أعلن المجلس الأعلى للأمن في الجزائر، يوم الأربعاء الماضي، أنّ الانتخابات المحلية ستجري في شهر تشرين الثاني/نوفمبري المقبل، وعلى إثره تباينت مواقف الأحزاب السياسية تجاه موعد الاستحقاقات المحلية المقبلة، رغم تحديد شرط تحسن الظروف الصحية المرتبطة بتفشي وباء كورونا، كما جاء في بيان صادر عن المجلس الأعلى للأمن.
براهمية: موقف "جيل جديد" يعتبر أن الانتخابات غير مناسبة في ظلّ الظروف الصحيّة الحالية
ووفق البيان، الذي نشرته صفحة رئاسة الجمهورية على موقع فيسبوك، فقد ربط إجراء الانتخابات المحلية وتنظيمها، بتحسّن الوضع الصحي في البلاد نوفمبر، إذ لا تريد السلطة تفويت هذا الموعد لما له من رمزية تاريخية والوطنية، إذ يقترن الفاتح من نوفمبر بمناسبة انطلاق الثورة التحريرية.
اقرأ/ي أيضًا: الرئيس تبون يقرّر إجراء الانتخابات المحلية في نوفمبر القادم
أولوية الوضع الصحي
في سياق الموضوع، أبدى حبيب براهمية، القيادي في حزب "جيل جديد" في حديث لـ "التر جزائر"، تفهّمه لموقف الرئاسة الجمهورية التي أكّدت على تجديد المؤسّسات المنتخبة، مستدركًا أنّ الوضعية الصحّية اليوم باتت تشكل خطرًا على البلاد، وبالتالي أولى الأوليات، حسبه، هي معالجة انعكاسات الأزمة الصحيّة على حياة الأفراد والأشخاص.
وشدّد المتحدّث أنه لا يمكن الذهاب إلى انتخابات محليّة في ظلّ الظروف الصحية الحالية، مضيفًا أن استدعاء الهيئة الناخبة يكون في نهاية شهر آب/أوت، وانشغال المواطن هي أزمة أكسجين وندرة الأدوية وعدم توفر الأسرّة بالمستشفيات الجزائرية.
وأوضح براهمية أن العملية الانتخابية تقتضي إجراء حملة لجمع الأصوات ومشاركة المواطنين وهذا غير واردٍ حاليًا، وأضح أنّ موقف "جيل جديد" يعتبر أن الانتخابات غير مناسبة في ظلّ الظروف الصحيّة الحالية، وأنّ الأولوية اليوم هي التجنيد لوقف الكارثة الصحية، على حدّ قوله.
ثغرات قانونية
في السياق ذاته، أفاد لخضر بن خلاف، النائب السابق والقيادي في جبهة العدالة والتنمية وجود ثغرات في قانون الانتخابات البلدية والولائية، لا تسمح بالذهاب إلى انتخابات شفافة تعكس الإرادة الشعبية، على حدّ تعبيره.
ودعا بن خلاف في حديث إلى "الترا جزائر" إلى ضرورة مراجعة قانون الانتخابات، وإعادة النظر في عمل السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات، مشدّدًا على وجوب استرجاع صلاحيات المنتخب البلدي وتوسيع من صلاحياته المحلية.
ويتّفق محدثنا مع القيادي في حزب "جيل جديد"، حول مرعاة الوضع الصحي في البلاد، معلقًا بالقول "إن الوضعية الصحية تستدعي إعلان حالة طوارئ صحية".
لمَ التسرع؟
جدير بالذكر، أن عهدة المنتخبين المحليين الحالية تنتهي في سنة 2022، الأمر الذي جعل متتبعين يتساءلون عن جدوى إعلان عن استحقاقات في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، علمًا أن الأمر يستدعي حل المجالس البلدية والولائية مسبقًا، وفي ظلّ الظروف الصحية قد يشكّل فراغًا مؤسساتيًا غير ذي أولوية، علمًا ان المجالس البلدية تقع على عاتقها مسؤولية إدارة المدراس التي تحتضن عمليات التلقيح، إضافة إلى قرب موعد الدخول الدراسي.
