20-فبراير-2022

الرئيس الجزائري في ضيافة نظيره القطري بالدوحة (فيسبوك/الترا جزائر)

أثمرت زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى دولة قطر، بدعوة من أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عن توقيع أربع اتفاقيات ومذكرات تفاهم، خلال زيارة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى الدوحة.

منذ وصول عبد المجيد تبون إلى قصر المرادية كان يعلن في كلّ مرة عن وجود رغبة في التقارب بين الجزائر والدوحة

وقالت رئاسة الجمهورية في بيان لها، إن الزيارة تندرج في إطار تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين، ودفع أطر التعاون الثنائي، وأبرزت أن الرئيس الجزائري سيشارك في القمة السادسة لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز، التي تنعقد في الدوحة.

اقرأ/ي أيضًا: أمير قطر: نعتزّ بالعلاقات الأخوية مع الجزائر

ووفق بيان لرئاسة الجمهورية فإنه ووقع على الاتفاقية الأولى، المتعلقة بإقامة المشاورات السياسية والتنسيق بين وزارتي خارجية البلدين، كل من وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، رمطان لعمامرة والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري.

زيارات متبادلة   

في سياق العلاقات الجزائرية- القطرية، جدير بالذكر أنه منذ وصول عبد المجيد تبون إلى قصر المرادية، كان يعلن في كلّ مرة عن وجود رغبة في التقارب بين الجزائر والدوحة، أملتها الظروف والأحداث الإقليمية في المنطقة، والرغبة في تعميق التعاون الثنائي، فقد استقبل  الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، الشهر الماضي، وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، الذي زار الدوحة في إطار جولة عربية وخليجية.

وفي شبّاط/فيفري من عام 2020، كان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد زار الجزائر، وتناول اللقاء حينها مختلف القضايا الإقليمية والدولية وسبل تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.

في هذ الصدد، استطاعت  الدبلوماسية الجزائرية الوقف على الحياد خلال الأزمة القطرية مع الدول الخليجية، إذ لم تتموقع الجزائر إلى جانب السعودية في خطوة مقاطعة الدوحة رغم العلاقات الأخوية والتقليدية بين الجزائر والرياض، ودعت الجزائر البيت الخليجي إلى الحوار الهادئ، وتغليب المصلحة العربية أمام التحديات الإقليمية والدولية.

إلى هنا، حملت الزيارة الودية التي أداها ناصر الخليفي، رئيس مجلس إدارة مجموعة "بي إن سبورت" القطرية إلى الجزائر إشارات سياسية قوية، وجاءت هذه الزيارة بعد قرار السلطات الجزائرية اعتماد قناة الجزيرة التي كانت محظورة لعقدين من النشاط في الجزائر، حيث وتؤكد الزيارة وجود مؤشرات إيجابية في مستقبل العلاقات الجزائرية-القطرية.

في هذا الشأن، أعلن حفيظ دراجي، المعلق الرياضي على قناة "بي إن سبورت" على صفحته في الفيسبوك أن السلطات الجزائرية توافق رسميًا على فتح مكتب "بي إن سبورت" في الجزائر.

علاقات تاريخية

أمّا في سياق العلاقات التاريخية بين الجزائر وقطر، تجدر الإشارة إلى مساهمات قدمها القطريون من أجل الثورة التحريرية، في هذا الإطار، مصادر تاريخية وشخصيات ثورية شاركت في مفاضات اتفاقية إيفيان على غرار رضا مالك، ذكرت أن حاكم قطر السابق الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني وضع قصره بسويسرا تحث تصرف وفد الحكومة المؤقتة والوفد المفاوض.

من جانبه، يساهم التعاون الجزائري- القطري في تنويع الاقتصاد المحلي، وُيشكل مصنع الحديد والصلب، شرق الجزائر، التي قامت مجموعة "قطر ستيل" باستثمار ملياري دولار، بطاقة إنتاجية 4.2 مليون طن سنوي، حيث سطّرت الشركة محاور المرحلة المقبلة إلى التوجه نحو التصدير، بعد تشبع السوق المحلية.

وتعدّ شركة "أوريدو" المتخصّصة في مجال المعلومات والتكنولوجيا، رائدة في قطاع الاتصالات وهي واحدة من أقوى الشبكات في مجال الخدمات والاتصالات. 

في هذا السياق، ذكر الطيب شباب، رئيس غرفة التجارة والصناعة، أن قطر أكبر مستثمر عربي في الجزائر وتستحوذ على 74 في المائة من مجموع الاستثمارات بالجزائر. مشيرًا إلى ارتفاع في حجم التبادل التجاري بين البلدين، مشيرًا إلى وجود نحو 115 شركة جزائرية-قطرية مشتركة، وأضاف رئيس غرفة التجارة والصناعة أن هناك رغبة في توسيع حجم الاستثمارات خاصة في مجال البتروكيماويات.

المحور الجزائري- القطري يعزز مجال الغاز

وتَعتبر الجزائر في مجال إنتاج الغاز، واحدة من الدول الأكثر إنتاجًا، فقد بلغ الإنتاج الحالي في حدود 65 مليار متر مكعب، وتسعى إلى الوصول إلى 140 مليار متر مكعب أفاق 2023، وتغطي حاجيات أوروبا بنسبة 11 في المئة، بعد روسيا والنرويج، وأهم الزبائن إيطاليا، برتغال، اسبانيا، فرنسا، بريطانيا، وتركيا.

وترتبط الجزائر بأوروبا عبر ثلاثة أنابيب تعبر البحر المتوسط، أولها يمر عبر تونس إلى الجزيرة الصقلية الإيطالية، والثاني عبر آلميريا الإسبانية، والثالث أنبوب الغاز"ميدغاز"، يربط الجزائر-إسبانيا بطاقة تمويل من 8 إلى 10 مليار مكعب سنويًا، وتعتبر الجزائر ثالث احتياطي عالمي في مجال الغاز الصخري.

وستعزز الجزائر من وجودها في السوق الأوروبية والتمويل بالغاز الطبيعي، عبر تجسيد أنبوب الغاز العابر للصحراء (تي. أس.جي.بي)، وهو مشروع استراتيجي مشترك بين نيجيريا والنيجر والجزائر، ويبلغ امتداه 4.128 كلم/ يمتد من الأراضي النيجيرية  وصولًا إلى الجزائر ومنه تسويق الغاز النيجيري إلى الأسواق الأوروبية، وتبلغ تكلفة المشروع في حدود 10 مليار دولار.

مشاركة الجزائر في المنتدى.

وتكمن أهمية مشاركة الجزائر في قمة دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز، التنسيق مع الدوحة ودول المصدرة للغاز، لضبط وتحديد الأسعار، وترتيب كميات الإنتاج العالمي، وتقسيم الحصص، ودراسة الانعكاسات التفاعلية للازمة الروسية-الغربية، وتتشارك كل من الجزائر وقطر الرؤية حول إستراتيجية إنتاج الغاز وضبط الحصص والأسعار بناء على تصريحات مسؤولي البلدين، وبدورها تحاول الجزائر طمأنة الشركاء الأوربيين بقدرتها على استمرار التموين بالغاز الطبيعي المميع نحو أوروبا. 

مخاوف حرب الروسية- الأوكرانية

يأتي اجتماع المنتدى الدول المصدرة للغاز في ظل توترات جيوسياسية في شرق أوروبا، بين روسيا وأوكرانيا، ومخاوف متزايدة عن حدوث أزمة تمويل بالغاز للدول أوروبا في حالة نشوب صراع في شرق أوروبا، علما أن روسيا أكبر مصدر للقارة العجوز، ويضم المنتدى 11 دولة عضو، وهي: الجزائر، وبوليفيا، ومصر، وغينيا الاستوائية، وإيران، وليبيا، ونيجيريا، وقطر، وروسيا، وترينيداد وتوباغو، وفنزويلا.

كما يضم المنتدى سبعة دول أعضاء بصفة مراقبين وهم: أنغولا، وأذربيجان، والعراق، وماليزيا، والنرويج، وبيرو، والإمارات، وقد نشر المنتدى على موقعه الإلكتروني، أن إجمالي أعضائه يشكلون 70 بالمئة من احتياطيات الغاز المؤكدة، و44 بالمئة من إنتاجه المسوق، و52 بالمئة من خطوط الأنابيب، و51 بالمئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم

أهمية السوق الجزائرية

ويسعى الاتحاد الأوروبي بدوره إلى إيجاد بدائل للغاز الروسي في حال نشوب أزمة طاقة، في هذا المجال، اعترف رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيف بوريل بقدرة الجزائر على تموين الغاز نحو أوروبا، وأشار إلى وجود محدثات منتظمة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر بخصوص تصديرات الغاز نحو أوروبا.

من جهته، يؤكد خبراء في المجال الطاقوي أن الغاز بات منتوجًا استراتيجيًا، إذ تحول من إطار تجاري واقتصادي إلى مكون أساسي في التحالفات الدولية والتكتلات السياسية، ومن شأن الأزمة القائمة بين روسيا والغرب إعادة النظر كليا في استراتيجيات الطاقوية، والبحث عن مصادر الطاقة عبر تحالفات جيو سياسية.

 تأتي زيارة الرئيس تبون إلى الدوحة وسط ملفات معقدة على رأسها قمة اجتماع دول الجامعة العربية

على العموم تأتي زيارة الرئيس تبون إلى الدوحة وسط ملفات معقدة، على رأسها قمة اجتماع دول الجامعة العربية، واستمرار الأزمة الليبية، والسياق السياسي الباعث على أزمة تمويل بالغاز، وهي فرصة للتنسيق بين الجزائر وقادة الدول المصدرة للغاز والدوحة لتعزيز ضمان استقرار الأسواق العالمية عبر تكتل جيوسياسي-طاقوي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الرئيس تبون يصل إلى الدوحة

أمير قطر: الجزائر لها تاريخ مشرف في حلّ الكثير من النزاعات