شهداء ثورة التحرير يعودون بأصوات جيل جديد من الجزائريين منذ بدء الحراك الشعبي في 22 شباط/فبراير الماضي، حيث جابت الجموع الغفيرة شوارع العاصمة الجزائرية تحمل أسماء شهداء ثورة التحرير.
يعود شهداء ثورة التحرير للواجهة مرة أخرى، بأصوات ولافتات الجزائريين منذ بدء الحراك الشعبي في 22 شباط/فبراير الماضي
وشهدت العاصمة توافد الآلاف الذين تنقلوا بين كل من شارع الشهيدة حسبية بن بوعلي الرابط بين شارع طرابلس وساحة موريتانيا، وشارع الشهيد ديدوش مراد الذي يفضي إلى ساحة موريس أودان، وشارع الشهيد العربي بن مهيدي المحاذي لساحة البريد المركزي. هذه الجموع كانت لها فرصة لأن تطلع أبناءها الصغار عن تضحيات هؤلاء الذين خُلدت أسماءهم في الذاكرة التاريخية للبلاد.
اقرأ/ي أيضًا: لصالح من تشوه رموز ثورة التحرير الجزائرية؟
جيل الثورة
في كل جمعة من جمع الحراك الشعبي، يرفع الجزائريون لافتات متنوعة، أبرزها اللافتات التي حملت صور الشهداء وذكّرت بهم، التفافًا حول "جيل نوفمبر"، الذي يقول عنه طالب كلية الطب أصيل تواتي إنه "الجيل الذي علم المواطنين أن الجزائر أمانة يجب المحافظة عليها".
يقول تواتي لـ"الترا جزائر"، إن هذه الأسماء "لازالت محفورة في أذهان الجزائريين، وهذا الحراك الشعبي رسخها وحولها إلى أسطورة تحكى لنا وللأجيال القادمة".
الأسماء المدونة في بداية كل شارع بقلب العاصمة الجزائرية، لا تحمل الكثير من المعلومات، وخرجت أجيال تطرح التساؤلات عن هؤلاء الذين سميت شوارع الجزائر بهم. "من هم؟ وماذا فعلوا؟ لطالما سألني أبنائي"، تقول زهية مراني لـ"الترا جزائر" لافتة إلى أن استدراك الشعب لأهمية الشارع استعاد ذكر هؤلاء الذين كادوا أن ينسوا.
تقوم مراني بجمع المعلومات اللازمة عن أسماء هؤلاء الشهداء، لتطلع أبنائها عليها، من قلب الغليان الشعبي والحدث التاريخي المتجدد كل جمعة في الحراك الشعبي. "هذا جانب تثقيفي للحراك الشعبي، دفعني لأعلم أبنائي جزءًا لا يتجزأ من تاريخ بلادهم".
صفحة تُفتح من جديد
تمكن الحراك الشعبي الذي شارف على سابع أسبوع له من فتح صفحة جديدة مع التاريخ الجزائري، إذ عبّرت العديد من الأسر ومعهم الشباب الذين جابوا الشوارع عبر الشارع الرئيسي حسيبة بن بوعلي في قلب العاصمة الجزائرية، عن ضحالة المعلومات التي يحملها الجيل الحالي عن شهداء ثورة التحرير.
حسيبة بن بوعلي نفسها، والتي أطلق اسمها على أهم شارع في العاصمة الجزائرية، ربما يعرف أغلب جموع المتظاهرين، وهم من الشباب، أنها من شهيدات الثورة، لكن كثيرين منهم لا يعرفون شيئًا عن تفاصيل نضالها، وهي التي بدأته في عمر الـ17، وكان لها دور في إطلاق معركة الجزائر من مدينة القصبة رفقة عدد من المجاهدين.
موعد مع التاريخ
الثورات سلسلة مترابطة بعضها ببعض، ومن تحرّكوا لصناعة التاريخ بالأمس وفجروا الثورة التحريرية في الفاتح من تشرين الثاني/نوفمبر هم ستة أشخاص، رسخوا أسماءهم عبر شوارع الجزائر ومختلف الولايات والمؤسسات وحتى المدن التي حملت مآثرهم، كما أعاد الحراك إليها الروح والحيوية والثورية أيضًا.
فمن الشهيد ديدوش مراد نحو ساحة أودان، يأتيك شارع العربي بن مهيدي المتاخم لساحة البريد المركزي، لينقلك شارع كريم بلقاسم إلى ساحة أول مايو، بينما كرمت الجزائر رابح بيطاط ومصطفى بن بولعيد أكبر تكريم.
الثورات سلسلة مترابطة بعضها ببعض، ومن تحركوا اليوم لصناعة الحراك الشعبي هم امتداد لمن تحركوا بالأمس في ثورة التحرير
لقد صنعت الظروف ثورة التحرير، ودفعت خلالها أزيد من مليون ونصف المليون شهيد، في تاريخ حافل وطويل بحجم تلك الجماهير التي خرجت لأجل التغيير، إذ خلدت أسماءها خلال الثورة الجزائرية وأحياها الحراك الشعبي على مدار أكثر من 40 يومًا من الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات والمسيرات.
اقرأ/ي أيضًا: