قال مدير الاتصال والقيادي في حزب جيل جديد، حبيب براهمية، إنّ النتائج التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة شكّلت مفاجأة للحزب، موضّحًا دوافع العزوف الانتخابي والمشاركة في التشريعيات، داعيًا في حوار لـ "التر جزائر"، إلى إعادة النظر في آليات العمل السياسي والاعتماد على الخطاب الواقعي والعمل الميداني.
حبيب براهمية: لم يتوقّع حزب جيل جديد نتائج الانتخابات التشريعية
- هل توقع حزب جيل جديد النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية؟
في الواقع، لم يتوقّع حزب جيل جديد نتائج الانتخابات التشريعية، وقد تكلّم في عدّة مرّات سابقة عن أزمة الثقة التي لمسها أعضاء الحزب في كل الخرجات الميدانية والجوارية التي التقوا من خلالها بالمواطنين.
اقرأ/ي أيضًا: قيادي في "جيل جديد" يؤكد فشل الحزب في التشريعيات
لقد صرحنا بأن هناك أزمة ثقة عميقة بين المواطن الجزائري والعملية السياسية وممارسي السياسة بشكل عام، ومن هنا كان التوقّع المطروح أن تكون نسبة المشاركة منخفضة، لكن بصراحة لم نتوقّع أن يبلغ هذا الانخفاض درجة دنيا مثل هذه، ولم ننتظر انخفاضها إلى هذا الحدّ، خاصّة مع تغيير نمط الاقتراع وطرح خيار القائمة المفتوحة التي جعلت الجميع ينخرطون في حملات انتخابية، لكن للأسف في يوم الانتخاب لم يتنقل أغلب المواطنين إلى مكاتب الاقتراع، ولم يؤمنوا بعملية الانتخاب، وهذا يؤكّد مرّة أخرى تفشي الحالة المرضية التي يعيشها المشهد السياسي في الجزائر اليوم، حيث أن هناك مشكلًا حقيقيًا يتعلق بالثقة وبإيمان المواطن الجزائري بأهداف العملية الانتخابية وإمكانية تحقيق التغيير عبرها.
أجد أن الأمر صعبٌ جدًا والمشكل عميق، نحن بحاجة إلى نقاشات فعلية داخل المجتمع وفي قلب المعارضة الجزائرية.
- تحصل حزب جيل جديد على مقعد واحد، هل شكلت النتيجة مفاجأة لكم؟ إلام يعود هذا الإخفاق؟
نعم، تحصل جيل جديد على مقعدٍ واحد، ونحن نهنئ بالمناسبة الأخ فتحي عون من ولاية الوادي، الذي سيمثل حزب جيل جديد ومشروعه في البرلمان المقبل، وكما قلت في إجابتي السابقة، كانت النتيجة مفاجئة وبعيدة عن التوقّعات، لأننا كنا ننتظر نسبة مشاركة أكبر مما جاءت عليه، وبالتالي فإن نتائج الحزب في هذه الانتخابات كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بنسبة المشاركة المتدنية.
لم نستطع اليوم إقناع الجزائريين بالذهاب نحو صناديق الانتخاب، وبأنه كانت هنالك حقيقة فرصة كبيرة للتغيير، إضافة إلى توعيتهم بأن عدم المشاركة في هذه العملية من شأنها أن تسمح لوجوه وأحزاب النظام السابق بالعودة إلى الواجهة.
سيكون هنالك عمل أكبر وجب القيام به في المواعيد المقبلة من خلال نشاط حزب جيل جديد مستقبلًا، لكن تجب الإشارة أيضًا إلى المسؤولية المواطناتية التي تقع على المواطنين وخاصة على النخب منهم، إضافة إلى وجوه المعارضة البارزة للتفكير في الأساليب والآليات التي وجب انتهاجها من أجل الوصول إلى تغيير ناجع وحقيقي في الميدان، لكي لا نبقى مرتبطين فقط بترديد الشعارات التي رغم أهميتها، لم تعد كافية بتاتًا.
من مسؤوليتنا كنخب سياسية وكمهتمين بالشأن السياسي أن نترجم هذه المطالب وهذه الشعارات إلى آليات حقيقية تحقق التغيير، لكي لا نجد أنفسنا في وضع أكثر تعقيدًا مما كنّا عليه قبل 2019.
- الكثير من الأطراف عاتبت مشاركة الحزب في المسار الإنتخابي، في رأيك لماذا خيار المشاركة كان أقرب إليكم من المقاطعة؟
في الواقع، هنالك الكثير من الإخوة الذين عاتبونا على المشاركة، حيث رأوا أنه ليس علينا إعطاء شرعية لعملية "توزيع للحصص"، وكان ردنا على هذا العتاب أن الوضع قد تغير اليوم، وإن كنا لم نصل بعد إلى مستوى دولة القانون والديمقراطية المطلقة، لكن الديمقراطية تصنع حقيقة، وهنالك إمكانية وفرصة من خلال هذه الانتخابات لوضع روح الحراك ووجوهه، وقيمه ومطالب الأساسية داخل المؤسسات المنتخبة.
