تأكّد اليوم تعيين ابراهيم مراد وزير الداخلية، مديرا لحملة عبد المجيد تبون الانتخابية، بعد أسابيع من تداول اسمه لتولي هذا المنصب المؤقت الحساس الذي من خلاله تدار التفاصيل السياسية والتقنية للعملية الانتخابية لكل مترشح.
اسم مراد ظل لصيقا بالمناصب الإدارية ولم يعرف عنه الاشتغال في السياسة بمفهومها النضالي أو الحزبي
وجاء اختيار مراد من بين قائمة من الشخصيات كانت مطروحة، بينها وزير السكن طارق بلعريبي ووزير الفلاحة يوسف شرفة وحتى رئيس الحكومة سابقا عبد العزيز بلخادم الذي بدا الحديث عنه أقرب للإشاعة، في ظل غياب الرجل الطوعي عن الساحة السياسية منذ فترة طويلة.
ويشير تفضيل الرئيس تبون لإبراهيم مراد إلى الثقة الكبيرة التي يضعها في شخص هذا الوزير، في منصب يقوم أساسا على القرب والعلاقة الشخصية القوية. ولم يكن ذلك مفاجئا بالنظر إلى الصعود اللافت لاسم إبراهيم مراد خلال عهدة الرئيس الأولى، إلى غاية إشرافه على وزارة الداخلية، وهي أكثر الحقائب حساسية في الحكومة، فهذه الوزارة السيادية تشرف على الإدارات المحلية وعلى الشرطة والحماية المدينة، وهي بذلك عصب حقيقي للدولة وعلى تماس مباشر مع المواطنين يوميا.
وفي مساره، ظل اسم مراد لصيقا بالمناصب الإدارية ولم يعرف عنه الاشتغال في السياسة بمفهومها النضالي أو الحزبي. فبعد تخرجه من المدرسة الوطنية للإدارة (الدفعة العاشرة)، التحق بمنصب متصرف بولاية المسيلة، ثم مكلفا بمهمة بولاية باتنة، ثم رئيس دائرة مليانة بعين الدفلى، فرئيس دائرة بئر مراد رايس بالجزائر، قبل أن يلتحق بسلك الولاة، متنقلا بين ولايات تندوف، بشار، أم البواقي، عنابة، عين الدفلى، تيارت، بومرداس، المدية، فولاية تيزي وزو، قبل أن يصير مكلفا بمهمة برئاسة الجمهورية يشرف على ملف مناطق الظل، ثم وسيطا للجمهورية.
ويؤهل كل ذلك مراد (من مواليد باتنة شرق الجزائر) دون شك، ليتولى إدارة الحملة الانتخابية التي تتطلب معرفة بعمق الجزائر وشبكة علاقات واسعة في مجتمع لا تزال العشائرية والقبلية مكونا فاعلا فيه، ودراية بمشاكل الناس وهمومهم اليومية التي تكون في العادة مادة خصبة في مثل هذه المواعيد الانتخابية، لكل مرشح يريد أن يبني برنامجه على أسس واقعية.
ويمنح اختيار مراد للمنصب، من جانب آخر، انطباعا أوليا حول أولويات الرئيس عبد المجيد تبون في برنامجه الذي لم يُكشف عنه بعد، والذي سيغلب عليه على الأرجح، التفاصيل المتعلقة بالتنمية المحلية وتحسين مستوى وبيئة المعيشة في المناطق المحرومة وإزالة العراقيل البيروقراطية التي تحد من الاستثمار في المناطق الداخلية، وغيرها من القضايا التي تعد استمرارا لفكرة تنمية مناطق الظل التي بدأ بها الرئيس تبون عهدته الحالية.
عدا ذلك، لا يعرف عن مراد تحكمه في ملكة الخطابة وإدارة التجمعات الانتخابية، وهي مسألة لا تشكل عائقا كبيرا أمامه بالنظر لكون منصبه إداري توجيهي بالدرجة الأولى، ناهيك عن أن مساندي الرئيس تبون من رؤساء الأحزاب، سيتكفلون بهذا الجانب في حال قرر الرئيس تنشيط عدد محدود من التجمعات في ظل تزامن الحملة الانتخابية مع فترة تتميز بالحر الشديد.