25-أكتوبر-2024
التفاح

(الصورة: فيسبوك)

قرّرت وزارة التجارة بيع المنتوج الوطني من التفاح لهذا الموسم مباشرة من الفلاح إلى المستهلك، في خطوة تكرّرت كثيرًا في الفترة الأخيرة، مبينة أن سبب هذا الإجراء هو مكافحة المضاربة لضبط الأسعار، وعرض المنتوج الزراعي بأثمان معقولة ترضي الزبون. الأمر الذي جعل بعض التجار يتخوفون من أن يصبحوا خارج السلسلة التجارية المتعارف عليها، بما أن عملية البيع تتم دون وسيط.

رئيس المكتب الولائي لـ"ماغرو": الدخلاء الذين كانوا يستفيدون من هوامش ربح عالية هم من لا يوافقون على هذه الإجراءات لأنها تساعد في القضاء على التجارة الفوضوية الموازية المتسببة في رفع الأسعار

ومع الارتفاع المسجل في الأسابيع الأخيرة في أسعار بعض المنتجات الزراعية، ومنها التفاح، تحاول وزارتي التجارة والفلاحة اللتين تعرض المسؤولان عنهما لانتقادات من طرف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء الأخير اتخاذ كل الطرق لخفض هذه الأسعار وجعلها في متناول المواطن البسيط.

مرة جديدة

أطلقت وزارة التجارة بالتعاون مع وزارة الفلاحة قبل أيام عملية البيع المباشر لمنتوج التفاح من الفلاحين المنتجين إلى المستهلكين مباشرة، عقب إجراء مجانية العرض في الفضاءات التجارية لمنتجي هذه الفاكهة الهادف إلى الحد من ارتفاع الأسعار وكسر سلسلة المتدخلين فيها.

وقالت وزارة التجارة في بيان إن العملية تأتي تنفيذا لمخرجات الاجتماع المشترك بينها وبين وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الداعي إلى اتخاذ مجموعة من التدابير للحد من ارتفاع أسعار التفاح، من بينها فتح فضاءات بيع مباشر مجانا لفائدة الفلاحين بأسواق الجملة التابعة للشركة العمومية "ماغرو"، ووضع أكثر من 144 نقطة بيع تحت تصرف الفلاحين لتسويق منتوجهم مباشرة للمستهلك بما فيها الفضاءات التجارية الكبرى.

وليست المرة الأولى التي تطلق الوزارة هذه العملية، فقد شملت سابقا أيضا منتوج العنب، الأمر الذي سمح بتسويقه بكميات معتبرة، وإن لم ينزل سعره في الغالب عن 100 دينار.

وقال رئيس المكتب الولائي لوكلاء تجار الجملة للخضر والفواكه "ماغرو" لوادي العثمانية، في ولاية ميلة، يعقوب بحاري لـ"الترا جزائر" إنه تم تسويق فاكهة العنب على مستوى سوق وادي العثمانية الذي يقده تجار 58 ولاية بـ40 دينارا فقط هذا الصيف.

ومنتصف شهر أغسطس أوت الماضي، افتتح وزير التجارة الطيب زيتوني في بلدية برج منايل التابعة لولاية بومرداس على افتتاح السوق الموسمي لتسويق العنب.

وقال زيتوني وقتها إن هذه المبادرة "ترمي بشكل كبير إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على الفلاح وعلى الإنتاج, والمساهمة في نفس الوقت في تصدير الفائض من منتوج هذه الفاكهة وخلق حركية تنموية بالمنطقة التي تحيط السوق."

وضمن هذه العملية، تم فتح سوق للثوم بولاية ميلة، وسوقين للتمور بورقلة وبسكرة و سوقين للطماطم و البطاطا بوادي سوف.
وتنظم الحكومة قبل وخلال شهر رمضان أسواقا جوارية تباع فيها مختلف السلع من المنتج مباشرة للمستهلك، حيث لا تقتصر أحيانا على المنتجات الفلاحية فقط.

وبداية شهر تشرين الأول أكتوبر الجاري، كشف وزير التجارة عن تنظيم 7 أسواق موسمية متخصصة لتسويق المنتجات الفلاحية.

ضدّ الوسطاء

وحسب الوزير زيتوني، فإن هدف البيع المباشر للمنتجات الفلاحية للمستهلك هو التحكم في أسعارها من خلال تقليل الوسطاء بين المنتج والمستهلك.

