23-أغسطس-2021

(تصوير: فاروق باتيش/Getty)

تشهد منطقة الساحل الأفريقي تفاقم الأوضاع السياسية والأمنية، بعد أن قررت القوّات الفرنسية  في شمال مالي تقليص انتشارها في المنطقة بعد ثماني سنوات من تدخلها، دون تحقيق أي نتائج إيجابية على الصعيد الأمني والسياسي، وعلى عكس ذلك شكل حضور قوّات عسكرية أجنبية طعمًا لتجنيد التيارات المتشددة، لتعرف العاصمة بماكو مظاهرات مطالبة بانسحاب القوّات الفرنسية.

يهدف الانسحاب العسكري الفرنسي إلى إلقاء الأعباء الأمنية والعسكرية على الجيش الجزائري وجرّه إلى التدخّل عسكريًا في منطقة الساحل الأفريقي

في هذا السياق، كانت الجزائر هذا الأسبوع، قد أعربت الجزائر عن قلقها لتجدد وتصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية الخطيرة التي سجلت في عدد من دول الساحل والصحراء خلال الأسابيع والأيام الأخيرة.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر تعرب عن قلقها إزاء تصاعد الهجمات الإرهابية في عدد من دول الساحل

وقالت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج في بيان لها، إن "تجدد وتصاعد وتيرة الهجمات الإرهابية الخطيرة التي سجلت في عدد من دول الساحل والصحراء الشقيقة خلال الأسابيع والأيام الأخيرة، تشكّل مصدر قلق بالغ بالنسبة للجزائر".

المينوسما

وفي إطار البحث عن استقرار المنطقة، استقبل مؤخّرًا رمطان لعمامرة، وزير الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، نظيره الوزير المالي عبد اللاي ديوب الذي قام بزيارة إلى الجزائر، وتوسعت المباحثات لتضم القاسم واين، رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد، لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما).

تأسّست بعثة مينوسما في 25 شباط/أفريل 2013، من قبل مجلس الأمن الدولي، وتشرف على تنفيذ الأهداف والخطوات المتمثلة في بناءَ مؤسّسات الدولة، تنفيد خارطة طريق للانتقال الديمقراطي، حماية المدنيين والبعثات الدبلوماسية، السهر على احترام الحقوق الانسان والدعم الإنساني.

  اتفاق السلم والمصالحة

وُقع اتفاق السلام والمصالحة الوطنية في جمهورية مالي في حزيران/جوان 2015، بين الحكومة المركزية في باماكو وتنسيقية الحركات الأزوادية التي يهمين عليها الطوارق، حيث أن الاتفاق الذي تم تحث إشراف ووساطة جزائرية، يهدف إلى تمثيل أكبر لأبناء المناطق الشمال في الجمعية العامة، ووضع استراتيجية للتنمية مناطق الشمال، وتحقيق توازنٍ تنموي بين الشمال والجنوب، وصياغة ميثاق العدالة الانتقالية ووضع دستورٍ توافقي.

عقبات أمام المصالحة المالية

يرى خبراء في الشأن الإقليمي والمالي، أن اتفاق السلام والمصالحة أمام تحدّيات وعقبات كثيرة، إذ أنّ الوضع الأمني في المنطقة أصبح أسوأ مما كان عليه قبل الاتفاق، خصوصًا بعد تدخل القوات الفرنسية وفشل عملية "برخان"، وقرار انسحابها، وفرضية تحالف بين جماعات الطوارق والحركات المتطرفة، مه وجود تدفق الأسلحة عبر ليبيا.

إضافة إلى ذلك فقد شكّل عدم استقرار المؤسّسات السياسية والمحاولات الانقلابية المتكررة حاجزًا أمام تنفيذ بنود الاتفاق، بما فيها اتفاق نزع السلاح وإعادة دمج المقاتلين السابقين في الجيش المالي، لتبقى الأوضاع الاجتماعية والإنسانية تشهد المزيد من التدهور خاصة في شمال ووسط البلد.

مستقبل الاتفاق  

في سياق الموضوع، تسعى الجزائر إلى جمع الفرقاء السياسيين والحركات المتمرّدة والحكومة المركزية، إذ تحظى الجزائر بثقة كافت الأطراف المالية، وهذا نتيجة التدخلات الدبلوماسية المتراكمة على الساحة المالية كلما عرفت أزمات وصراعات داخلية.

فرنسا ومحاولة توريط الجزائر

من جهته، جاء قرار الإنسحاب الفرنسي من الساحل الأفريقي مباشرة بعد الانقلاب الذي قاده العقيد عاصمي غويتا، الذي أطاح بالرئيس المؤقت باه نداو، المقرّب من العاصمة الباريسية.

وتشكّل خطة فرنسا الانسحاب الجزئي دون التخلّي عن النفوذ السياسي والاقتصادي في مالي، ويسعى الانسحاب الفرنسي تكتيكًا إلى الضغط على الانقلابيين والميل إلى كفّة باريس.

كما يهدف الانسحاب العسكري الفرنسي إلى إلقاء الأعباء الأمنية والعسكرية على الجيش الجزائري، وجرّه إلى التدخّل عسكريًا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث يشكّل تمرّد الطوارق والأزواد مجددًا انهيار اتفاق الجزائر للسلام.

في مقابل ذلك تعتمد المقاربة الجزائرية على المصالحة الوطنية في مالي وإعادة مؤسّسات الدولة، وتنفيذ شامل وكامل للاتفاق السلام والمصالحة، وتدرك الجزائر أن أي تدخّل عسكري أجنبي من شأنه أن يفاقم الأوضاع أمنيًا، وعلى أرضية صحراوية شاسعة ومعقدة سكانيًا.

منطقة الساحل الأفريقي تحولات أمنية وسياسية، تستقطب دخول لاعبين دوليين وإقليمين جدد

أخيرًا، تشهد منطقة الساحل الأفريقي تحولات أمنية وسياسية، تستقطب دخول لاعبين دوليين وإقليمين جدد، على غرار الصين وروسيا و"إسرائيل"، وأميركا لذا تسعى الجزائر إلى احتواء الأزمة الداخلية عبر رمي ثقلها السياسي والدبلوماسي لإعادة ترتيب البيت في مالي.   

 

اقرأ/ي أيضًا:

إلقاء القبض على إرهابي أطلق سراحه في صفقة أسرى بمالي

توالي سقوط إرهابيي الصفقة الفرنسية في قبضة الجيش الجزائري