19-يناير-2022

(الصورة: العربي الجديد)

منذ تفشّي فيروس كورونا، وفرض إجراءات الحجر الصحي، والحماية والوقاية من وباء "كوفيد-19"، لم تَعد شوارعنا الصباحية تستقبل أفواج التلاميذ والطلاب العابرين إلى المدارس، فقد أقرّت وزارة التربية الوطنية ضمن الإجراءات الحمائية والوقاية العمل بنظام التفويج منذ سنتين وتقلّص الحجم الساعي للدروس، وصار يُعتمد فقط على تدريس المواد الأساسية في كامل الأطوار التعلمية الثلاثة.

 تقرير البنك الدولي: 70 % من الأطفال في سن العاشرة غير قادرين على قراءة نص بسيط

أسوأ أزمة تعليمية

في ظلّ استمرار جائحة كورونا، بات التحصيل المدرسي والمعرفي مقلقًا، فبحسب تقرير البنك الدولي فإن 70 في المائة من الأطفال في سن العاشرة غير قادرين على قراءة نص بسيط، وهذا نتيجة إغلاق المدراس لفترات طويلة، وضعف النتائج التعليمية على رغم جهود الحكومات في ضمان التعلم عن بعد.

اقرأ/ي أيضًا: تلقيح تلاميذ البكالوريا.. هذا توضيح اللجنة العلمية لكورونا

وأضاف التقرير أنّ مئات من الطلاب فقدوا على الأقل سنة واحدة كاملة من التعليم بسبب "كوفيد-19"، الأمر الذي يعدّ أكبر خسارة في رأس المال البشري وأسوأ أزمة تعليمية يعرفها القرن الحالي، مضيفًا أن عواقب الإغلاق المدرسي وتراجع الحجم الساعي للدروس ستنعكس نتائجه السلبية لعقود قادمة، ويوسّع أوجه عدم المساواة في النظم التعلمية، وحرمان الفتيات من التعليم.

نتائج كارثية

في هذا الموضوع، يؤكّد الأستاذ شريف مرسلي، أن نظام التفويج أثر بشكلٍ سلبي على التحصيل المدرسي للتلاميذ، موضّحًا في حديث إلى "التر جزائر" أن النظام التعليمي الجاري تسبب في جملة من السلوكيات والذهنيات السلبية لطالب، كعدم التركيز والمتابعة، والتهاون وعدم الانضباط المدرسي، وأشار إلى أن النظام التعليمي القائم غرس في الطلاب التقاعس والاتكال.

أما من الناحية البيداغوجية يقول شريف مرسلي أن تلاميذ شعبة الأدب والفلسفة على سبيل الذكر لا الحصر من غير الممكن لهم استيعاب الدروس في ظلّ ثلاث ساعات في الأسبوع، يضاف إلى كلّ هذا الأزمة الصحية وما ترتّب عنها من تقليص حجم الساعي للدروس، إذ شكلت الإضرابات عاملًا سلبيًا آخر انعكس على التعليم وسلوك الطلاب، على حدّ قوله.

في هذا الإطار، يقترح مرسلي لتجاوز الأزمة، تحديد عتبة الدروس من فصلين، على أن "يتم العمل على تطبيق البرنامج بشكل علمي وبيداغوجي، للتحكم في الدروس ودرجة استيعاب التلاميذ".

استخدام الانترنت

رغبة الأستاذ مرسلي في تعليم التلاميذ، جعلته يعتمد على استراتيجية تستند إلى الإنترنت والتواصل الافتراضي، واستخدام مواقع السوشيل ميديا ومقاطع الفيديو من أجل تقديم الدروس التعليمة، وبالمناسبة داعا المتحدث إلى تعميم استخدام الوسائل العصرية في التعليم عن بعد، خاصّة التلاميذ في مرحلة الثانوية.

