11-أغسطس-2019

أجواء العيد في حيّ القصبة العتيق بالعاصمة (فاروق بتيش/ أ.ف.ب)

مع قدوم مناسبة عيد الأضحى المبارك، تتزيّن موائد الجزائريين بعدّة أطباق تقليدية توارثتها الأسر منذ زمن بعيد، ورغم اختلاف طريقة إعدادها وتسمياتها من منطقة إلى أخرى، إلا أنّ أضحية العيد تبقى المكوّن الأساسي في كل طبّق يحضّر في هذا اليوم، بيد أن هناك أطباقًا يتّفق جزائريون على أنها أشهر أطباق العيد في الجزائر، ويكون تحضيرها خصيصًا في هذه المناسبة الدينية على اختلاف عاداتهم وتنوّع ثقافاتهم ومطابخهم.

لا تستغني العائلات الجزائرية عن طبق البوزلّوف في أوّل أيام عيد الأضحى

البوزلّوف أشهر الأكلات

تتّفق الأسر على طهو طبق البوزلّوف، في أغلب مناطق البلاد، إذ يُعتبر أشهر الأطباق المحليّة التي تحضّر يوم عيد الأضحى مباشرة بعد نحر الأضحية، إذ يحضّر هذا الطبق تحديدًا من رأس الشاة، وفي بعض المناطق يشمل الطبق رأس وأرجل الأضحية، وتتفنّن العائلات الجزائرية في طرق إعداده وتتبيله وتقديمه بشكلٍ شهي.

اقرأ/ي أيضًا: عيد الأضحى في الجزائر.. عرس السواطير

فبعد شوي رأس الأضحية على النار إلى غاية تنقيته من الصوف، يتمّ بعدها شفطه بالسكين إلى غاية تنظيفه تمامًا، وتسمّى هذه الطريقة بـ "التشواط"، يقوم بعدها معدّ الطبق  بإزالة القرنين وتقطيع الرأس إلى نصفين طوليًا، وينظّف بالماء الساخن جيّدا، ويتمّ حشوه بالتوابل التي تعطي له نكهة خاصّة مثل الفلفل الأسود والكمون والثوم، وفي مرحلة أخيرة يُطهى على الجمر أو في قدر بوصفة خاصّة.

هناك طريقة أخرى في إعداد البوزلوف في عدد من مناطق البلاد، تعتمد على تنظيف رأس الشاة جيّدا بعد عملية "التشواط" بحسب تصريح السيّدة وردة ملياني لـ" الترا جزائر"، مضيفة أنه بعد التنظيف يتمّ تقطيعه، ويوضع مباشرة في قدر كبير من الماء والملح حتى ينضج جيّدا، ويقدّم بعدها في صحون مزيّنة بقطع من الفلفل الأخضر الحار المشوي، والقليل من المعدنوس وقطع من الليمون.

في مناطق أخرى من الوطن، ابتكرت العائلات طريقة أخرى لطهو البوزلّوف، وتسمّى هذه الطريقة بـ بوزلوف مفوّر، إذ يتمّ مزجه بمختلف التوابل ووضعه في إناء مثقوب على قدر فيه ماء مغلي، لينضج على بخار الماء، وتعطي هذه الطريقة نكهة خاصّة للطبق تختلف عن سابقتيها، ويقدّم عادة في اليوم الأوّل من عيد الأضحى مع أصابع البطاطا المقلية، بينما يُحضره البعض بطريقة أخرى كطبق من البطاطا المقلية وصلصة الطماطم والقليل من المعدنوس، وبعدها يوضع فوق الطبق قطع من رأس الخروف المطهو مسبقًا.

كما تعمد بعض الأسر الجزائرية، على الإبقاء على طبق البوزلّوف مع  أمعاء الأضحية في المرق مع الحمص ليقدّم مع طبق الكسكسي، وهي من أشهى الأكلات التي تتفنّن فيها ربّات البيوت في ثاني أيّام عيد الأضحى، وتقدّم للضيوف أيضًا، بينما يفضل البعض الآخر طهو البوزلوف بمرق أحمر أو صلصة الطماطم مثلما هو معمول به في الغرب الجزائري.

