29-يونيو-2022
الشيخة الريميتي (الصورة/ بان أفريكا ميوزيك)

الشيخة الريميتي (الصورة/ بان أفريكا ميوزيك)

كان مهرجان الراي بوهران مضيفة ألعاب المتوسط وجوهرة الجزائر، فرصة لردّ الاعتبار لواحدة من قامات موسيقى الراي العالمية مغنية الفقراء كما يطلق عليها، الشيخة الريميتي التي عادت مكرّمة على مسرح الراحل حسني شقرون.

وُصفت الشيخة الريميتي بـ"مطربة المحرّمات" التي تخوض في الطابوهات الاجتماعية حيث برزت بأغاني جريئة وهاربة من سياق المألوف

بعد توقفه لسنتين بسبب جائحة كورونا "كوفيد-19"، وتنظيمه بوهران المدينة التي شهدت ميلاد أول طبعاته في نسخة استثنائية تزامنًا واستضافة الباهية للنسخة التاسعة عشر لألعاب المتوسط، يعود مهرجان الراي لتكريم وردّ الاعتبار لأسماء برزت سمائه محليًا ودوليًا، تقديرًا واعترافًا لإسهاماته في تطوير هذا النوع الموسيقي الجزائري الذي ولد من رحم المجتمع، وإيصاله إلى العالمية بكلمات دراجة بسيطة متداولة بين أبناء الغرب الجزائري.

مع العودة، عادت روح حسني على مسرحه، وعادت أغانيه العاطفية الفريدة من نوعها على مستوى اللحن والكلمة والموسيقى، كما عادت الشيخة الريميتي أيقونة الراي، مغنية الفقراء والطبقات البسيطة التي رحلت في صمت في غربتها بباريس.

أول امرأة تغني الراي

الريميتي أوّل من اقتحم عالم الراي من النساء، أول امرأة تغني الراي بالجزائر، بحسب تصريح  أدلى به الشيخ النعّام مغني وكاتب أشهر الأغاني الرايوية لـ "الترا جزائر"، على هامش السهرة التكريمية التي خصصت للريميتي بمهرجان الراي بوهران في نسخته الثانية عشر التي يسدل ستارها غدا الخميس، (30 حزيران/جوان الجاري).

 الشيخ النعّام صاحب "يا ولفي وعلاش" التي أعاد تأديتها أكثر من 20 فنانًا قال إنّ الشيخة الريميتي كانت أوّل امرأة تغني الراي، وجاءت بعدها الشيخة الجنية التي كانت تغني الطابع البدوي، ثم توالى ظهور أصوات نسائية أخرى في هذا المجال.

الشيخة الريميتي

تكريم الريميتي جاء ثانيًا في سهرة استثنائية مميزة، بعد تكريم الراحل حسني شقرون، صديق الفقراء والمساكين، بحيث نشط الحفل كوكبة من نجوم الراي، الذين أدّى بعضهم بعض أغاني الراحلة ولعلّ أشهرها "أنت قدامي وأنا موراك" و"خليني خليني " التين قدمت في شكل ديو (ثنائي) لأول مرّة بهذا المهرجان منذ نشأته.

 وتمثل الديو في تقديم فيديو وصور الريميتي وهي تؤدي الأغنيتين بصوتها دون موسيقى أصلية، ولكن بموسيقى عزفها جوق موسيقي على الخشبة، ما شكل ثنائية جميلة وجسرًا ربط الماضي بالحاضر، وخلق تواصلًا بين جيلين، ولو افتراضيًا. في حين احتفى بها فنانون على طريقتهم الخاصة بتأدية بعض أغانيها من بينهم الشاب عباس، الشيخ ناني. وغيرهم.

مطربة المحرّمات؟

وُصفت الشيخة الريميتي بـ"مطربة المحرّمات" التي تخوض في الطابوهات الاجتماعية حيث برزت بأغاني جريئة وهاربة من سياق المألوف، بينما يعتبرها آخرون نوعًا من التعبير الصادق عن حياتها التي شهدت محطات صعبة، ذاقت مرارة اليتم، قسوة الفقر، ألم التشرّد.. كما تلّونت حياتها بالسواد في آخر عمرها بسبب الغربة والبعد عن الوطن.

الشيخة الريميتي واسمها الحقيقي سعيدة باضيف، ابنة سيدي بلعباس، ولدت في 8 أيار/ماي 1923، إبّان فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر. انتقلت الريميتي إلى ولاية غليزان من أجل العمل، ثم انتقلت لعالم الموسيقى والغناء، فانضمت لفرقة المداحات، ثم فرقة الجوّالة، وهنا برزت موهبة الريميتي في الغناء وكان ذلك في سنوات الأربعينيات.

عام 1952 سجلت الريميتي أوّل أعمالها بعنوان "الراي الراي" من إنتاج باتي ماركوني، ثم أصدرت عملها الشهير "شرغ قطع".. وأغاني أخرى بلغ مملها 400 أغنية، ووصف بعضها بالأغاني المحرّمة، وبسببها بحسب ما ذكرته وسائل إعلام تقرر منع أغاني الريميتي في الإذاعة والتلفزيون.

الشيخة الريميتي

الريميتي في الغربة 

ولم تشفع الأغاني التي أدّتها الريمتي عن النضال وبطولات الجزائريين ضدّ الاستعمار الفرنسي ووحشيته وانتقادها الحركى (الخونة) عند الهئيات الثقافية،  وظلّت مغيبة في الإعلام الرسمي والمشاركة في المهرجانات الثقافية والفنية، ومن أمثلة ذلك ما تقوله في هذه الأغنية: "الرقة يروج يجاهد والهانة يبيع خوه" أو ما ورد في أغنية "أولاد الجزائر..الشعب المناضل.."..وغيرها.

في غربتها بباريس رحلت الشيخة الريميتي المثيرة للجدل، عن عمر ناهز 83 عامً

في غربتها بباريس رحلت الشيخة الريميتي المثيرة للجدل عام 2006، عن عمر ناهز 83 عامًا إثر سكتة قلبية، ونقل جثمانها إلى وطنها الأم ودفنت بوهران.

دلالات: