دخلت حملة الانتخابات الرئاسية المنتظر تنظيمها في الـ 7 أيلول/ سبتمبر المقبل، الأسبوع الثالث والأخير، إذ اتجه المرشحون الثلاثة ومسانديهم إلى عدد من الولايات في الوطن، منذ الـ 15 آب/ أوت الجاري، لعرض برامجهم وحمل المواطنين على التوجه لمراكز الاقتراع والمشاركة في الاستحقاقات القادمة.
المرشحون للرئاسيات ركّزوا على الجانب الاجتماعي والاقتصادي في خرجاتهم مع لفت انتباه الناخب إلى السياق الإقليمي والتحديات الجيوسياسية
وفي حوصلة عن الأسبوع الثاني من هذه المحطة من مسار الانتخابات الرئاسيات، باشر المرشحون يومهم الـ 15 في أجواء متغيّرة من حيث الخطاب السياسي، وذلك بحسب متغيرات المدن التي زارها كل مترشح، ، وحتّى داعميهم، في مقابل استطاب شعبي متباين بين كل أطراف المثلث الرئاسي.
تصاعد في الخطابات
يعتبر المتابعون للحملة الانتخابية، هذا المستوى من الخطاب، أمر طبيعي، بالنّظر إلى تجربة الانتخابات في الجزائر عمُوما، وظروفها المتحوّلة بحسب السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدولية أيضاً.
تركيز كل المترشحين على الجانب الاجتماعي والاقتصادي هو العنوان الأكبر في أيام الحملة السابقة أي منذ الثامن يوم إلى غاية الرابع عشر منها.
وبذلك نالت الملفات الاجتماعية في علاقتها بالشغل والسكن والشباب والأجور والمنح الخاصة بالمتقاعدين، الحظ الأوفر من كلمات المرشحين أمام المواطنين.
وقال مرشح عن جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، إن البرنامج الذي طرحه "رؤية للغد"، هو برنامج شامل ويرقى لأن سكون لكل الجزائريين، إذ يُشخّص حالة البلد، ويعطي الحلول والمقترحات للنهوض بالبلد، لافتا إلى أنه "تشخيص حقيقي وواقعي للوضعية الحالية".
كما شدّد في هذا الإطار على أهمية إصلاح المنظومة الاجتماعية، وإعادة الاعتبار للطبقة الوسطى، فضلاً عن زيادة منحة دعم السكن، ودعم الشباب ومحاولة زرع الأمل في النّفوس في مكان حالة الإحباط واليأس.
وأضاف أنّ التّغيير ضروري وممكِن بهدف "بناء تدريجي للدولة الديموقراطية ودولة الحق والقانونّ، بعيدا عن الشّعارات".
وزاد: "نحن واقفون إلى جانب الجزائريين ندافع على المحرومين وتكريس الحريات والحقوق".
وقال أوشيش إنّ "المسؤولية تقع على الجميع لمباشرة التغيير وصنعه لبناء دولة ديموقراطية حرة، مشددا على أنّه يريد أن" يبني دولة مؤسسات لا دولة أشخاص من أجل الحد من هيمنة الأشخاص على مؤسّسات الدولة".
الطابع الاجتماعي ومراعاة فئات المجتمع
لم يشذ خطاب مرشح حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف، عن منافسه من حزب "الأفافاس"، إذ قال إنّ الشباب هو العمود الفقري للمجتمع، فعلينا أن نحضيه بعناية فائقة، بعيدا عن المخدرات والبطالة و"اليأس".
وقال صاحب مشروع" فرصة" بأن البرنامج الاقتصادي الذي أطلقه للمنافسة الانتخابية، يحمل "الطابع الاجتماعي بشعار التضامن والتكافل بين كلّ أفراد المجتمع"، لما يصبو إليه من تحقيق الرفاهية.
وشدّد في هذا السياق على أهمية "العنصر البشري باتخاذ منهج المشاركة"، واستهداف "إرساء بيئة جاذبة للاستثمار ومنتجة للثروة".
وبخصوص الجانب الاجتماعي، التزم مرشح حمس في الأسبوع الثاني من الحملة الانتخابية، بـ "دعم القدرة الشرائية للمواطن والاهتمام بالفئات الهشة ومراجعة معاشات التقاعد مع اعتماد منظومة وطنية لتحديد مستويات وأشكال الدعم"، كما جاء في فقرة من فقرات برنامجه الرئاسي.
كما تعهد بالعمل على تطوير آليات مرافقة السكن الريفي وبعث سوق إيجارية متنوعة تحفز على الاستثمار في مجال العقار"، بالإضافة إلى تنويع المنتج السكني لكافة شرائح المجتمع.
السكن والتشغيل أولوية
استمالة الشباب من ِقبَل المرشح الحرّ، عبد المجيد تبون، تمثلت في المستوى الأول حول تعهده بأن يحصل كل شاب تجاوز سنّ الـ 27 سنة من سكن خاص، فيما تعهد ببناء آلاف السكنات ورفع المنح الخاصة بالشباب والطلبة والمتقاعدين أيضا.
في ثاني تجمع شعبي جهوي للمترشح الحرّ، عبد المجيد تبون، خلال التجمع الشعبي الضّخم الذي نشطه الأحد الماضي، بوهران غربي العاصمة، أكد على استمراراه في الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، وذلك عبر استحداث 450 ألف منصب شغل، بالإضافة إلى بناء 2 مليون وحدة سكنية جديدة، مع رفع منحة البطالة إلى 20 ألف دينار، و"رفع مختلف المنح الخاصة بالمتقاعدين والمرأة الماكثة بالبيت والمعوزين والطلبة وذوي الاحتياجات الخاصة لصون كرامتهم".
وفي علاقة هذه المنح بالقدرة الشرائية وارتباطها بمعيشة المواطنين، وعد تبون بمواصلة الحماية الاجتماعية تجاه جميع أفراد المجتمع، إضافة إلى تمكين الشباب من الوصول إلى مراتب عليا في دواليب المؤسسات، و"استحداث طبقة جديدة من الشباب المقاول".
في مقابل ذلك، شهِد الأسبوع الثاني حضوراً لافتاً لمدير الحملة الانتخابية للمرشح الحرّ، عبد المجيد تبون، إذ عرج ابراهيم مراد، في العديد من خرجاته الجوارية على الدعوة للمشاركة بقوة في الاقتراع، فضلاً عن الإعلان عن عدة قرارات تخص التقسيم الإداري وتحويل عدة مدن كبرى إلى ولايات على غرار مدينة خميس مليانة وسيق بمعسكر وغيرها من المدن.
كما كشف مدير حملة المرشح الحرّ عن بلوغ عدد الولايات في الجزائر، 100 ولاية في الفترة القادمة، ما يعزز تكافؤ الفرص وربط المواطنين مباشرة مع المركز وإنشاء أقطاب اقتصادية.
شكلاً أيضاً، شهدت الحملة الانتخابية حالة من الجدل صنعها رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، من خلال تصريحاته التي كانت تصنع الإثارة تارة والتساؤلات أيضا.
كما تناول المتنافسون الثّلاثة تصوراتهم للخمس سنوات المقبلة، مع تقديم تعهداتهم للنّاخبين من أجل المشاركة القوية والتصويت يوم الاقتراع، خصوصا ما تعلّق منها بالقضايا القريبة من المواطن كالسّكن والأجور وتحسين المعيشة.
توجه مستقبلي
من خلال توجّهات الخطابات للمرشحين، يرى المتابعون أنّها تدخل في إطار واقع مفروض يتطلّب النّظرة المستقبلية، والاستِجابة لمتطلّبات المواطنين، وفي هذا الصدد قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إدريس عطية إنّ البرامج التي قدمها المترشحون "ركزت أساسا على التوجهات المستقبلية للجزائر".
وأكّد الأستاذ عطية، في مداخلة له عبر الإذاعة الوطنية، إلى أهمية لفت انتباه المواطن بصفته الناخب إلى "السياق الإقليمي والتحديات الجيوسياسية وكذا التوافق في المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية للجزائر والمسائل الأمنية".