العصبان.. الطبق الأصعب

ليس طبق البوزلّوف وحدة ما تشتهر به العائلات الجزائرية في أوّل أيام العيد، إذ ينافسه طبق العصبان أو العصبانة، والذي يُحضّر من أمعاء وأحشاء الأضحية، إذ يعتبر تنظيفها قبل طهوها المرحلة الأصعب بالنسبة لربّات البيوت، فهي تأخذ القسط الأكبر من الوقت قبل إعداد الطعام.

تحضّر أمعاء الشاة بعدد من التوابل، ثم يتمّ تقطيعها قطعًا صغيرة وحشوها مع الأرز في الكرشة أو الشبكية. بعدها تُخاط الكرشة وتُطهى في المرق المعدّ بالثوم والحمص والقليل من الأعشاب التي تُعطي لها نكهة خاصّة، ويختلف تحضير هذه الأكلة في بعض مناطق الوطن إلا أن الطبق يحمل التسمية نفسها.

لأحشاء أضحية العيد أطباق أخرى، منها طبق الدوارة أو البكبوكة، والتّي تُقدّم في عشاء اليوم الأوّل من عيد الأضحى أو ثاني أيّام العيد، إذ تعدّ الدوارة من أهمّ الأكلات الشعبية الجزائرية، وتتمثل في مرق أو حساء من أحشاء الأضحية، تقطّع جيّدًا إلى قطع صغيرة بعد تنظيفها، وتوضع في قدر كبير تضاف إليها التوابل من فلفل أسود، وفلفل أحمر، وكسبر، وكمون، وملح، علاوة على الثوم والحمص والطماطم مع الماء وهي الأكلة التي تقدّم أيضًا في الولائم والمناسبات.

لا تفرّط بعض العائلات في عاداتها في اليوم الأوّل من عيد الأضحى، إذ تتزين المائدة بطبق الملفوف، وهو من الأطباق بسيطة التحضير، يعتمد على تقطيع كبد الشاة إلى أجزاء صغيرة ثم يتم لفّها بالشحم وتوضع في أسياخ الشواء، ثم تُشوى على الجمر الحار.

في ثاني أيّام العيد، تحضر النساء في بعض المناطق طبق كتف المحمّرة، إذ يتمّ تجويف الكتف لتتمكن ربّة البيت من حشوها باللحم المفروم والثوم والبصل والتوابل من مختلف الأنواع، ثم خياطتها وطهيها في الفرن، ويقدّم هذا الطبق في لمّة الأسرة مع مختلف أنواع السّلطَات، كما يُزيّن بالكسبر والمعدنوس وشرائح الليمون.

المشاوي من اختصاص الرجال

يعتبر طبق المشوي كما يطلق عليه في عدّة مناطق جزائرية، من ببين الأطباق المميّزة في عيد الأضحى، خصوصًا ما يعتمد على طهي أضلاع الشاة في الفرن، بمختلف التوابل ويقدّم مع طبق الحريرة أو حساء الخضر.

اللافت أنه في ثاني أيّام عيد الأضحى، يجتمع أفراد العائلة لشواء اللحم على الجمر، إذ يتمّ تقطيع اللحم إلى قطع صغيرة وإضافة قطع من الشحم والبصل والفلفل الأخضر، وتوضع في أسياخ خشبية أو حديدية مرتبة، أغلبها قطع من اللحم، أما البصل والفلفل فتوضع للنكهة، وتشوى على الفحم في مشاوي خاصة، وهي من ألذ الأكلات التي يعمد الرجال على التفنّن في طهيها.

لطالما ارتبطت أطباق العيد بمشاركة أفراد العائلة الواحدة وتقسيم المهام بينهم

ترتبط أطباق عيد الأضحى غالبًا بالمشاركة العائلية وتقاسم المهام، إذ تُحضّر هذه الأطباق بمشاركة أفراد الأسرة بداية من عملية تنظيف الأضحية إلى عملية تقطيعها وطهوها، إذ يتكفّل كل فرد من العائلة بتقديم يد العون فيما يُحسنه، كما تحضر في هذه المناسبة عدّة أطباق محليّة تكون في الأيّام الموالية لعيد الأضحى، منها طبق الشخشوخة والتريدة والكسكسي وغيرها من الأطباق التي تحضّر في المناسبات الدينية والحفلات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أضحية العيد.. موضة سادية أو شعيرة دينية؟

مصارعة الكباش في الجزائر.. قضّية شرف