10-أبريل-2020

عمّال البلدية في حي باب الواد بالعاصمة (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

تُظهر الأرقام المعلنة يوميًا من طرف اللجنة الوطنية لرصد ومتابعة فيروس كورونا في الجزائر، عن ارتفاع في نسبة الوفيات مقارنة بالعدد الإجمالي للمصابين، وبالأرقام المسجّلة في دول العالم وفي المنطقة العربية.

إحصائيات اللجنة الوطنية خلقت عدّة تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء ارتفاع عدد الوفيات بفيروس كورونا

وخلق هذا الاستثناء الإحصائي في الحالة الجزائرية، عدّة تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء ارتفاع عدد الوفيات بفيروس كورونا، خاصّة مع اختلاف التفسيرات لدى المواطنين، وغياب نظرة المختصّين لهذه الحالة الإحصائية.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائريون يستعدّون لشهر رمضان.. زحمة مرورية وخرق لإجراءات الوقاية من كورونا

ارتفاع لافت

سجلت الجزائر يوم  الخميس 9 نيسان/أفريل 30 حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا في ارتفاع لافت، بعدما كانت لا تتعدّى يوم الأربعاء الماضي 12 حالة، وهو اليوم الذي شهد نسبة انخفاض ظاهرة، غير أنها ظلّت مرتفعة مقارنة بعدد الإصابات المسجّلة، ففي يوم  الأربعاء ذاته، أحصت لجنة لرصد ومتابعة فيروس كورونا 104 حالة وفاة منذ انتشار الفيروس في البلاد، ما يعني أن نسبة الوفيات لذلك اليوم تقدر بـ 11.5 في المائة، بينما تقدر النسبة العالمية بنحو 5.5 بالمائة.

وأشارت آخر حصيلة للجنة الوطنية، إلى أن الجزائر أحصت إلى غاية يوم الخميس 9 نيسان/أفريل 94 حالة إصابة جديدة مؤكّدة بفيروس كورونا، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 1666 حالة مؤكّدة، كما سجلت 30 حالة وفاة جديدة ليصل العدد إلى 235 حالة وفاة، وهي الأرقام التي تبقي نسبة الوفيات مرتفعة دائمًا عن النسب العالمية.

وسجلت الجزائر في السابع من الشهر الجاري 20 حالة وفاة بفيروس كورونا المستجد، وفي السادس من نيسان/أفريل الحالي، رصدت 21 حالة وفاة بالفيروس ذاته، كما كانت قد أعلنت لجنة رصد ومتابعة انتشار مرض (كوفيد 19)، في الخامس من هذا الشهر 22 حالة وفاة، فيما كان الرقم قد وصل إلى 25 حالة وفاة في الرابع من الشهر الرابع الحالي.

تفسير المختصّين

وإذا كانت هذه الأرقام قد أحدثت جدلًا وتساؤلات لدى كثير من الجزائريين، الذين لم يفهموا هذا الارتفاع الواضح في نسبة الوفيات، فإن دكتور علم المناعة طه خالدي لا يؤيّد كل من يقول إن نسبة الوفيات بفيروس كورونا في الجزائر مرتفعة عن النسبة العالمية، بل يؤكّد أنها لا تختلف مطلقًا عن النسب المسجّلة في مختلف الدول، مثلما أوضحه لـ "الترا جزائر".

ويرى خالدي، أن عدد الوفيات المعلن ليست أرقامًا دقيقة، لأن تشخيص الحالات المشتبه في إصابتها قليلة مقارنة بعدد الإصابات الحقيقية، مبينًا أنه في الأيام الأولى لانتشار الوباء لما كان معهد باستور يُجري نحو 80 تحليلًا في اليوم، كانت الإصابات في حدود 40 في المائة على الأكثر، ولما أصبح المعهد يجري 200 تحليل أصبحت البلاد تسجل نحو 135 حالة إصابة مؤكّدة، أي بعدل 70 في المائة من عدد الحالات المشتبه بها.

