تكفل القوانين الجزائرية وفي مقدمتها الدستور حق التعليم لجميع الأطفال حتى سن الـ 16 سنة، بل إن عدم تمكين القصر من ذلك يعد انتهاكًا يعاقب عليه القانون، غير أن كثيرًا من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة محرومين من هذا الحقّ حتى في الألفية الجديدة، لعدّة أسباب منها ما هو متعلق ببيروقراطية الإدارة وغياب الإمكانيات، ومنها ما هو متعلّق بغياب برنامج خاص بهذه الفئة على مستوى ولايات الوطن.
ما يعيشه أطفال الشلل الدماغي عانى منه المصابون بالتوحد لسنوات، حيث حُرموا هم أيضًا من التعليم لسنوات
ورغم الأموال التي ترصدها الحكومة سنويًا لوزارتي التربية والتضامن للتكفل بتعليم الأطفال المصنّفين ضمن فئة ذوي الاحتياجات الخاصّة، إلا أن مئات الأطفال مازالو محرومين من حقّهم في المقاعد البيداغوجية والمرافق الخاصّة بالتعليم والتكوين.
اقرأ/ي أيضًا: وزير التربية: نرفض تسييس المدرسة الجزائرية
احتجاجات الأولياء
في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، التقى أولياء الأطفال المصابين بالشلل الدماغي القادمين من مختلف ولايات البلاد في وقفة احتجاجية بمقام الشهيد بالعاصمة الجزائر للتعبير عن امتعاضهم من عدم اهتمام السلطات بمطالبهم، وأولاها تخصيص أقسام مكيفة لأطفالهم لتسهيل عملية تعليمهم.
وقال خالد مضوي، وهو والد طفل مصاب بالشلل الدماغي لـ "الترا جزائر" إن ابنه التحق بالمدرسة بشق الأنفس، وهو اليوم في الثانية ابتدائي ويحقق نتائج ممتازة تصل إلى معدل 9 من 10، مضيفًا أن الوصول لهذه النتائج تطلب جهدا كبيرًا، بالنظر إلى أن ابنه يدرس ضمن الأقسام التعليمة العادية بسبب غياب أقسام مكيفة لهذه الفئة من الأطفال.
ويشير خالد إلى أن ابنه رغم ذلك من المحظوظين مقارنة بأقرانه من المصابين بالشلل الدماغي، بالنظر إلى أن كثيرًا من المؤسسات التعليمية ترفض استقبال هذه الفئة من الأطفال، بحجة أن الأساتذة يقولون إنهم غير قادرين على تعليمهم لأن حالاتهم الذهنية والحركية تتطلب توفر ظروف خاصة.
وتتحدث تقارير غير رسمية عن إحصاء الجزائر لـ 15 ألف طفل مصاب بالشلل الدماغي يعيشون معاناة حقيقية مع أوليائهم بسبب غياب مراكز للعلاج والتعليم المكيف.
ولفت خالد مضوي إلى أن الأولياء راسلوا مختلف الجهات المسؤولة في البلاد، للنظر لهذه البراءة بدءًا بوزارات التربية والتضامن والصحة وصولًا للوزارة الأولى، لكن نداءهم بقي حتى اليوم دون رد، لذلك سيعملون على نقل انشغالهم إلى رئاسة الجمهورية.
بعد سنوات
ما يعيشه أطفال الشلل الدماغي عانى منه المصابون بالتوحد لسنوات، حيث حُرموا هم أيضًا من التعليم لسنوات، حيث لم يحصلوا على هذا الحق إلا في الموسم الدراسي الحالي.
وخلال الموسم الدراسي، قرّرت الحكومة في اجتماعها أيلول/سبتمبر الماضي دراسة جهاز التكفل الـمدرسي بالأطفال الـمصابين باضطرابات طيف التوحد، تحسبًا للدخول الـمدرسي 2021 ـ 2022، والمتضمن اتخاذ تدابير من قبل قطاعات التضامن الوطني، والتربية الوطنية، والصحة.
وبمقتضى هذه التدابير، تقرر فتح 238 قسمًا متخصصًا في الـمجموع لفائدة الأطفال على مستوى الأطوار الثلاثة للتعليم الأساسي، مع ضمان مرافقتهم بالطب الـمدرسي.
وتنص التدابير التيسيرية لفائدة التلاميذ الـمصابين باضطرابات طيف التوحد، السماح بمرافقتهم وإعانتهم من طرف مساعدي الحياة الـمدرسية، لاسيما أثناء الاختبارات والامتحانات الوطنية.
وجاء هذا القرار بعد ما قرّر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء الـمنعقد بتاريخ 18 أفريل/نيسان 2021، فتح أقسام خاصة بهذه الفئة من الأطفال، بإيجاد أنسب الآليات التي تسمح بالتكفل بهم.
لكن رغم هذا القرار الذي يعتبر تاريخيا في المدرسة الجزائرية، إلا أن التكفل بالمصابين بالتوحد يبقى غير مكتمل، وذلك بسبب غياب الأساتذة المختصين لتعليم هذه الفئة، بالنظر غلى أن التكوين في المدارس العليا للأساتذة يكون موجها بالأساس للتلاميذ العاديين، كما أن المعلمين الموظفين وفق المسابقات الخارجية لا يخضعون هم أيضا لتكوين يخص ذوي الاحتياجات الخاصة.
يظل هؤلاء الأطفال محرومون من حقهم في التعليم الذي يضمنه لهم الدستور ومختلف التشريعات الجزائرية والدولية
وإلى أن تعمل الحكومة على توفير أقسام مكيفة خاصّة بكل فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، يظل هؤلاء الأطفال محرومون من حقهم في التعليم الذي يضمنه لهم الدستور ومختلف التشريعات الجزائرية والدولية، وهو ما يبقى لطخة فيما تقوم به المدرسة الجزائرية بشأن القضاء على الأمية وضمان التعليم لجميع الفئات.
اقرأ/ي أيضًا: