23-يناير-2022

(الصورة: فيسبوك/التراجزائر)

ينتظر أن تباشر الحكومة نقاشًا واسعًا حول تعديل قانون الممارسة النقابية، وسط ترقب من الطبقة الشغيلة والشركاء الاجتماعيين الذين يطالبون بأن تحافظ المراجعة التشريعية الحقوق المكتسبة وتدعيمها أكثر لتتواءم مع ما تدعو إليه منظمة العمل الدولية.

يعتقد رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية أن الحكم على أيّة إعادة نظر في قوانين الممارسة النقابية سيكون مرهونًا بمدى جدية السلطات في تنفيذ النصوص القانونية

ورغم إقرار الجزائر التعدّدية النقابية بداية من 1990، إلا أنها لم تصل برأي البعض إلى المستوى الذي تضمنته القوانين، نظرًا لاعتماد السلطة الازدواجية في التعامل مع الشركاء الاجتماعيين، فقد نظرت على الدوام إلى النقابات المستقلة بخصومة على عكس حوارها مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين.

شاهد: تغطية لهذا الملف والملفات الإخبارية الراهنة عربيًا ودوليًا على شاشة التلفزيون العربي أخبار

تطليق السياسة

ناقش مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون الأحد الماضي للمرّة الثانية الأحكام المقترحة لكيفية ممارسة الحق النقابي، ووجّه تبون تعليمات للحكومة بـ "الشروع في فتح النقاش الواسع حول مقترحات كيفية ممارسة الحقّ النقابي، وفقًا لمضامين الدستور، والقوانين السارية للجمهورية، والقوانين الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العمل النقابي ركيزة من الركائز الديمقراطية، كما هو مكرس في الدستور".

وشدد تبون على "العودة إلى أبجديات العمل النقابي المعمول به دوليًا، والمتمثلة في الدفاع عن حقوق العمال وترقية مناخ العمل، والابتعاد نهائيا ـ ضمن القانون ـ عن الممارسات السياسوية، والارتباط العضوي بين النقابات والأحزاب".

وهذه هي المرّة الثانية التي يناقش فيها مجلس الوزراء ملف ممارسة الحق النقابي، ففي الاجتماع الأول الذي جرى بتاريخ 2 كانون الثاني/جانفي الجاري، قال تبون إن "ممارسة الحق النقابي ركيزة أساسية، من ركائز الديمقراطية، وأن دستور 2020 يكفل ويكرس هذا الحق"، مؤكدًا أن مراجعة قانون كيفيات ممارسة النشاط النقابي، ينبغي أن تتماشى ولوائح المكتب الدولي للعمل.

وشدّد تبون على أن "يراعي القانون ضوابط التمثيل الحقيقي للنقابات، بعيدًا عن التمييع، إضافة إلى إشراك النقابات القطاعية، في استحداث آليات قانونية لتقييم الأداء النقابي، والفصل بين العمل النقابي، والمسؤولية في التسيير، والانتماء السياسي."

عدم مواكبة

قدم البرلماني والنقابي السابق مسعود عمراوي قراءة في منشور وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي رقم  002 المؤرخ في 19كانون الأوّل/ديسمبر 2021 المعدل والمتمم للمنشور رقم 009 المؤرخ في 19 ماي 1997 المتعلق بتمثيلية المنظمات النقابية.

وقال عمراوي لـ"الترا جزائر" إن "المنشوران  002 و009 اعتمدا على المادتين 34 و 37 من القانون 90/14 المؤرخ في 02 حزيران/جوان 1990 المعدل والمتمم بالقانون 91/30 المتعلق بكيفيات ممارسة العمل النقابي في تمثيلية المنظمات النقابية".

واعتبر عمراوي أنّ "المنشور 002 لم يأت بأي جديد لأنه اعتمد كلية على القانون 14/90 السالف الذكر والذي تجاوزه الزمن لأنه صدر إقرارًا للتعددية النقابية، و لم يحين بالرغم من المستجدات التي طرأت على الساحتين الوطنية والدولية، فالوطنية عرفت اعتماد نقابات في مختلف القطاعات، والدولية عرفت إلزام الجزائر من قبل المكتب الدولي للعمل بوجوب مسايرة قانون 14/90 بما وردفي المعاهدات والاتفاقيات التي صادقت عليها".

وأشار عمراوي إلى أن "المنشور مايزال يعترف فقط بتمثيلية المنظمات النقابية التي تحوز على 20% على الأقل من تعداد إجمالي مستخدمي القطاع، ولم يراع أبدًا التعداد الهائل من النقابات في مختلف القطاعات، علمًا أن القانون 90/14 اعتمد نسبة التمثيل 20% على الأقل في بداية التعددية حيث نجد في بعض القطاعات اعتماد نقابة أو نقابتين، إذ لم يساير التغيير الحاصل".

 ولفت النقابي السابق بالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين إلى أنّ "القانون 14/90 يقر بوجود مجالات أخرى للتمثيل النقابي على المستوى الوطني وليس فقط نسبة التمثيل المقدرة بـ 20% على الأقل ومن أهم هذه المجالات التمثيل على مستوى لجان المشاركة بالنسبة للقطاعات الاقتصادية، في حين أغفل القانون إدراج التمثيل النقابي على مستوى لجان الموظفين بالنسبة لقطاع الوظيفة العمومية الذي لم تدرجه  وزارة العمل في منشورها الأخير، وهي عملية مهمة جدا لأنها تعبر بحق عن تمثيلية المنظمات النقابية، والغريب أن بعض مديريات التربية خلال هذه السنة حرمت نقابات من المشاركة في انتخابات لجان الموظفين بحجة عدم تمثيليتها لجهلها بالقانون؟ فمن أين استمدت هذا التشريع ؟"

ترقية

أمّا رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية الدكتور إلياس مرابط، فشدد في حديثه مع "الترا جزائر"، على أن تحافظ أي مراجعة لتشريعات الممارسة النقابية أولا على المتكسبات المحققة سابقا التي نص عليه القانون 90-14، والمتمثل في حق العمال في تأسيس نقابة وحق التفاوض وحق الإضراب.

ويعتقد مرابط أن الحكم على أيّة إعادة نظر في قوانين الممارسة النقابية سيكون مرهونًا بمدى جدية السلطات في تنفيذ النصوص القانونية، ومنها الحق في إنشاء الاتحادات والكونفدراليات التي يسمح بها القانون الحالي، والذي يبقى تنفيذه  والحصول عليه محتكرًا لصالح الاتحاد العام للعمال الجزائريين.

وذكر ؤئيس نقابة الصحّة أن كونفدرالية النقابات المستقلة التي استلمت وصل إيداع الملف في 2018 لم تحصل حتى اليوم على وصل التسجيل لاعتماد الكونفدرالية بصفة نهائية.

وأشار المتحدّث إلى أن الحكومة مطالبة اليوم  بفتح نقاش واسع وحقيقي إذا كانت جادة في تنظيم وترقية الممارسة النقابية في البلاد، وذلك بالعمل على إلزام مختلف الوزارات القطاعية بتسهيل التعددية النقابية في مختلف قطاعات العمل، داعيًا في الإطار ذاته إلى ضرورة رفع  السلطة وصايتها عن الشركاء الاجتماعيين لتنقية العمل النقابي من الانتهازيين والاستغلال الحزبي.

وبدوره، يُلفت عمراوي  إلى أنه بالرغم من أن " الساحة النقابية شهدت ميلاد نقابات كثيرة، ففي قطاع التربية فقط يتواجد بها 33 تنظيمًا نقابيًا وبالرغم من ذلك مازال حرمان اعتماد كنفدرالية النقابات الجزائرية، قائما بالرغم من أحقيتها في ذلك  بناء على القانون 14/،90 خاصة المادة 39 التي تخصّ الفدراليات والاتحادات والكنفدراليات، والمادة نفسها  ما زالت لا تعترف إلا بالأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني".

وأضاف أنه "حتى ولو تم اعتماد الكنفدرالية  ستبقى نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين وحدها في الساحة، بحجة أنها الأكثر تمثيلًا للقيام للمشاركة في مجالس إدارة صناديق الضمان الاجتماعي، والمجالس المتساوية الأعضاء في الوظيفة العمومية، وتقويم وإثراء التشريع والتنظيم المتعلقين بالعمل، والتفاوض بشأن الاتفاقيات والاتفاقيات الجماعية التي تعنيهم، والتشاور أثناء تأدية المخططات الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية".

عمراوي: آن الأوان لتعديل القانون 14/90 خاصّة ما تعلق بشق التمثيلية النقابية الذي ما فتئت النقابات تطالب به لمسايرة ومواكبة التطورات الحاصلة

وبالنسبة لعمراوي، فإنه "قد آن الأوان لتعديل القانون 14/90 خاصّة ما تعلق بشق التمثيلية النقابية الذي ما فتئت النقابات تطالب به لمسايرة ومواكبة التطورات الحاصلة، مع ضرورة إشراك الشركاء الاجتماعيين في تعديل هذا القانون باعتبارهم المعنيين  بالدرجة الأولى".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 الأطباء الخواص على خطى المحامين يهددون بالإضراب بسبب رفع الضريبة

أطباء شباب جزائريون.. هاجس العيادة الخاصة