04-يونيو-2019

(أمام المجلس الدستوري في الجزائر، صورة: بلال بن سالم/ getty)

أغلق المجلس الدستوري في الجزائر الباب، في وجه مقترح قدّمته قوى سياسية وشخصيات معارضة وناشطون من الحراك الشعبي، للدخول في مرحلة انتقالية تقودها شخصية وطنية توافقية أو هيئة رئاسية مؤقّتة.

أصدر المجلس الدستوري مطلع هذا الأسبوع، قرارًا يقضي باستحالة إجراء انتخابات رئاسية يوم 4 تمّوز/ يوليو القادم

وأكّد المجلس الدستوري في بيان له، تمديد عهدة رئيس الدولة المؤقّت عبد القادر بن صالح إلى ما بعد التاسع من شهر تمّوز/ يوليو المُقبل، وهو تاريخ نهاية عهدته المؤقّتة، وجاء في البيان: "أن المهمّة الأساسية دستوريًا لمن يتولّى وظيفة رئيس الدولة، هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية، إذ يتعيّن تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد، لأجل الحفاظ على المؤسّسات الدستورية التي تُمكّن من تحقيق تطلّعات الشعب السيّد".

اقرأ/ي أيضًا: فتوى دستورية.. تمدّد فترة حكم رئيس الدولة

مخاوف الفراغ الدستوري تتبدّد

يشدّد المجلس الدستوري خلال البيان، أن قراره يدخل في إطار حماية الدستور، مشيرًا إلى أن المؤسِّس الدستوري خوّل له مهمّة السهر على احترام الدستور، استنادًا إلى المادة السابعة التي تقرّ أنَّ الشعب هو مصدر كل سلطة ويمارس سيادته بواسطة المؤسّسات الدستورية التي يختارها.

وكلّف المجلس الدستوري رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، بالدعوة إلى انتخابات رئاسية جديدة، مُرجعًا لرئيس الدولة مهمّة استدعاء الهيئة الانتخابية من جديد واستكمال المسار الانتخابي حتى انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية.

ويعني قرار المجلس الدستوري؛ الإبقاء على بن صالح رئيسًا للدولة ورفض أيّ سند دستوري لمقترح المرحلة الانتقالية التي تُطالب بها المعارضة وبعض أصوات الحراك الشعبي، ويفسَّر قرار المجلس الدستوري على أنه نفيٌ لوجود أيّ حالة فراغ دستوري في البلاد في حال عدم إجراء الانتخابات، ببقاء واستمرار مؤسّسة الرئاسة وعدم شغورها.

الحراك يرفض بن صالح

نشطاء في الحراك الشعبي لم يتأخّروا في الردّ على قرار المجلس الدستوري، واعتبروا أن قراراته لم تكن مفاجأة، لكنها تثبت أن هذا المجلس ليست له استقلالية وغير مؤهّل لتقديم قراءة سياسية للأزمة.

هنا، يعتبر الناشط السياسي عبد الوكيل بلّام، أن ما أصدره المجلس الدستوري هو قراءة تقنية لا تقدّم أيّ حلّ أو مخارج للأزمة الراهنة، موضّحًا أن الأزمة سياسية وليست دستورية على حدّ تعبيره.

ويُعزّز موقف المجلس الدستوري، رفض الجيش التام لفكرة المرحلة الانتقالية، إذ أبدى قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح في خطاب ألقاه الأربعاء الماضي في محافظة تمنراست جنوبي الجزائر، اعتراضَا شديًدا على أيّ مسعى انتقالي، ودعا الأطراف السياسية والمدنية إلى "حوار يبتعد خطابه عن المرحلة الانتقالية لإيجاد حلول ضمن الأطر الدستورية".

ويُشكّل قرار المجلس الدستوري صدمة للمعارضة والشخصيات المستقلّة والمرجعيات السياسية والدينية، بعد سحبه لمبرّرات الدخول في الفراغ الدستوري والمرحلة الانتقالية.

الوقت يمرّ

وفي أوّل ردود الفعل السياسية حول بيان المجلس الدستوري، قال النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف، إن المجلس الدستوري أصدر"فتوى سياسية خارجة عن مهامه الدستورية"، مستطردًا في تدوينته على حسابه الفيسبوكي  بأن المجلس يُصدر تفسيرًا لأحكام الدستور عندما يطلب منه رئيس الجمهورية أو رئيس الدولة ذلك.

وعاد بن خلاف إلى مسألة تأجيل الانتخابات قائلًا، إن القرار جاء استجابة لمطالب الشعب الرافض لإجراء الانتخابات ورحيل رئيس الدولة المؤقّت والوزير الأوّل نور الدين بدوي.

يضيف المتحدّث، أن حل الأزمة يتمثّل في إجراء الانتخابات بعد أن يتمّ وضع آليات تنظيمها، ورحيل رموز النظام السباق والاستجابة لمطالب الحراك الشعبي.

محاولات إنتاج النظام

من جهته دعا رئيس حركة البناء أحمد الدان،  إلى الإسراع في الحوار وعدم تضييع الوقت، مؤكّدًا في تصريح للإذاعة الوطنية أن حلّ الأزمة يكون عبر الحوار وانتداب شخصيات توافقية لإدارتها مع هيئة وطنية منتخبة، وتكليف سلطة تنفيذية مستقلة للإشراف على كل العمليات الانتخابية بعيدًا عن وزارة الداخلية و ضرورة تحقيق شروط انتخابات نزيهة وشفافة حتى لا تعيد إنتاج النظام السابق.

هنا، يعتبر الكاتب عثمان لحياني، أن قرار المجلس الدستوري كان متوقعًا، حيث لم يكن مُمكنا للمجلس ( أغلب أعضائه من المحسوبين على النظام) أن يتصادم مع رغبة المؤسّسة العسكرية المتحكّم الفعلي في السلطة، مضيفًا أن اللافت في قرار المجلس الدستوري ليس غلق المرحلة الانتقالية فقط، ولكن دعوته إلى انتخابات دون أن يوفّر سندًا دستوريًا وهو المخوّل بذلك للهيئة المستقلّة لتنظيم الانتخابات التي تمثّل اشتراطًا مركزيَا وافق عليه الجيش أيضًا قبل تنظيم أي انتخابات مقبلة.

حلّ الأزمة يكون عبر الحوار وانتداب شخصيات توافقية لإدارتها مع هيئة وطنية منتخبة

يُشار أن الجزائر عرفت خلال الفترة الأخيرة، إطلاق جملة من المبادرات السياسية للخروج من الأزمة، طرحتها أحزاب وكتل سياسية ومجموعات مدنية مثل التكتّل المدني الذي يضمّ 46 منظمة وشخصيات مستقلة، ومثل مبادرة وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي والمرجعيات الدينية مثل مبادرة علماء الجزائر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قايد صالح يدعو إلى مزيد من التنازلات ويرفض المرحلة الانتقالية

مبادرة الإبراهيمي وزميلاه.. حوار سياسي بين الجيش والحراك بلا آليات واضحة!