وتشهد الجزائر بداية من منتصف شهر تموز/جويلية موجة ثالثة لتفشي فيروس كورونا، وتعرف عدة مستشفيات أزمة حادة في مادة الاكسجين، وعدم توفر أسرة في المستشفيات العمومية والخاصة، حيث بلغت أرقام الإصابات والوفيات أرقامًا قياسية لم تشهدها البلاد منذ ظهور فيروس كورونا، إذ تجاوزت في عدد من المرات 1500 حالة إصابة وأكثر من 40 حالة وفاة يوميًا.
الأطباء يحذرون
من جهتهم، يرى مختصّون في الأمراض الوبائية أنه من الناحية الطبيّة يفترض أن تنخفض وتيرة الموجة الثالثة بعد شهر من الآن. لكن البعض يحذّر من احتمال وجود وانتشار متحور "دلتا بلوس"، أو ظهور موجة رابعة وخامسة مع اقتراب فصل الخريف والشتاء، كما هو الوضع في أوروبا وأمريكا اللاتينية.
ويؤكّد خبراء في الصحة أن إجراء الحملة الانتخابية شهر تشرين الثاني/نوفمبر من الناحية الصحية يشكل خطرًا على الصحة العمومية؛ فالتجمعات واللقاءات تشكّل جيوب انتشار وارتفاع حالات الإصابة بـ "كوفيد- 19".
يُذكر أن المتحور "دلتا" يعد أخطر المتحورات حتى الآن، إذ يتميز هذا المتحور بثلاث طفرات تساعده على التخفّي المناعي وسرعة الانتشار. ويشدد الأطباء أن الرهان الحالي هو توفير قدرات الدولة وأعوانها في مجابهة انتشار الجائحة وتجهيز المستشفيات بلوازم العلاج وتوفير الأكسجين والاسرة وتوسيع عملية التلقيح والتطعيم. وهذا يتطلب تجنيد مؤسسات الدولة وليس الاعتماد على القطاع الصحي فقط.
وكانت الجزائر اعتمدت بروتوكولصا علاجيًا موحّدًا ضد المتحور "دلتا"، حيث أعلن وزير الصحّة، عبد الرحمان بن بوزيد، عن اعتماد برتوكول علاجي جديد موحّد بالجزائر للتكيّف مع متحور "دلتا" لفيروس "كوفيد-19".
وقال الوزير إنه "لدينا برتوكول علاجي معدّل كليًا، لدينا تعليمات بتوجيه تعليمة إلى زملائنا في كافة مؤسّسات الصحّة لاعتماد البرتوكول العلاجي نفسه، إلى جانب توجيهات أخرى تخص عملية التلقيح".
تشكل الانتخابات التي تعتمد على الحملات والعديد من التجمعات التي تشارك فيها أعداد كبيرة خطرًا على صحة المواطنين
تشكل الانتخابات التي تعتمد على الحملات والعديد من التجمعات التي تشارك فيها أعداد كبيرة خطرًا على صحة المواطنين، ويكمن ذلك في مخالفة قواعد السلامة وارتداء الكمامة والتباعد الجسدي، هذا وقد سبق أن ذكرت مصادر إعلامية عن إصابة عدد من المراقبين خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، وفي حال إجراء الانتخابات في التوقيت المعلن، يتوقع مراقبون نسبة مشاركة ضعيفة جدًا نظرًا لتداعيات جائحة كورونا.
اقرأ/ي أيضًا:
شرفي: سجّلنا 400 تجاوز منذ بداية الحملة الانتخابية
معهد باستور: سلالة "دلتا" الهندية تنتشر بنسبة 71 بالمائة في الجزائر