الترا صوت – فريق التحرير
كان الأسبوع الأخير أصعب أسابيع الحراك الشّعبي في الجزائر، منذ انطلاقه يوم 22 شباط/فبراير الفائت، من زاوية الخوف من أن يتحوّل الصّراع من الشّعب والرّئاسة إلى الشّعب ومؤسّسة الجيش، بعد أن تدخل رئيس الأركان ونائب وزير الدّفاع أحمد قايد صالح واقترح على المجلس الدستوريّ تطبيق المادة 102 المتعلقة بإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية، بكلّ ما يترتّب عنها من إجراءات، منها أن يصبح رئيس مجلس الأمّة قائمًا بأعمال رئيس الجمهوريّة إلى غاية انتخاب رئيس جديد في أجل أقصاه ثلاثة أشهر.
خرج الملايين في الولايات الجزائرية الثّماني والأربعين، مطالبين بتطبيق المادّة السّابعة من الدّستور، والقاضية بأنّ الشّعب هو مصدر السّلطات، عوض المادة 102 التي قالوا إنّ الشّعب والزّمن تجاوزاها
رأى البعض وجاهة في هذا الحلّ الذّي ذهب إليه قائد الأركان، من زاوية أنّه الحلّ الدّستوريّ الوحيد المتبقّي لتجنيب البلاد منزلقات محتملة، ورأى البعض أنّ الوقت بات متأخّرًا عن تطبيق المادّة 102، الذّي سيمنح في هذا السّياق فرصة لفلول النّظام للاستمرار في المستقبل، لأنّ رئيس مجلس الأمّة عبد القادر بن صالح كان يُعدّ الرّجل الثّاني في نظام بوتفليقة منذ عام 2002.
اقرأ/ي أيضًا: حراك الجزائر.. ثورة الشباب على بوتفليقة والأبوية
لم يحدث أن اهتمّ الجزائريّون بالمسائل القانونية والدستورية، مثلما فعلوا هذه الأيّام، حيث قالت إدارة موقع البحث غوغل إنّ الموقع تلقّى مليون نقرة بحث عن المادّة 102 من الدّستور الجزائريّ. ويقول الباحث والنّاشط سعيد جاب الخير لـ"ألترا صوت"، إنّ هذا دليل على أنّ شباب الحراك ليسوا مجرّد متهوّرين كما حاول بعض وجوه الجماعة الحاكمة أن يشيعوه عنهم، بل هم متشبّعون بروح المسؤوليّة، "لقد صار الجميع يعرف مضمون المادّة 102 من الدّستور وما ينجرّ عن تطبيقها".
ظهر ذلك جليًّا أمس في مسيرات الجمعة السّادسة، التّي عُدّت أكبر عددًا وتنظيمًا منذ انطلاق الحراك. ففي الولايات الثّماني والأربعين خرج الملايين مطالبين بتطبيق المادّة السّابعة من الدّستور، والقاضية بأنّ الشّعب هو مصدر السّلطات، عوض المادة 102 التي قالوا إنّ الشّعب والزّمن تجاوزاها، في رسالة إلى المؤسّسة العسكريّة مفادها أن الشّعب يريد مرحلة انتقاليّة تشرف عليها وجوه يرضى عنها هو نفسه للإشراف على انتخابات حقيقيّة تكون مقدّمة لحياة ديمقراطية بديلة عن الفساد، الذّي ميّز فترة بوتفليقة، التّي دامت عشرين سنة.
تميّزت مسيرات الجمعة السّادسة بكثرة صور مجاهدات ومجاهدي ثورة التّحرير، "في تأكيد من المتظاهرين على البعد الثوريّ للحراك، فنحن لسنا ضدّ ثورة التحرير بل ضدّ من خانها من الحكّام والمسؤولين، حتى أنّهم أوصلونا إلى استيراد القمح من فرنسا، التّي فقدنا مليونًا ونصف المليون من الأرواح لإخراجها"، كما يقول الناشط أسامة بلخضر لـ"ألترا صوت". يضيف: "يمكننا أن نعدّ هذا الحراك النسخة الثانية من ثورة التحرير، بعد تحرير الجغرافيا سنحرّر الإنسان".
عكس بعض التوقعات، لم يتخلّ المتظاهرون عن اللّهجة الودّيّة في الشّعارات، التّي توجّهوا بها للمؤسّسة العسكريّة. وحملوا شعارات جديدة مفادها أنّ الدّعوة لتفعيل المادة 102 تُعدّ نصف الحلّ، مطالبين بحلول إضافيّة حتّى يُصبح تفعيلها ذا جدوى.
اقرأ/ي أيضًا: ثلاث خواطر من داخل الحراك السّلميّ في الجزائر
من تلك الحلول، أن يستقيل رئيس مجلس الأمّة غير المرضيّ عنه عبد القادر بن صالح، ويتمّ انتخاب رئيس جديد للمجلس وتشكيل حكومة بوجوه نظيفة وغير متورّطة في الفساد سابقًا، حتّى تشرف على المرحلة الانتقاليّة بعد إعلان شغور منصب الرّئيس.
لم يحدث أن اهتمّ الجزائريّون بالمسائل القانونية والدستورية، مثلما فعلوا هذه الأيّام، حيث قالت إدارة موقع البحث غوغل إنّ الموقع تلقّى مليون نقرة بحث عن المادّة 102 من الدّستور الجزائريّ
وينسى الدّاعون إلى ذلك أنّ انتخاب رئيس جديد لمجلس الأمّة وإقالة حكومة نور الدّين بدوي، التي لم تتشكل بعد، وتعيين حكومة أخرى يرضى عنها الشّعب، لن يتحقّق إلى على يد الرّئيس صاحب الشّرعيّة الدّستوريّة إلى غاية يوم 28 نيسان/أبريل الدّاخل، وهي خطوة مستبعدة في ظلّ تمسّكه بالحكم إلى آخر لحظة. بل إنّ هناك توقعات بإقدامه على إقالة قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح بسبب دعوته إلى تطبيق المادة 102. وهو القرار الذي سيدخل البلاد في صراع أجنحة لن تكون عواقبه سهلة.
اقرأ/ي أيضًا: