28-مايو-2022
الصحراء الجزائرية (تصوير: زكريا قجالي/Getty)

قبل أيام من الانطلاق  الرسمي لموسم الإصطياف في الجزائر في الفاتح حزيران/جوان الداخل، تأمل الحكومة أن يشهد قطاع السياحة انتعاشًا هذا العام، ليشكل بداية لانطلاقة حقيقية لهذا القطاع الذي في إمكانه تحقيق عائدات معتبرة بالعملة الصعبة للبلاد، وهو الأمل الذي يعمل على تحقيقه كثير من الجزائريين من مختلف مناصبهم، وذلك بإطلاقهم في الأيام الماضية حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "مرحبا في الجزائر"

وصف مقال لصحيفة واشنطن بوست الأميركية الجزائر بـ"عملاق السياحة النائم"

وفي غياب إستراتيجية حقيقية للترويج للمعالم السياحية الجزائرية، وافتقار الفضاءات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، على مواد ترويجية للأماكن السياحية وتقديم الخدمات المتعلقة بحجوزات السفر والعروض والبرامج والخرائط، تزايد في السنوات الأخيرة استعمال العالم الافتراضي للترويج للمناطق السياحية في البلاد، وسط تساؤل حول مدى نجاح  هذه المبادرات في الامتحان الذي أخفقت السلطة.

الأكثر تداولا

واستطاعت هذه الحملة غير الرسمية التي انطلقت مؤخّرًا عشوائيًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالخصوص في منصة تويتر عبر وسم #مرحبًا_في الجزائر باللغتين العربية والإنجليزية أن تلقى تفاعلًا كبيرًا جعلت هذا الوسم ضمن التغريدات الأكثر تداولًا على موقع التدوينات القصيرة.

أبرزت المنشورات التي تحمل هذا الوسم عددًا من المناطق السياحية في البلاد، وحاول المساهمون في هذه الحملة، نشر الصور لعدد من الأمكنة والتعريف بها، وفي بعض الأحيان نشر أسئلة تفاعلية مع طرح أسئلة أين تقع هذه الأماكن ومن يعرفها؟ 

ولقيت الدعوة الموجهة للجميع لزيارة الجزائر  استجابة من شخصيات معروفة وناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال شارك الصحفي الجزائري المغترب سامي قاسمي مع متابعيه فيديو يتضمن أفضل 10 مناطق سياحية في الجزائر، والتي من المؤكد أنها تختلف حسب نظرة كل شخص لمناطق البلاد، بالنظر إلى أن الثراء السياحي الذي يختلف من ولاية إلى أخرى.

وتنوّعت الصور والفيديوهات التي تم تداولها والشهادات المقدمة للتعبير عن كل شيء في الجزائر، فعلى سبيل المثال شارك الرحالة صانع المحتوى "بن" الذي زار الجزائر منذ أيام على حسابه في تويتر صورًا من حضوره مباراة الداربي الأخيرة بين اتحاد الجزائر ومولودية الجزائر.

وكتب بن قائلًا: "إذا كنت تريد أن تعيش حياة وتجارب سفر لا تصدق وفريدة من نوعها واستثنائية، فعليك أن تتوقف عن الاستمرار في العيش في خوف وفي جنون العظمة. هنا في أكبر ديربي عاصمي بين مولودية الجزائر واتحاد العاصمة".ونشر بن أيضًا على قناته على "يوتيوب" فيديوهات عن رحلته الأخيرة إلى الجزائر التي مست عدة ولايات.

في هذا السياق، تضمنت تدوينات الجزائريين على تويتر أيضًا الترويج إلى كل ما له صلة بالثقافة الجزائرية من لباس وأكلات تقليدية، وبالخصوص التركيز على الشواطئ التي تزخر بها مختلف المناطق الساحلية، تزامنًا مع انطلاق موسم الاصطياف في البلاد.

ويمكن تصنيف الحملات التي تنظم على الدوام من قبل الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنها سد لتقاعس السلطات في الترويج  للاماكن السياحية في الجزائر، فالمطلع على منصات وزارة السياحة يلاحظ خمولًا في النشاط الاتصالي وغياب العروض المشجعة لزيارة الأماكن السياحية وكل ما تنشره هذه المنصّات هو التحرّكات الرسمية والبيانات المتعلقة بزيارة المسؤولية وتدشين الهياكل الإدارية.