قمنا بعمل كبير في ما يخصّ تعديل الدستور ودسترة سلطة مستقلة للإشراف على الانتخابات، ومن ثم عملية تغيير نمط الاقتراع في قانون الانتخابات من أجل توفير أكبر الضمانات لعملية شفافة ونزيهة.
لم يكن الأمر مثاليًا في الحقيقة، لكن الأكيد أن هذه الانتخابات لا تشبه سابقاتها، حيث لم يكن هنالك تزوير مبرمج ومنظّم على المستوى الوطني، إنما كانت هنالك تجاوزات على المستوى المحلّي، ولم تكن هنالك حصص، وبالتالي كانت هناك إمكانية حقيقية لوضع المعارضة الجزائرية داخل المؤسّسات المنتخبة بنسبة محترمة جدًا، وإن لم تكن أغلبية، لكنها كانت لتسمح بتوصيل كل مطالب المعارضة داخل المؤسسّات، وتقوية الأحزاب الممثلة للمعارضة والتي ساندت الحراك، إضافة إلى ترسيخ مكانتنا داخل المشهد السياسي.
للأسف، لم يتحقّق كل ذلك، لكننا في حزب جيل جديد نؤكّد على وجوب تنظيم المجتمع، من خلال أحزاب أو جمعيات أو نقابات، للمشاركة في العملية السياسية من أجل كسب مكانة داخل المؤسّسات المنتخبة، وألا نبقى في الهامش نردد شعارات لا نقوى على ترجمتها في الميدان.
- في حالة ما طلب منكم المشاركة في حكومة توافقية، هل سيشارك فيها الحزب؟
أظن أننا تكلمنا منذ سنتين عن هدف حوب جيل جديد الذي لا يتعلق بالوصول إلى الحكومة فقط بأن يعين فيها، وإنما كان وما يزال متمثلا في الحصول على الشرعية الشعبية لرفع مشروعه السياسي داخل المؤسسات، بما في ذلك المؤسسة الحكومية.
أظن أنه من المستبعد اليوم أن يقترح علينا منصب داخل الحكومة الجزائرية، ومن المستبعد جدا أيضا أن يقبل حزب جيل جديد منصبا مماثلا إن تم اقتراحه.
ما يهمنا اليوم هو مواصلة عملية الهيكلة داخل المجتمع و تنظيم وبناء العمل على مشروع جيل جديد لتقويته، فيكون جاهزا في المواعيد الانتخابية المقبلة إن شاء الله.
- هل يشكّل انهزام جيل جديد انتكاسة التيار الحداثي ؟
من المؤكد أن حزب جيل جديد الذي دخل ممثلًا وحيدًا عن التيار الحداثي في هذه العملية الانتخابية، لم يوفق في إقناع المواطن الجزائري القريب من هذا التيّار، بمقاربته التي تقول إن الفراغ ليس في صالحنا وليس في صالح التيار الحداثي ودعاة التغيير، إنما سيعود بالفائدة على أحزاب ووجوه النظام السابق التي ستستغل وجودها داخل المؤسّسات المنتخبة، من أجل تقوية وعائها الانتخابي وتقوية تنظيماتها السياسية، وبالتالي ترسيخ مكانها داخل المجتمع.
لهذا، وجب التعامل بالبراغماتية نفسها التي تنتهجها التيارات الأخرى داخل التيار الحداثي، وأن نعود إلى كلاسيكيات العمل السياسي والتنظيمي، أن نخاطب المجتمع بشكلٍ مباشر، وأن نخوض عمليات للتوعية والتنظيم، كما وجب أيضًا أن نوصل هذه الأفكار إلى داخل هذه المؤسّسات، أما أن نتعامل بطريقة غير مجدية من خلال ترديد الشعارات دون توفير آليات لتجسيدها، فهذا لن يكون أبدًا في صالحنا ولا في صالح التيار الحداثي، خاصّة أن الأفكار الحداثية أصبحت تكسب شيئا فشيئًا تأييدًا كبيرًا بين المواطنين الجزائريين، لكنها في المقابل غير موجودة تمامًا سياسيًا.
حبيب براهمية: التنظيمات السياسية تضعف يومًا بعد يوم وتعاني من غيابها داخل المؤسّسات
إن التنظيمات السياسية تضعف يومًا بعد يوم، وتعاني من غيابها داخل المؤسّسات، لهذا نتمنى أن تعيد المعارضة الجزائرية تفكيرها بطريقة هادئة وواقعية في الآليات المنتهجة لتحقيق التغيير المنشود وتقوية أفكارها داخل المجتمع الجزائري.
اقرأ/ي أيضًا:
حوار | جيلالي سفيان: السلطة أقحمت نفسها في الصراع الأيديولوجي لإضعاف الحراك
جيلالي سفيان: إطلاق سراح سُجناء الحراك سيكون سريعًا بحسب الرئيس تبون