23-أبريل-2024
(الصورة: فيسبوك) باب الفوقة

(الصورة: فيسبوك) باب الفوقة

 

معالم تاريخية عريقة تزخر بها "عاصمة الحماديين" بجاية، بعضها يعود لعصر الدولة الحمادية وبعضها الآخر ارتبط بالاحتلال الإسباني والفرنسي،وأحد أبرز هذه الشواهد التاريخية باب "الفوقة" الذي يكمّل سلسلة بجاية الجزائرية.

"باب الفوقة" الذي عرف قديمًا باسم "باب البنود" والمحاط ببرجين يعتبر الأقدم من حیث أسس بنائه وكان ھدفه حماية السكان من الھجمات المفاجئة

الخميس الماضي، أعلنت وزيرة الثقافة الجزائرية صورية مولوجي خلال زيارتها إلى بجاية، عن استفادة معلم "باب الفوقة" في إطار البرنامج الخاص بأضرار الزلزال، من تسجيل عملية تخص دراسة وترميم برخصة برنامج تقدر بـ 95 مليون دج.

نهاية الترميم قريبًا

وبعد أن تم الانتهاء من عملية الدراسة، شرع مختصّون في عملية ترميمه منذ نهاية شهر آب/أوت 2023، حيث تقدمت نسبة ترميمه وإعادة تهيئته بلغت  40%، على أن يتم تسليمه نهاية السنة الجارية 2024.

وتأتي هذه العملية من أجل رد الاعتبار لهذه التحفة العمارية والحفاظ عليها من الاندثار وحتى تواصل صمودها أمام العوامل الطبيعية وبالأخص الزلازل والهزّات الأرضية.

باب الفوقة

لقد ساهمت الحضارة الحمادية في تطور العمران والهندسة وتجلى أثرها في المباني والقصور والحصون التي شيدت في تلك الحقبة الزمنية ببجاية، مثل برج الفوقة أو باب الفوقة الذي بقي صامدا لمئات السنين وأصبح واحد من الأقطاب السياحية التي يفضل زوار المدينة من الجزائريين والأجانب زيارتها واكتشاف سحرها وجمالها والسفر عبرها إلى تاريخ العصر الحمادي، حيث شُيّد هذا الباب خلال حكم الناصر بن علناس أحد ملوك بني حماد ( 1062-1088م) والذي استمدت منه بجاية تسميتها أيضًا بـ"الناصرية".

سبب تشييد باب الفوقة؟

وللتفصيل أكثر في هذا المعلم من حيث الهندسة وتاريخه وقصته، جاء في مقال نشرته مجلة الإتحاد العام للآثاريين العرب سنة 2016 وكتبه كل من الدكاترة عائشة حنفي والأستاذين موسوني مجيد وبن وارث نبيل بعنوان "دراسة حالة باب الفوقة ببجاية-الجزائر، ومقترح خطة الترميم والصيانة" أنّ "باب الفوق الذي يحتل مركزا استراتيجيا مهما في القلعة ويعتبر المدخل الرئيسي لھا من الجھة الشمالیة الغربیة، كان یلعب دورا دفاعیا ھاما سابقا، وسیاحیا حالیا، و ما یحز في النفس مظاھر التلف التي بدأت تظھر عليه رغم صموده لفترة طویلة كون لم يجد العناية الكاملة في مجال الحفظ والترميم.

باب الفوقة

 ويشير كتاب هذا المقال البحثي إلى أنّه "عبر تاريخ بجاية وما ورد في نصوص الباحثين والمؤرخين أن بجاية وعمائرها الإسلامية بدأت مع الاحتلالين الإسباني والفرنسي تتلاشى ومعالمها ضاعت وما بقي منها قليل مثل القلعة الحمادية التي بقيت صامدة ببقاء بعض أجزائھا كالأبراج، والأبواب التي بقي منھا بابین "باب البحر"، و"باب الفوقة"، من أصل سبعة أبواب ھي: باب البحر، باب أمیسیون، باب المرسى، باب البنود، باب اللوز، باب المرقوم، باب دار الصنعة وكلها تسمح باتصال القلعة بالعام الخارجي.

