسط مدينة وهران. منزلٌ بنمط فرنسي محض، شرفاته ذات أبواب عالية تتدلى منها ستائر "الدانتيل"، ويتوسّطه بالداخل رواق طويل تتفرع منه حجرات صغيرة.

منزل المصمم العالمي سيفتح أبوابه أمام الزوار بدءًا من 26 حزيران/جوان الجاري

بطابعه الباريسي، ظلّ المنزل يخفي في صمته قصّة أحد أعظم مصممي الأزياء في التاريخ، لقد انفتحت مصاريع نوافذ المنزل مجددًا ودبّت فيه الحركة، وسيتحول قريبًا إلى متحف مفتوح للعامة، إنه منزل المصمم العالمي إيف سان لوران، الذي ولد وعاش فيه لمدّة 18 عامًا قبل أن يرحل إلى باريس في خمسينات القرن الماضي.

لقد تلوّنت الجدران الخارجية للمنزل ذو الطابقين بلون أصفر مائل للبرتقالي الفاتح، وباتت نوافذ البيت المشروعة زرقاء اللون، بياض المساحات الداخلية يتزواج في تناغم مع أشعة شمس وهران الباهية، إنها ولادة جديدة لإيف سان لوران.

منزل لوران

أصل الحكاية

ولد إيف هنري دونات ماثيو سان لوران في الفاتج آب/أوت 1936، في وهران، لتشارلز سانت لوران، المحامي ووكيل التأمين، وزوجته لوسيان ماتيو، كان الإبن الأكبر للعائلة مع شقيقتين أصغر سنًا، ميشيل وبريجيت.

منزل

منذ صغره، كان طفلاً عصبيًا، كان لديه اهتمام كبير في إنشاء دمى ورقية معقدة، وبحلول سنوات مراهقته المبكرة كان يصمّم فساتين لأمه وأخواته.

بعد الانتهاء من دراسته الثانوية في الجزائر، انتقل إلى باريس لمتابعة مهنته في تصميم الأزياء المسرحيّة وأزياء المرأة، قبل أن يفوز في مسابقة تصميم في خمسينيات القرن الماضي، والتي فتحت له أبواب ورشة المُصمم العالمي كريستيان ديور.

ثانوية وهران

في وهران غرب البلاد، ومنذ سن الثانية عشرة رسم إيف سان لوران رسوماته الأولى، هنا صمّم أزيد من 3000 رسم، كانت أدراج هذا المنزل شاهدة على صَبيٍ ينزل كل صباح للذهاب إلى مدرسة "لاموريسيير" الثانوية، لينتقل بعدها إلى مدرسة الفنون الجميلة. أحياء المدينة تشهد على طفولة من أحدث ثورة في تصميم الأزياء، مدينة لا تزال المباني الاستعمارية حاضرة للغاية.

تاريخٌ جديد

غالبًا ما كان لكل شيء نقطة تحوّل، ونقطة التحول في تاريخ منزل عائلة إيف سانم لوران كانت حين قرّر رجل الأعمال الجزائري، محمد عفان، شراء المنزل من إحدى العائلات الجزائرية، التي تقطن فيه والقيام بعملية ترميم لإعادته لوجهه الأول، وتحويله لمتحف سيضمُّ بعض أعمال سان لوران، ومن المُنتظر أن يُفتح أمام الجمهور كمزار سياحي ابتداء من 26 حزيران/جوان الجاري.

25 سنة هو عمر الهوس الذي سكن محمد عفان من أجل إعادة إيف سان لوران إلى منزله الأول وجلب الناس إلى  وهران، مشروعه هو فتح متحف بمساحة تزيد عن 1000 متر مربع بالقرب من أحد فنادقه وإعادة تأهيل المنزل، الذي ولد فيه مصمم الأزياء، مع فتح مدرسة تصميم للشباب في الطابق الأرضي، يقول عفان: "معظم الناس لا يعرفون أن أحد أعظم المصممين في العالم وهراني".

إيف سان لوران

ويضيف عفان وهو يسير على قطع البلاط والخرسانة، التي تم نزعها من أجل عملية الترميم "سنقوم أيضًا بإزالة البلاط الذي تم وضعه على البلاط الأصلي سنرمّم أيضا النوافذ والأبواب الخشبية، الفكرة هي الحفاظ على "روح المنزل" وكل ما كان يمثله البناء الأولي".

كما تابع رجل الأعمال أنه: "خطّطنا لجلب مختصين من عالم إيف سان لوران إلى وهران لمساعدة المشروع بخبراتهم".

يقول إيف سان لوران، الذي توفي في عام 2008، عن عمر ناهز الـ71 عامًا، بعد معاناة مع مرض سرطان الدماغ، عن وهران "كان عالمنا في ذلك الوقت وهران وليس باريس، ولا الجزائر العاصمة، مدينة كامو الميتافيزيقية ذات الحقائق البيضاء، ولا مراكش وسحرها الوردي الرائع؛ وهران، مدينة عالميّة للتجار من جميع أنحاء العالم، مدينة متألقة في خليط من ألف لون تحت شمس شمال أفريقيا الهادئة".