وعلى سبيل المثال يطبع الجانب الرسمي الكلاسيكي على صفحات وزارة السياحة والصناعات التقليدية في فيسبوك وتويتر، والأمر ذاته بالنسبة لقناتها على يوتيوب، وكذلك بالنسبة لموقع الوزارة الذي تغيب عنه مختلف الدعائم الترويجية، وأبرزها الفيديو، في حالة تخالف ما يعيشه العالم من تقدم تكنولوجي صارت فيه الصورة السمعية البصرية جزءًا من حياتنا اليومية.

وفي الأشهر الماضية، أعلن وزير السياحة والصناعة التقليدية ياسين حمادي، أن مصالحه بصدد إعداد بوابة رقمية للتعريف بكل المقومات السياحية الجزائرية وعناصر الجذب السياح، وهو ما لم يتحقّق حتى الآن ونحن على أبواب موسم الاصطياف الذي ينطلق رسميًا في الفاتح  حزيران/جوان الداخل.

ويمتد التقصير في الترويج الرسمي للأماكن السياحية في الجزائر إلى مختلف القطاعات التي قد تساهم في إنعاش قطاع السياحة، أولاها السفارات في الخارج التي يبقى حضورها الافتراضي غائبا أو في الأحسن محتشما، إضافة إلى الإعلام العمومي الذي لا يروج للسياحة في الجزائر بشكل جيّد، بل صار ما تكتبه بعض وسائل الإعلام العربية والغربية أحسن مما تكتبه الصحافة الحكومية الجزائرية عن مناطق بلادها السياحية.

فرصة سياحية

تشكل فترة ما بعد جائحة كورنا فرصة للجزائر لتطوير قطاع السياحة وإنعاشه، بالنظر إلى أن التوجّه نحو الخدمات الإلكترونية التي تطوّرت في وقت الجائحة ستسمح لها باستهداف أكبر عدد من الجمهور،خاصة وأن مشكل عدد هياكل الإقامة من فنادق ومنازل الذي كان يطرح في السنوات الماضية لم يعد موجودًا في عدة ولايات بالرغم من استمرار راتفاع أسعار الإيجار.

ويمكن للجزائر الاستفادة من تقارير دولية عديدة دعت إلى اكتشاف الجزائر، وأبرزها تقرير صدر العام الماضي عن المنظمة البريطانية "بريتيش باك باكر سوسايتي" الذي صنف الجزائر كأفضل وجهة سفر محتملة لسياحة المغامرات في العالم للسنوات العشر القادمة، وهو التصنيف  الذي يمكن تأكيده بالنظر إلى ملاحظة قدوم رحالة معروفين في السنوات الأخيرة إلى الجزائر.

وقالت المنظمة ذاتها "بالنظر إلى مقومات الجذب الكبيرة للبلاد من حيث سياحة المغامرة والعدد الضعيف للمسافرين الذين يزورون الجزائر اليوم فإن قدرات الصناعة السياحية الجزائرية لا مثيل لها في أيامنا"، مشيرة إلى أنه "من خلال سياسات حكومية مبتكرة مشجعة للسياحة وحملة دولية للتسويق الفعال يمكن للصناعة السياحية الجزائرية أن تسجل أرقامًا عالمية في النمو خلال السنوات العشر القادمة".

وفي الـ 22 نيسان/أفريل الماضي، وصف مقال لصحيفة واشنطن بوست الأميركية الجزائر بـ"عملاق السياحة النائم"، والذي دعا كاتبه هنري ويسماير القائمين على السياحة الجزائرية إلى أخذ الثراء الكبير الذي تتمتع به الجزائر بعين الاعتبار عند رسم السياسات السياحية.

هناك الكثير من القيود البيروقراطية التي تقف حجر عثرة أمام مجال السياحة أبرزها صعوبة إجراءات الحصول على تأشيرة السفر 

يظل الاستثمار في هذه الثورة السياحيةمغيبًا عن برامج السلطة المطالبة اليوم بالالتفات إلى هذا القطاع، وبالخصوص مع صدور قانون جديد للاستثمار تقول إنه قادر على دفع عجلة الإنتاج في جميع المجالات الاقتصادية، غير أنّ هناك الكثير من القيود البيروقراطية التي تقف حجر عثرة أمام هذا المجال، أبرزها صعوبة إجراءات الحصول على تأشيرة السفر إلى الجزائر من الدول الأجنبية.