جدير بالذكر، أن وزارة التربية أطلقت برامج تعلمية عبر محطات التلفزيون، لكن التجربة لم تتجاوز عتبة السنة الواحدة، لغياب استراتيجية مدروسة في مساندة التعليم عبر بعد. 

الدروس الخصوصية

وعلى ضوء أزمة التعلم وتراجع المستوى التعليمي، تلجأ كثير من العائلات الجزائرية إلى حصول أبنائهم على دروس خصوصية، رغم الأعباء والتكاليف المالية، هنا، توضّح مديرة وكالة بنكية، أنها من أنصار التعليم العمومي، لكن نظام التفويج دفع بها إلى تسجيل أبناءها في حصص الدروس الخصوصية، والاعتماد على المدرسين الخصوصيين لتعويض النقص والتركيز أكثر.

تبلغ ساعتان من الدروس الخصوصية الفردية 2000 دج، أما الدروس الخصوصية في الأقسام تتراوح ما بين 1500  إلى 2000 دج شهريًا لكل مادة، حيث تقول سارة في حديث إلى "التر جزائر" إنّ النظام التعليمي الحالي فَرض على عاتقها أعباء مالية مُكلفة، إذ يتابع أحد أبناءها ثلاثة دروس خصوصية من طور التعليم المتوسط، وثانية طالبة تجتاز امتحانات شهادة البكالوريا وتتلقى مدرس خصوصي لمادتي العلوم والرياضيات.

الإيجابيات والسلبيات

وتٌشكل ظاهرة الدروس الخصوصية إحدى إشكاليات التعليم في الجزائر، التي تختلف الآراء حولها، بما تفرزه من إيجابيات وسلبيات تتباين المواقف بحسب كل أسرة؛ إذ أن التعليم بهذه الطريقة لا يخضع لرخصة من الجهات الحكومية أو تفتيش ومراقبة من طرف وزارة التربية، ويَنشط البعض خارج الأطر القانونية والتنظيمية. إضافة إلى الاستغلال المادي للعائلات وتحويل التعليم إلى تجارة مربحة.

هنا، يقول السيّد نور الدين، الموظف العمومي، أنه اختار الدروس الخصوصية لأحد أبنائه بعد تقليص توقيت التمدرس لمدّة سنة كاملة، الأمر الذي أثر عليه وأدى إلى تراجع مستواه في مادتي اللغة العربية والفرنسية بشكل كبير، زيادة على عدم قدرته على التركيز في البيت، بحسب تعبيره.

 يأمل محدّثنا أن يتحسن تحصيل ابنه في المواد الأساسية، من خلال متابعة الدروس الخصوصية، ويعلّق بالقول: "لا يمكن لوم وزارة التربية والأساتذة على نظام التفويج، إذ أنّ إجراءات السلامة والوقاية من فيروس كورونا أولى أولويات السلطات السياسية والصحية.. لابد من التفكير في أزمة التعليم مستقبلًا لهؤلاء التلاميذ".

تمثّل مواجهة أزمة التحصيل المدرسي، والتغلب على مشاكل التعليم في البلاد، تحدّيًا كبيرًا للأوليا والجهات الوصية

عمومًا، تمثّل مواجهة أزمة التحصيل المدرسي، والتغلب على مشاكل التعليم في البلاد، تحدّيًا كبيرًا للأوليا والجهات الوصية، لأن تقليص الحجم الساعي في المدرسة سيكون على انعكاسات كبيرة لا يمكن توقعها في الوقت الحالي، إذ لا بدّ من التفكير في مواجهة الأزمة التي باتت تهدد مستقبل المتمدرسين، وبدل تهديد النقابات بالإضرابات يجب على جميع الفاعلين سد الثغرات والتصدي للجائحة التي تواجه مستقبل أطفالنا في التعلم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر ترفع درجة التأهب تحسبًا للموجة الرابعة من فيروس كورونا

2700 مصاب بكورونا في المستشفيات الجزائرية