17-مايو-2021

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

أعلنت وزارة العدل بداية شهر أيّار/ماي الجاري استرجاع أموالًا منهوبة ومصادرة العديد من العقارات داخل الجزائر، ضمن عملها لمكافحة الفساد، وهي العملية التي كان الرئيس عبد المجيد تبون قد وعد بها في لقائه الأخير مع الصحافة الوطنية، فهل بدأ المسؤول الأول في البلاد الوفاء بأهم التزام قدمه للجزائريين خلال حملته الانتخابية للوصول إلى قصر المرادية؟.

 طرح التأخّر في تنفيذ الالتزام باسترجاع الأموال المنهوبة مزيدًا من الشكّ لدى الجزائريين

وبعد مرور قرابة عام ونصف من انتخابه رئيسًا للبلاد في الـ 12 كانون الأوّل/ديسمبر 2019، لا يزال الجزائريون يترقّبون قدرة الحكومة على استرجاع الأموال المنهوبة خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، خاصة تلك المهربة إلى الخارج.

اقرأ/ي أيضًا: الأموال الجزائرية المهرّبة إلى الخارج.. "الخطة السرّية" للرئيس عبد المجيد تبون

مليار دولار في الخارج

بلغت قيمة المحجوزات المالية من نقود وعقارات التي أعلنت وزارة العدل استرجاعها نحو مليار دولار، حتى ولو قدمت الوزارة قيمتها منفصلة، حيث جاء في بيان سابق لوزارة العدل، أنه تم حجز 52.73 مليار دينار (400 مليون دولار)، منها 39 مليار دينار (300 مليون دولار) صدرت بشأنها أحكام بالمصادرة، كما حجزت الجهات المختصّة 1.95 مليون يورو، منها 678 ألف يورو تمت مصادرتها، فضلًا عن حجز 213 مليون دولار، منها 198 مليون دولار تمّت مصادرتها.

وقال البيان إنه "تم حجز عملات أخرى بمبالغ مالية أقل، علما أن المبالغ المذكورة تأخذ شكلا إما سيولة أو مبالغ موضوعة في الحسابات البنكية"، مضيفا أنه "تم وضع تحت يد القضاء 4766 مركبة، منها 4689 تمت مصادرتها و6 سفن كلها موضوع مصادرة".

وفيما يتصل بالعقارات، فقد "وضعت 301 قطعة أرضية عادية وفلاحية تحت يد القضاء، منها 214 تمت مصادرتها"، كما تم وضع "119 سكن و27 محلا تجاريا تحت يد القضاء، صودرت منها 87 سكنا و23  محلا تجاريا، بالإضافة إلى 21 بناية أخرى محجوزة أو مصادرة''.

 وقبل إعلان وزارة العدل، كان الرئيس تبون قد كشف في مقابلة مع وسائل الإعلام الوطنية شهر نيسان أفريل الماضي عن سماع "أخبار مفرحة" بشأن  ملف استرجاع الأموال المنهوبة في الأيام المقبلة.

مفاوضات مع الأوروبيين

يظهر بيان وزارة العدل أن جل الأموال المسترجعة تتعلق بتلك الموجودة في الجزائر، غير أن الرهان الذي يجب على الرئيس عبد المجيد تبون كسبه مثلما وعد خلال حملته الانتخابية هو استرجاع الأموال الموجودة خارج البلاد.

وحسب تبون، فإنّ أغلب الأموال المهربة، أثناء عهد  الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة كانت وجهتها أوروبا، مبينا أن أغلب دول الاتحاد الأوروبي أبدت استعدادها للمساعدة في تسهيل استعادة تلك الأموال.

واعترف الرئيس تبون، بأن استرجاع الأموال المنهوبة الموجودة في الخارج تتم وفق خطوات قانونية معقدة، وأن عملية التفاوض لن تتم إلا بعد صدور الأحكام النهائية للقضاء في ملفات الفساد.

وأشار الرئيس الجزائري في وقت سابق، إلى مباشرة اتصالات لاسترجاع الأموال المهربة، وحتى العقارات، حيث أوكلت هذه المهمة للسفراء، وقد تمكن السفير الجزائري في فرنسا من استرجاع 46 من الأملاك العقارية.

وفي شهر آب/أوت أوت الماضي، ذكرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية أن القضاء الجزائري طلب من نظيره الفرنسي في إنابة قضائية، ضبط ممتلكات مئات الجزائريين الذين لديهم أملاك في فرنسا.

وبالنظر للعمل القضائي التي تقوم به الحكومة، يظهر أن عملها لن يقتصر على استرجاع الأموال إنما مقاضاة المتورّطين في تهريبها إلى الخارج، بعد أن وقع الرئيس تبون على مرسوم اتفاقية لتسليم المطلوبين للعدالة بين الجزائر وفرنسا، كما وقع فرنسا على مرسوم مماثل.

التزامات انتخابية

لا يتعلّق استرجاع الأموال المنهوبة بالنسبة للرئيس تبون بالحرص على تنفيذ أحكام العدالة، باعتباره القاضي الأول للبلاد فقط، إنما أيضًا بالوفاء بأهمّ التزام قدّمه للجزائريين خلال عهدته الانتخابية.

وكان ملفّ استرجاع الأموال المنهوبة من النقاط التي سجّلها تبون لصالحه خلال المناظرة التلفزيونية بين المترشّحين لرئاسيات الـ 12 كانون الأول/ديسمبر 2019، وقد طرح التأخّر في تنفيذ هذا الالتزام مزيدًا من الشكّ لدى الجزائريين في إمكانية وفاء الرئيس بتعهداته، بالرغم من إجماع معظم الحقوقيين والمحامين على صعوبة تنفيذ هذه المهمّة، بالنظر لاحتكامها لاتفاقيات التعاون القضائي الموقّعة بين الجزائر والدول التي توجد به الأموال، إضافة إلى القوانين الداخلية لهذه الدول والتي لا تقبل بعضها إرجاع هذه الأموال لدول المنشأ.

 الأرقام التي أعلنت عنها وزارة العدل بشأن استرجاع المنهوبة قد تبعث الأمل في الوصول إلى الأموال خارج البلاد

من المؤكّد أن الأرقام التي أعلنت عنها وزارة العدل بشأن استرجاع المنهوبة رغم قلتها، قد تبعث الأمل في الوصول إلى الأموال المتبقية خاصّة الموجودة خارج البلاد، لكن من المؤكد أيضًا أنها ستكون مهمة غاية في الصعوبة، بالنظر إلى حجمها التي قدرتها أوساط غير رسمية بمئات ملايير الدولارات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أوّل خرجة دولية لـ عبد المجيد تبون.. البحث عن شرعية دولية أم تموقع إقليمي؟

تبون في أوّل ظهور له: مشتاقٌ لزيارة منطقة القبائل