وأشار إلى أن العمل جارٍ حاليا "لخلق سلسلة وطنية رسمية وواضحة للفضاءات أو الأسواق التجارية المتخصصة في منتج معين عبر الوطن، بهدف الحد من المتدخلين و الوسطاء في عملية البيع لحماية المستهلك والإنتاج والمنتج (الفلاح)".

وقال المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك فادي تميم لـ"الترا جزائر" إن البيع المباشر للمنتجات الزراعية سيخفض هوامش ربح تجار  الجملة والتجزئة والوسطاء التي قد تصل أحيانا إلى ضعف الأسعار رغم إضافة تكلفة الفلاح.

واعتبر فادي تميم هذه الخطوة رسالة تحذيرية موجهة من السلطات العمومية إلى المتلاعبين بأسعار المنتجات الفلاحية، والتي مفادها ضرورة ضبط نشاط هؤلاء الوسطاء أو اللجوء إلى استبداله أو إلغائه، خاصة والسلطات تعمل على التحول نحو الفضاءات التجارية الكبرى.

لكن رغم هذا يرى ممثل جمعية حماية المستهلك أن هذا الإجراء الحكومي يبقي حلًا مؤقتًا لفرض سيطرة الدولة على السلاسل التجارية التي تضمُّ في الجزائر للأسف سمسارًا ووسيطًا ضمن عناصرها.

تأثير؟

يتخوف صغار تجار التجزئة من أن يؤدي تعميم بيع المنتجات الفلاحية في حال أقدمت عليه السلطات ليشمل جميع المناطق سواء الحضرية أو الريفية أن يؤثر عليهم سلبا، كونه سيمس مصدر رزقهم بما أن المستهلك لن يكون مضطرا للشراء من تاجر التجزئة في توفر معروض بأسعار الجملة موجهة للمواطنين مباشرة.

لكن فادي تميم يرى أنه في الوقت الحالي لن تتسبب الخطوة الحكومية في التأثير على تجار التجزئة، بما أن البيع المباشر لم يعمم على كل المناطق، خاصة مع وجود طلب متزايد، وهو ما يجعله غير مؤثر بشكل مباشر على السلسلة التجارية، لأن تأثيره الجذري الوضح سيكون بتعميمه في كل الأماكن والمناطق لتمكين جميع المستهلكين من الاستفادة من هذه الصيغة في البيع.

وقال فادي تميم إن منظمة حماية المستهلك "لا تريد الإضرار بمصالح أي طرف من عناصر السلسلة التجارية، لكنها تشدد على ضرورة وجود سلسلة تجارية سوية وتتعامل بالقانون وبالفاتورة لكي تكون لدينا مرجعية في الأسعار، ولا يتم استغلال المنتج المتمثل في الفلاح من قبل الوسطاء، لأن السلسلة الحالية تستغل الفلاح حقا من خلال أصحاب المربعات في أسواق الجملة".

فادي تميم: "حماية المستهلك" تشدد على ضرورة وجود سلسلة تجارية سوية وتتعامل بالقانون وبالفاتورة لكي تكون لدينا مرجعية في الأسعار

ويدعم رئيس المكتب الولائي لوكلاء تجار الجملة للخضر والفواكه "ماغرو" لوادي العثمانية في ولاية ميلة عملية البيع المباشر كونها تقلص من الوسطاء الذين يتسببون في رفع الأسعار، ولا تؤثر مطلقًا على التجار لأنها تسمح للتاجر الوكيل ببيع هذه المنتجات الفلاحية، كما تخلق منافسة بين التاجر والفلاح تخدم المستهلك."

وقال يعقوب بحاري لـ"الترا جزائر" إن "الدخلاء الذين كانوا يستفيدون من هوامش ربح عالية هم من لا يوافقون على هذه الإجراءات لأنها تساعد في القضاء على التجارة الفوضوية الموازية المتسببة في رفع الأسعار."

وبالنسبة لممثل جمعية حماية المستهلك فادي تميم، فإن البيع المباشر للمنتجات الفلاحية هي مقدمة لخطوات ستتخذها وزارة التجارة لضبط أسواق الجملة على المستوى الوطني بجعل التجار يلتزمون بهوامش ربح معقولة، لأن الأسعار المرتفعة سببها الأساسي بعض الفراغات القانونية أو تلك الموجودة في السلسلة التجارية.