يذكر المقال أن باب الفوقة الذي عرف قديمًا باسم "باب البنود" والمحاط ببرجين يعتبر الأقدم من حیث أسس بنائه وكان ھدفه حماية السكان من الھجمات المفاجئة.

باب الفوقة

هندسة فريدة.. ماذا عن الأبراج؟

وبحسب المقال " تم فتح بابان في جدار التحصین، وشق طریقین یصلان حتى باب القصبة ثم یحیطان بالقلعة لتصل إلى مقر الحاكم بباب البنود الذي كان السلطان من عاداته أن یجلس به، و كانت نظرات من ھذا تمتد إلى الحدائق ومنھا أیضا كان یراقب كل داخل وخارج من المدينة."

یقع باب الفوقة في الجھة الشمالية الغربیة، ويعتبر المدخل الرئيسي للمدينة ويؤدي إلى مقر السلطان، حیث كان یستقبل وفوده القادمین أثناء الاستعراضات أو أیام وصول القوافل، وحضور المراسم والحفلات.

وهو عبارة عن باب مشيد بالحجارة ويحيط به من الجانبين برجين بهما أمكان مخصصة للمدفعية وإطلاق القذائف، حيث الأول خماسي الأضلاع والثاني مربع القاعدة بعد تعديلات أجرتها فرنسا خلال استعمارها للجزائر (1830-1962) وأبرزها إضافة باب جديد، ودور البرجين هو حماية المدخل الرئيسي والممر الذي يليه إلى الداخل.

باب الفوقة

يتشكل الباب من عقد نصف دائري مبني من الحجر، یعلوه جدار سميك عبارة عن صفوف من الدبش (قطع الحجارة) المرصف والمنتظم يتناوب مع الحجر المسطح، ويعلو الباب ممر الحرس الذي یسمح باتصال البرجين مع بقیة الأسوار.

ويمتد باب الفوقة من الشمال إلى الجنوب على طول 30 متر، وعلو يبلغ 13.5 مترَا، أمّا واجهته فتقوم على حجارة كبيرة وصفوف من الآجر (حجارة صغيرة) وتتجلى في الأقواس، كما تبرز في جوانب أخرى من هذا المعلم بشكل ممزوج.

كما یشمل الباب عدة عناصر دفاعية مثل الأبراج الثلاثة التي تعلو كل واحد، أما البرج الجنوبي فكان ذو شكل مربع ومسقف بالقرمید، في حین، جاء كل من البرج الأوسط والشمالي، خماسيي الأضلاع بارزان على مستوى الجدار.

ويحتوي المعلم أيضًا بابان آخران لھما نفس الارتفاع، إلا أن تقنية بنائھما مختلفة،؛ فالباب الأول ينحصر بين البرج الجنوبي والأوسط، يتكون من دعامتين أساسیتین من الحجارة المنحوتة، وتعلوه أعمدة طولھا 3.35متر، وعرض 60 سم، وفوقها قوس نصف دائري يبلغ قطره 3.60 متر، تم بناؤه بالآجر، بينما الباب الثاني فيتوسط البرج الأوسط والشمالي، بعرض ثلاثة أمتار، وارتفاع يبلغ 4.35 مترًا. 

يعتبر "باب الفوقة" المدخل الرئيسي للمدينة ويؤدي إلى مقر السلطان، حیث كان یستقبل وفوده القادمین أثناء الاستعراضات أو أیام وصول القوافل، وحضور المراسیم والحفلات

ومقابل لك تضم الجهة الداخلية للباب الجنوبي أدراج تؤدي إلى بهو وساحة، ثم أدراج أخرى تؤدي إلى ممشى الحراس، الذي يؤدي بدوره إلى البرجين الخماسيين، حتى البرج المربع الشكل.