لذلك يدعو الدكتور طه خالدي إلى إجراء تحليل مكثف لمعرفة العدد الحقيقي للمصابين بـ "كوفيد 19" في الجزائر، حيث اعتبر خالدي أن العدد الحقيقي الوحيد المعلن عنه من طرف السلطات هو عدد الوفيات، وهي غير مرتفعة مقارنة بالأرقام التي نسمع عنها يوميًا في العالم.

اعتراف رسمي

لا يُنكر وزير الصحّة الجزائري عبد الرحمان بن بوزيد، أن مصالحه تبقى غير قادرة على إجراء تشخيص مكثّف وشامل لجميع الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس كورونا.

وقال بن بوزيد في مقابلة مع قناة "روسيا اليوم"، إنّ "وسائل الكشف عن الفيروس قليلة جدًا لأن هذا الوباء فاجأ السلطات في الجزائر، ففي البداية كان معهد باستور الوحيد من يملك التجهيزات التي تسمح بتشخيص المصابين، وهذا قبل أن تفتح فروع في ولايات أخرى".

وأضاف الوزير، أن عدد الكشف عن الحالات قليلة جدًا، لذلك قدّمنا طلبية للصين لاستيراد أجهزة الكشف المبكّر، لكن رغم ذلك، يوضح أن ارتفاع عدد الوفيات والمصابين يُمكن رده أيضًا لفتح فروع جديدة لمعهد باستور في 15 ولاية تقوم بتشخيص المصابين، ما مكّن من تحديد المصابين بشكلٍ أكبر.

وعن تباين نسب المصابين والوفيات بين الجزائر ودول العالم، علّل وزير الصحة  في تصريح صحفي نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، أن "بعض البلدان الأوروبية لا تصرح بعدد الموتى خارج المؤسّسات الاستشفائية، في حين لا تقوم أخرى بتحاليل خاصّة بهذا الفيروس، وفي جميع الأنحاء هناك نوع من الخلط، بينما فضلنا نحن في الجزائر اعتماد الشفافية، كما أن عدد الوفيات يبدو مرتفعًا؛ لأننا أخذنا في الحسبان منذ البداية الوفيات الطبيعية التي لم تكن بالضرورة مرتبطة بفيروس كورونا".

تحدي الذروة

يبدي الدكتور طه خالدي في حديثه مع "الترا جزائر"، تفاؤلًا بقدرة الجزائر على تفادي سيناريو الكارثة الإيطالية، خاصّة إذا ما أحسنت التصرّف في مرحلة الذروة، التي يتوقّع أن تكون هذه الأيّام، مع دخول الجزائر الأسبوع السادس من تاريخ تسجيل أوّل إصابة مؤكّدة في 26 شباط/فيفري الماضي.

ويثني طه خالدي على الإجراءات المتّخذة من طرف السلطات بتوسيع الحجر الصحي على جميع الولايات، لكن ربط  الجدوى الكاملة لذلك باحترام المواطنين لإجراءات الحجر، وتجنّب التقارب، خاصة في الطوابير المسجّلة أمام محلات بيع المواد الغذائية، على حدّ قوله.

ويرى دكتور علم المناعة أنه من الأفضل أيضًا على الحكومة إعلان الحجر الإجباري على المواطنين طيلة ساعات اليوم في مرحلة الذروة، للسير نحو السيناريو الصيني وتجنب المشهد الإيطالي والإسباني، خاصّة في حال وصول الأجهزة الطبية ومستلزمات الوقاية التي طلبت من الصين، لأنها ستمكن من التشخيص المكثّف، وستسمح بتحديد المصابين وحصرهم.

يبقى الحلّ الوحيد لخفضها هو التقيّد بإجراءات الحجر والمكوث في البيوت لتجنّب انتشار العدوى

ومهما اختلفت التفسيرات لارتفاع نسبة الوفيات بفيروس كورنا في الجزائر، مقارنة بالنسب المسجّلة في الدول الأخرى، يبقى الحلّ الوحيد لخفضها هو التقيّد بإجراءات الحجر والمكوث في البيوت لتجنّب انتشار العدوى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وزارة الصحة تدعو للمرافقة النفسية للمصابين بكورونا

إعلام الأزمات.. التلفزيون العمومي أمام امتحان استعادة المشاهد الجزائري