24-يونيو-2022
المصمم البرازيلي أوسكار نيماير (فيسبوك/الترا جزائر)

المصمم البرازيلي أوسكار نيماير (فيسبوك/الترا جزائر)

تنظم السفارة البرازيلية في الجزائر معرض صور لإنجازات عملاق الفن والهندسة الحديثة، البرازيلي أوسكار نيماير، أحد أشهر المهندسين المعماريين خلال القرن الماضي، والذي تربطه قصة حميمية بالجزائر التي اشتغل بها في سبعينيات القرن الماضي، وصمّم لها جامعتي باب الزوار ومنتوري بقسنطينة، والقاعة البيضوية كما قدّم للراحل هواري بومدين أول تصميم لجامع الجزائر الأعظم.

يروي نيماير أن الرئيس هواري بومدين وهو يطلع على مخططات المسجد، هتف قائلًا:" لكنه مسجد ثوري" فأجبته ضاحكًا: "سيدي الرئيس، يجب ألا تتوقف الثورة أبدًا، يجب أن تكون في كل مكان"

والاثنين الماضي، تم افتتاح معرض صور الفنان جيسون أودي للأعمال المعمارية التي صممها المهندس المعماري البرازيلي أوسكار نيماير والتي صنعت في الجزائر أواخر الستينيات.

ويحمل المعرض الذي يحتضنه متحف باردو الوطني عنوان "أوسكار نيماير، الجزائر وعمارة الثورة"، ويسلّط الضوء على ستة أعمال للمهندس البرازيلي في الجزائر بين عامي 1968 و1978، بالإضافة إلى رسومات تخطيطية لمشاريع لم يتم إنجازها.

تصميم مصغر لمركب 5 جويلية

نيماير في الجزائر

عاش أوسكار نيماير سنوات السبعينات في الجزائر بعد فراره من قبضة الديكتاتورية في بلاده البرازيل، وكان دائما يقول "تجري دماء عربية في عروقي".

حظي مصمم العاصمة البرازيلية "برازيليا" بعلاقة قوية مع الرئيس الراحل هواري بومدين، وهو ما جعله يصمم ويشارك في تصميم الكثير من المشاريع العلمية والسكنية في الجزائر، خاصة بعد هروبه من بلده وحصوله على اللجوء السياسي في فرنسا، فكانت الجزائر البلد الذي فتح له ذراعيه ومنحته العمل والأمان ومنحها قبسًا من إبداعه الذي يتجلى في عديد المشاريع التي تم إنجازها في تلك الحقبة.

جامعة قسنطينة

يقول مصمم مبنى الأمم المتحدة "وصلت الجزائر في الوقت المناسب، بعد سنوات قليلة من الاستقلال على الاستعمار، كان لا يزال هناك الكثير من السعادة والفرح والجدية في مواجهة الاحتياجات الهائلة للشعب الجزائري التي احتقرها المستعمرون. أعتقد أننا ننسى ذلك. وجدت هناك أفضل تضامن. لقد أحببت هذا البلد، وظللت أعشقه. لقد أحببت مدينة الجزائر، فهي مشرقة للغاية ومرحبة".

وأضاف" هناك أيضًا القصبة التي بنيت في القرن السادس عشر على ما أعتقد. إنها تراث جميل للغاية ، بمساجدها الصغيرة وأضرحتها وبيوتها البيضاء ،غالبًا ما كنت أسير هناك ، صاعدًا ونزولًا على أدرجها وأزقتها المطلة على البحر، وكانت أيضًا مكانًا للنضال من أجل التحرير. كان انتصار الجزائريين على الاستعمار الفرنسي لحظة لا تُنسى بالنسبة لي. كان هذا انتصارًا للإنسانية ضد الاضطهاد الاستعماري. مثل هذه المعركة تستحق الاحترام".

جامع الجزائر

وعن تصميه لجامعة منتوري قال المصمم الذي رحل نهاية عام 2012 "من بين جميع المشاريع، جامعة قسنطينة يحتل مكانا خاصًا في قلبي لعدة أسباب، أولًا أنه كان تحديًا معماريًا بالنسبة لي، أردت أن تزيد وترضخ الخرسانة لي في جمالية التضاريس الوعرة والمثيرة لقسنطينة، وهي مدينة معلقة على الصخور والهواء، عندما أكون على انفراد أو في الأماكن العامة للحديث عن عملي، أول ما أقول إن جامعة قسنطينة هي واحدة من أعظم إنجازاتي".

جامع الجزائر

في حقبة السبعينيات، كانت هناك فكرة قائمة تسمى "مسجد الجزائر الأعظم"، لكن التاريخ سيدوّن أن هذه الفكرة تجسّدت واقعيًا بعد أن وضع الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة حجر الأساس لهذا الصرح في منطقة المحمدية ليحمل اسم "جامع الجزائر" بعد أن دشّنه الرئيس عبد المجيد تبون الذي كان له أيضًا إسهام في المشروع أثناء عهده كوزير للسكن وهي الوزارة التي أشرفت على المشروع.

لكن فكرة جامع الجزائر كان وراءها المعماري البرازيلي أوسكار نيماير الذي قدّم مخططًا للرئيس هواري بومدين الذي أعجب بالفكرة والمخطط لكن وفاته وضعت حدًا للفكرة التي بقيت حبيسة لقاء بين المصمم الشهير والرئيس الراحل.

يروي نيماير تفاصيل ذلك القاء في حوار مع صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية عام 2005، " في كثير من الأحيان، يمكن أن تظهر الأفكار بشكل غير متوقع ، ذات ليلة في الجزائر العاصمة ،عام 1968 ، عندما كنت على وشك النوم، خطرت لي فكرة رسم مسجد، كنت في غرفتي في فندق "ألتي" (السفير حاليًا"، المطل مباشرة على ميناء الجزائر وخليج الجزائر الجميل".

وتابع" في النهاية، في الصباح الباكر، كان أمامي مسجد معلق فوق البحر ومتصل بالبر الرئيسي بواسطة بنية فوقية، أبيض بالكامل كالجزائر البيضاء".

أوسكار نيماير: عندما أكون على انفراد أو في الأماكن العامة للحديث عن عملي، أول ما أقول إن جامعة قسنطينة هي واحدة من أعظم إنجازاتي

ويروي نيماير أن الرئيس هواري بومدين وهو يطلع على مخططات المسجد، هتف:" لكنه مسجد ثوري!" ثم أجبته ضاحكًا: "سيدي الرئيس، يجب ألا تتوقف الثورة أبدًا، يجب أن تكون في كل مكان".