مؤخرًا، تمكن طلبة العلوم السياسية في الجزائر من الحصول على موافقة المديرية العامة للتوظيف العمومي، من أجل إدراج تخصصهم في جميع عروض التوظيف المتعلقة بالإدارة العمومية، بعدما ظلوا محرومين لسنوات من حق التوظيف في مختلف المجالات خاصة قطاع التربية والتعليم. وجاء هذا القرار بعد سلسلة الإضرابات والاحتجاجات، التي نظمها طلبة العلوم السياسية بالعديد من الجامعات الجزائرية خلال السنة الجامعية الماضية، مطالبين بإدماجهم في مختلف القطاعات وإيجاد إمكانيات توظيف أوسع لحاملي شهادة العلوم السياسية الذين ظل شبح البطالة يلاحقهم.
يتخبط طلبة العلوم السياسية في الجزائر في مشاكل مختلفة ويواجهون شبح البطالة ما أدى إلى ضعف شديد في عدد الراغبين في الالتحاق بهذا الاختصاص
بناء على هذا القرار، انطلقت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بالتنسيق مع القطاعات الأخرى في الإعداد من أجل إدماج المتخرجين من هذا التخصص في الوظيفة العمومية، وتحقيق مطالبهم المتعلقة بفتح باب توظيفهم في قطاعات مختلفة، نظرًا لتكوينهم المتعدد على غرار أساسيات علم القانون، أساسيات علم الاجتماع، أساسيات علم النفس والإعلام والاتصال، فضلاً عن مقررات تشمل اللغات الأجنبية بالإضافة إلى المقاييس المتعلقة بالعلوم السياسية، وهذا مع التركيز على إعطاء الأولوية لتخصص العلوم السياسية في المناصب التابعة له، مثل الميادين المتعلقة بالدبلوماسية، ووزارة الداخلية والقطاع الأمني وأجهزة صنع القرار، بالإضافة إلى فتح وإدماج خريجي العلوم السياسية في القطاعين العسكري وشبه العسكري، كضباط الجمارك، الشرطة، إدارة السجون والحماية المدنية.
دفعت إضرابات طلبة العلوم السياسية الوزارة الوصية إلى اتخاذ جملة من القرارات ومنها زيادة عدد مناصب الدكتوراه إلى أكثر من 30 في كل تخصص فرعي ضمن اختصاص العلوم السياسية، وهو ما اعتبره بعض المتابعين قرارًا سلبيًا من شأنه أن يؤزم وضع هذا الاختصاص. فتحت المدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية، وحدها، 55 منصبًا في مسابقة وطنية للالتحاق بدراسات الدكتوراه خلال السنة الجامعية الحالية، في تخصص دراسات دولية ودراسات استراتيجية، اتصال وتنمية، دراسات إقليمية، والسياسات العامة.
ويرى الباحث في العلوم السياسية حسام حمزة، أن "هذا القرار الجديد سيؤدي إلى مأزق كبير، خاصة بعد فتح أكثر من 170 منصب دكتوراه في العاصمة وحدها، وما يعادل هذا الرقم في باقي أقسام العلوم السياسية في مختلف محافظات البلاد". ويضيف المتحدث لـ"الترا صوت": "لا نستبعد مستقبلًا وجود دكتور علوم سياسية يعاني البطالة، كما أن قرار ترفيع معدل الالتحاق بالتخصص زاد سمعته سوءًا، وزاد عزوف الطلبة عن الالتحاق به، ما قاد إلى أقسام شبه فارغة".
خلال حديثه لـ"الترا صوت"، يطرح حسام حمزة "إمكانية أن تعرف الجزائر في السنوات القادمة طردًا لعدد من أساتذة العلوم السياسية". ويوضح ذلك: "في أغلب أقسام العلوم السياسية في الجزائر، باستثناء جامعة الجزائر، فإن عدد الأساتذة أكبر من عدد طلبة السنة الأولى في العلوم السياسية. في جامعة باتنة مثلًا 40 طالبًا، وفي جامعة جيجل 12 طالبًا فقط، وفي جامعة قالمة أقل من 20 طالبًا. وإذا افترضنا أن جميع هؤلاء الطلبة نجحوا في الوصول إلى السنة الثالثة الختامية، حينها سيوزعون على مجموعة من التخصصات (3 تخصصات في كل قسم على الأقل)، وبعملية حسابية بسيطة، وبالإسقاط على حالة جامعة جيجل مثلًا، فإن قسم العلوم السياسية سيكون ممثلًا بثلاثة تخصصات يضم كل واحد منها أربعة طلاب فقط".
هكذا يبدو أن اختصاص العلوم السياسية في الجزائر "ليس بخير"، رغم كل القرارات التي تم اتخاذها هذه السنة، وهو مهدد بمزيد التراجع، خاصة في حال عدم إيجاد محفزات تدفع حاملي شهادة البكالوريا (الثانوية العامة) الجدد للالتحاق بهذا التخصص.
اقرأ/ي أيضًا: